بعد إقرار التعديلات الدستورية.. بونتلاند تسحب اعترافها بالحكومة الصومالية
أعلنت ولاية بونتلاند، أمس الأحد، انسحابها من النظام الاتحادي في الصومال إلى حين الموافقة على تعديلات دستورية أقرّتها الحكومة المركزية في استفتاء على مستوى البلاد، مشيرة إلى أنها لم تعد تعترف بالرئيس حسن شيخ محمود كرئيس شرعي للبلاد.
وقالت الولاية، التي تتمتع بحكم شبه ذاتي، إنها "ستتجنّب المؤسسات الفيدرالية"، مطالبة بإجراء استفتاء كامل على التغييرات في دستور الدولة الواقعة في القرن الأفريقي.
وأعلنت بونتلاند، التي تقع في شمال شرق الصومال الغني بالنفط، الحكم الذاتي في العام 1998، ومنذ ذلك الحين تشهد العلاقات توتراً بين الولاية والحكومة المركزية.
وكان البرلمان الصومالي قد وافق، السبت، على العديد من التعديلات الدستورية، بما في ذلك خطط العودة إلى الاقتراع العام في الوقت المناسب لإجراء الانتخابات المحلية في شهر حزيران/يونيو المقبل.
وأشار مجلس الوزراء في ولاية بونتلاند، في بيان، بعد اجتماع المجلس برئاسة الرئيس سعيد عبد الله داني في جاروي إلى أنّ: إدارة بونتلاند سحبت اعترافها وثقتها بمؤسسات الحكومة الفيدرالية حتى يتم التوصل إلى عملية دستورية صريحة ومقبولة من الطرفين".
وأضاف البيان: "ستتمتع بونتلاند بسلطة حكومية شاملة خاصة بها حتى يتم إنشاء نظام حكم فيدرالي مع دستور صومالي مقبول من الطرفين ويخضع لاستفتاء عام".
هذا وتصرّ حكومة بونتلاند على الاعتراف فقط بنسخة 2012 من الدستور الصومالي، الذي تقول إن حكومة مقديشو تسعى إلى تغيير بنود فيه.
من جهتها، أكدت الحكومة الصومالية أنّ التعديلات ضرورية لإقامة نظام سياسي مستقر، وهي تشمل نظاماً انتخابياً جديداً لشخص واحد وصوت واحد، وإدخال انتخابات رئاسية مباشرة والسماح للرئيس بتعيين رئيس للوزراء من دون موافقة البرلمان.
وكان رئيس مجلس الشعب الصومالي شيخ آدن محمد نور مادوبي أعلن، يوم السبت، الموافقة المجلس بغرفتيه البرلمان والشيوخ على تعديلات دستورية.
وبحسب مادوبي، فإن التعديلات تشمل تغيير نظام الحكم في البلاد من البرلماني إلى الرئاسي، ومنح رئيس البلاد سلطة تعيين رئيس للوزراء، واعتماد نظام الاقتراع العام المباشر بدلاً من انتخابه عن طريق البرلمان، وتمديد الفترة الرئاسية إلى 5 سنوات بدلاً من 4 سنوات.
وأشار رئيس البرلمان إلى أن 254 عضواً في مجلس الشعب أيّدوا القرار من أصل 275 عضواً، إلى جانب تأييد 42 من أصل 45 عضواً في مجلس الشيوخ.
يشار إلى أن النظام المجزّأ في الصومال أدى إلى حدوث اقتتال داخلي في البلاد، إلى جانب استغلال الجماعات المسلحة الأوضاع لتنفيذ خططها كما تفعل حركة "الشباب"، وفق ما ذكرت مصادر متابعة.
كما تعرّضت الخطط الجديدة لانتقادات باعتبار أنها تهدف إلى تركيز السلطة لدى الهيئة التنفيذية، وقد عارضت سلطات الولاية هذه التغييرات، متّهمة الرئيس حسن شيخ محمود بانتهاك الدستور وفقدان شرعيته.
وكانت بونتلاند واحدة من عدة ولايات لم تشارك في محادثات الإصلاح ولم يوقّع عليها رئيسها سعيد عبد الله دني.
وفي شهر أيار/مايو الماضي، نظّمت بونتلاند أول انتخابات مباشرة لها منذ عام 1969 خلال انتخابات المجالس المحلية، قبل أن تعود إلى نظام الاقتراع القائم على العشائر خلال الانتخابات البرلمانية في كانون الثاني/يناير الماضي من العام الجاري.
كما عارض الرئيس الصومالي السابق محمد عبد الله فرماجو الإصلاح قائلاً إن العملية المستخدمة لتحقيق نظام رئاسي غير قانوني.
يذكر أنه بعد عقود من الصراع، تعاني الصومال من صراع دموي تقوده حركة "الشباب"، إلى جانب الكوارث الطبيعية التي تضرب البلاد، بما في ذلك الجفاف الشديد الذي ترك الملايين يواجهون خطر الجوع.
وكانت الحكومة الصومالية وولايات البلاد أعلنت، العام الماضي، أنّ الانتخابات ستجرى اعتباراً من 2024 بناءً على مبدأ "شخص واحد صوت واحد"، بموجب اتفاق تاريخي يضع حداً لنظام انتخابي غير مباشر ومعقّد يثير جدلاً.
وتوصل الاتفاق، خلال مؤتمر المجلس الاستشاري الوطني في الصومال، إلى الانتقال من رئيس البلاد ورئيس الوزراء إلى الرئيس ونائبه في الهيكل الحكومي للدولة، مع تشكيل لجنة انتخابية وطنية، على أن تُجرى الانتخابات مطلع العام المقبل 2024.
تجدر الإشارة إلى أن الخلاف مع بونتلاند يأتي في ظل أزمة تشهدها مقديشو مع أرض الصومال، التي بدأت تتصرّف بعيداً عن هيمنة الحكومة المركزية وهو ما اتضح بعد توقيعها مذكرة تفاهم مع إثيوبيا، في خطوة يرى مراقبون أنها تمهّد لنيلها الاستقلال النهائي.
في المقابل، رفضت الحكومة الفدرالية التوجّهات التي يسعى إليها إقليم "أرض الصومال الانفصالي"، وأكدت أن الولاية هي جزء من دولة الصومال، حيث أعلن الرئيس الصومالي أنه لن يقبل بأن تؤخذ "قطعة من أرض البلاد"، واصفاً الخطوة بأنها "انتهاك صارخ للقوانين الدولية ولا يمكن تنفيذها إطلاقاً" وفق تعبيره.
وقد وقّع الرئيس الصومالي على قانون بإلغاء الاتفاقية، وقال إن هذا القانون هو الموقف الرسمي للصومال، وأنه يعتبر "رسالة قوية لكل من يريد الغزو البري والبحري والجوي للشعب الصومالي".
في المقابل، يبدو أن دولتي إثيوبيا وأرض الصومال ماضيتان في تطوير مذكرة التفاهم بينهما، مستندتين إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تكفل للدول الحبيسة حق عقد اتفاقات مع الدول الساحلية للوصول إلى البحر والاستفادة من خدمات الموانئ.
وكانت وكالة الأنباء الصومالية ذكرت، أمس الأحد، أن المجتمع الدولي أشاد بالمصادقة على بعض مواد الدستور من قبل البرلمان الفيدرالي والرئيس، حسن شيخ محمود، وبجهود الحكومة في تعزيز عملية الديمقراطية في البلاد.
وقالت الوكالة نقلاً عن بيان المجتمع الدولي: "وكما دعم المجتمع الدولي جهود الحكومة الفيدرالية والبرلمان الفيدرالي في تحقيق التقدم نحو تأمين حكم ديمقراطي شامل عبر عملية استكمال الدستور، وذلك بما يضمن امتثال البلاد للالتزامات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولا سيما حقوق الأطفال".
وأضاف البيان: "يعرب أصدقاء الصومال عن تفاؤلهم بمواصلة التعاون مع الصومال لتعزيز دورها على الساحة الدولية، ويشددون على ضرورة مضاعفة الجهود لبناء التوافق من خلال عملية شاملة، مع التأكيد على التصميم الجاد الذي تبديه الحكومة".
وتابع: "وفي ظل هذه التطورات الإيجابية، يأمل المجتمع الدولي في مواصلة تحقيق النجاح لبناء نظام حكم شامل وفعّال يحافظ على حقوق الإنسان ويعزز الديمقراطية في الصومال".