"نيويورك تايمز": تهديد ترامب لـ"الناتو" يعكس تحولاً عالمياً في مكانة واشنطن

صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقول إنّ الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، يعتبر أنّ حلف "الناتو" والتحالفات الأخرى لم تعُد تمثل مصالح الولايات المتحدة.
  • الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب (أرشيفية)

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أنّ تهديد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، لحلف شمال الأطلسي "الناتو" يعكس تحولاً أوسع في مكانة الولايات المتحدة في العالم.

وأوردت الصحيفة أنّ الرفض العميق للبنية الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تمّ بناؤها في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، يخدم كتذكيرٍ بمدى التحول الذي طرأ على مفهوم القيادة الأميركية في العالم في السنوات الأخيرة. 

وأوضحت، في تقريرٍ لها، أنّ التحالفات التي كان يُنظر إليها ذات يومٍ على أنّها "حصن الحرب الباردة"، يُنظر إليها الآن على أنّها "طائر القطرس" الذي عفا عليه الزمن، من قبل شريحة كبيرة من الجمهور الأميركي الذي يناشده ترامب.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الإجماع القديم الذي استمرّ حتى في السنوات الأولى بعد نهاية الحرب الباردة قد اهتز تحت وطأة العولمة، والحروب في العراق وأفغانستان، والركود الكبير في فترة 2008-2009، وهجوم ترامب المتواصل على المؤسسات والاتفاقيات الدولية.

وفي حين تُظهر استطلاعات الرأي أنّ أغلب الأميركيين ما زالوا يدعمون حلف شمال الأطلسي وغيره من التحالفات، فإنّ الاعتراضات الصريحة المتزايدة في بعض الأوساط تعود إلى قرنٍ مضى عندما كان قسمٌ كبير من الأميركيين يريد أن يُتركوا وشأنهم، وفق "نيويورك تايمز".

وأضافت الصحيفة أنه "من المؤكد أنّ طفرة الانعزالية الجديدة على الأممية ستكون الموضوع الرئيسي للمناقشة في مؤتمر ميونخ الأمني، الذي يُفتتح يوم الجمعة، حيث تحاول نائبة الرئيس كامالا هاريس، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومسؤولون أمريكيون آخرون طمأنة الحلفاء المضطربين".

وبحسب ما تابعت، "لم يسبق لترامب أن رأى الأمر بهذه الطريقة من قبل". وفي حين كان "مرناً" من الناحية الأيديولوجية في العديد من القضايا على مرّ السنين، فإن أحد الثوابت التي تعود إلى الثمانينيات كانت اقتناعه بأنّ الولايات المتحدة قد تعرضت للهجوم من قبل الحلفاء في مجالات التجارة والهجرة والأمن.

"أميركا أولاً".. شعارٌ يعكس انعزالية

وذكرت الصحيفة أنّ ترامب ومستشاريه "يرفضون وصف الانعزاليين لصالح القوميين"، قائلين إنّه نظراً للتغيرات التي شهدها العالم منذ تفكّك الاتحاد السوفياتي، فقد "حان الوقت لإعادة التفكير في الأولويات الأميركية لعصرٍ جديد"، متناولة قولهم إنّ حلف "الناتو" والتحالفات الأخرى "لم تعد تمثل مصالح الولايات المتحدة".

كما أردفت الصحيفة بأنّ كل رئيس أميركي تولى الإدارة منذ نهاية الحرب الباردة، وعد بتركيزٍ أكبر في الداخل الأميركي، بعد ما صوره على أنه اهتمام كبير في الخارج، على الرغم من أن معظم هؤلاء الرؤساء وجدوا صعوبةً في الارتقاء إلى مستوى ذلك.

ومع ذلك، لم يكن أي من هؤلاء الرؤساء الأخيرين معادياً للتحالفات والاتفاقيات الدولية مثل ترامب، الذي لم يهدد بالخروج من "الناتو" فحسب، بل حاول أيضاً من جانب واحد سحب القوات من ألمانيا وكوريا الجنوبية، إضافةً إلى سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ، والاتفاق النووي الإيراني، واتفاقية التجارة الحرة للشراكة عبر المحيط الهادئ، ومؤسّساتٍ دولية أخرى.

كذلك، لفتت إلى أنه يمكن العثور في الولايات المتحدة على الاستياء من التحالفات على اليسار واليمين على حد سواء، حيث يشعر الليبراليون بخيبة أمل بسبب حربي العراق وأفغانستان، وأكثر استعداداً لإلقاء اللوم على توسع حلف شمال الأطلسي في العدوان الروسي، فيما المحافظون أكثر تشككاً في الأجانب وتصميماً على تأكيد ما يعتبرونه مصالح أميركية.

ويعكس شعار ترامب "أميركا أولاً" ذلك الشعار الذي استخدمه الانعزاليون قبل الحرب العالمية الثانية، وهي المجموعة التي فقدت مصداقيتها فيما بعد باعتبارها "متعاطفة للغاية" مع النازيين أو "ساذجة" تجاههم. وحتى عندما روى ترامب تاريخ الشعار، "تجاهل هذا العيب واحتضنه باعتباره تعبيراً بليغاً عن رؤيته للعالم"، وفق الصحيفة.

ونقلت الصحيفة عن هيذر أ. كونلي، رئيسة صندوق "مارشال" الألماني للولايات المتحدة، وهي مجموعة تروّج للعلاقات عبر الأطلسي، قولها إنّ المشكلة تكمن في أنّ الرأي العام الأميركي أصبح لا يرى سوى تكلفة التحالفات، وليس القيمة التي تجلبها. 

وأشارت كونلي إلى أنّ القوى المناهضة لأميركا تعمل بشكلٍ متزايد على تشكيل تحالفاتها الخاصة، مشيرةً إلى تقارب مصالح روسيا والصين وإيران وحتى كوريا الشمالية.

اقرأ أيضاً: "بلومبرغ": على الولايات المتحدة الخروج من الشرق الأوسط قريباً

المصدر: نيويورك تايمز