وزير العدل الفلسطيني للميادين نت: ننسّق مع جنوب أفريقيا في الدعوى أمام محكمة العدل الدولية
مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والمجازر المرتكبة بحقّ الشعب الفلسطيني، رُفعت الأصوات للمطالبة بملاحقة "إسرائيل" ومحاسبتها جنائياً عن جرائمها التي توصف بأنها جرائم إبادة جماعية، وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية أمام المحكمة الجنائية الدولية.
كما رفعت جنوب أفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية ضد "إسرائيل" لانتهاكها اتفاقية الأمم المتحدة لمنع ومعاقبة الإبادة الجماعية لعام 1948، من خلال الأفعال التي ارتكبتها في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وطلبت إصدار أمر احترازي معجّل لـ"إسرائيل" بوقف عملياتها العسكرية في قطاع غزة.
وفي خطوة استثنائية أعلنت "تل أبيب" أنها ستحضر جلسات اجتماع المحكمة التي ستعقد يومي 11 و12 من الشهر الجاري.
وزير العدل الفلسطيني، محمد الشلالدة، اعتبر في مقابلة مع "الميادين نت" أنّ ما تمارسه "إسرائيل" في قطاع غزة والضفة الغربية هو انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ويجب مساءلتها ومحاسبتها كسلطة قائمة بالاحتلال عن جرائمها.
دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية
وقال وزير العدل الفلسطيني "للميادين نت" إنّ فلسطين تنسّق بشكل كامل مع جمهورية جنوب أفريقيا في الدعوى القضائية التي تقدّمت بها أمام محكمة العدل الدولية والتي تتمتع بقيمة قانونية هامة جداً لأنها ترتكز على مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي الجنائي.
واستندت جنوب أفريقيا في رفع دعواها إلى المادة 9 من اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 التي تتيح للدول الأطراف أن ترفع قضايا أمام محكمة العدل الدولية في حال ارتكاب جريمة إبادة جماعية. وجنوب أفريقيا هي دولة طرف في الاتفاقية، وأول إجراء سيتخذه قضاة المحكمة هو اتخاذ تدابير مؤقتة أو احترازية لوقف الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في أسرع وقت إلى حين أن تنظر المحكمة بالدعوى الأصلية.
وأضاف الوزير الفلسطيني بأنّ الجريمة المرتكبة في قطاع غزة هي جريمة إبادة جماعية لتوفّر ركنيها المادي والمعنوي، اللذين يتطلّبهما تعريف الإبادة الجماعية المذكور في اتفاقية الإبادة الجماعية. "فالركن المادي متوفّر ويتجلّى في قتل الشعب الفلسطيني وتجويعه والتهجير القسري لأطفال غزة، كذلك يتوفّر الركن المعنوي، أي القصد الجنائي الخاص، من خلال تصريحات المسؤولين الإسرائيليين كتصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير التراث الإسرائيلي الذي لم يستبعد استخدام قنبلة نووية ضد قطاع غزة، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي دعا إلى محو قرية حوارة الفلسطينية".
ودعا الوزير الشلالدة الدول العربية والإسلامية إلى أن تحذو حذو جنوب أفريقيا وتنضمّ إلى دعواها ضد "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية، لأنّ ذلك يشكّل إجماعاً دولياً بارتكاب "تل أبيب" جرائم إبادة جماعية بحقّ الشعب الفلسطيني.
"إسرائيل" ملزمة بتطبيق قرار محكمة العدل الدولية
وحول احتمال امتناع "إسرائيل" عن تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية المحتمل صدوره بوقف إطلاق النار في غزة، يقول الوزير الشلالدة إنّ محكمة العدل الدولية هي جهاز قضائي تابع للأمم المتحدة فيها قضاة حياديون ومستقلون، وهي ليست سياسية وتنظر في الدعاوى على أسس قانونية وقرارها ملزم لـ"إسرائيل" التي هي طرف فيها وقبلت المثول أمامها، وبالتالي يحقّ لجنوب أفريقيا أن تلجأ إلى مجلس الأمن لتطبيق القرار في حال لم تلتزم "إسرائيل" به.
أما عن سبب قبول "إسرائيل" المثول أمام محكمة العدل الدولية في سابقة تاريخية، فرأى الوزير بأنه من الأفضل لـ"إسرائيل" أن تمثل وتدافع عن نفسها بدفوعها العلنية والشفوية حتى يكتمل الملف.
المحكمة الجنائية الدولية
أما فيما يتعلّق بالإجراءات التي اتخذتها فلسطين أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسؤولين والقادة الإسرائيليين، فقال وزير العدل الفلسطيني إنّ دولة فلسطين انضمت إلى النظام الأساسي للمحكمة ونُشر النظام في الجريدة الرسمية، وأحالت فلسطين إلى "الجنائية الدولية" عبر وزارة الخارجية ملفات لانتهاكات "إسرائيل" بحق الشعب الفلسطيني كملف الأسرى وملف الاستيطان وجرائم حرب غزة عام 2014.
وتابع الشلالدة "حالياً نحيل كافة البلاغات والوثائق عن جرائم إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية، وننتظر من المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الإسراع في التحقيق في جرائم إسرائيل، وأن يصدر قرار التوقيف بحق المسؤولين والقادة الإسرائيليين بدءاً بنتنياهو وصولاً إلى المسؤولين والقادة الميدانيين".
ودعا وزير العدل الفلسطيني الدول العربية والإسلامية إلى الانضمام لنظام "روما الأساسي" والمطالبة بالتحقيق في جرائم "إسرائيل"، فأوكرانيا عندما أحالت القضية المتعلقة بها إلى المحكمة الجنائية الدولية كان هناك أكثر من 40 دولة طالبت بالتحقيق، وفيما يتعلق بفلسطين أحالت 6 دول فقط القضية أمام المحكمة وطالبت بالتحقيق في جرائم "إسرائيل".
ودعا الشلالدة أيضاً الدول العربية والإسلامية إلى أن تسنّ في تشريعاتها الجزائية الاعتراف بالاختصاص القضائي العالمي سنداً للمادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 إذ يمكن من خلالها مساءلة أي قائد أو ضابط إسرائيلي أمام المحاكم الوطنية العربية بدلاً من محاكم الدول الأوروبية التي تعترف بالاختصاص القضائي العالمي بذلك.
وشدّد على أنّ ما تمارسه "إسرائيل" في قطاع غزة هو جريمة إبادة جماعية وجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، تنعقد عليها المسؤولية الجنائية الفردية الشخصية والمسؤولية الدولية التي تتحمّلها "إسرائيل" كسلطة قائمة بالاحتلال.
كما أكّد أنّ جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية لا تسقط بالتقادم، وفلسطين مصمّمة على ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي أمام المحاكم الدولية كافة.
اغتيال العاروري
قبل عدة أيام اغتالت "إسرائيل" نائب رئيس حركة حماس، الشهيد صالح العاروري، في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي هذا الإطار قال الوزير الشلالدة إنّ "هذه الجريمة تضاف إلى الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، وهي جريمة حرب تتحمّل إسرائيل المسؤولية الجنائية الفردية الشخصية عن ارتكابها".
أميركا شريكة في جرائم "إسرائيل"
وأشار الوزير الشلالدة إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية من خلال استخدامها حقّ النقض الفيتو ضد قرارات مجلس الأمن التي تطالب "إسرائيل" بوقف حربها على قطاع غزة، وأيضاً من خلال إرسالها الأسلحة المحظورة إلى "تل أبيب"، هي شريك في الجرائم المرتكبة بحقّ الشعب الفلسطيني، عبر إضعافها وتهميشها مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وشدّد على أنّ نضال الشعب الفلسطيني ضد "إسرائيل" هو حرب تحرير وطنية، و"طوفان الأقصى" هو تحصيل حاصل لما يتعرّض له الشعب الفلسطيني منذ العام 1948، وهو نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة.
وتـابع وزير العدل الفلسطيني بأنّ ما تقوم به المقاومة الفلسطينية هو نتيجة طبيعية لمقاومة المحتل، ومن حقّ حركات المقاومة أن تقاوم الاحتلال في أيّ وقت لأنّ نضالها مرتبط بحقّ تقرير المصير، بينما "إسرائيل" تمارس الإرهاب المنظّم سواء أكان إرهاباً اقتصادياً أو عسكرياً، وفلسطين تحترم مبادئ القانون الدولي بينما "إسرائيل" هي "الدولة" المتمرّدة على الأمم المتحدة، وما تتذرّع به من حقّ الدفاع عن النفس سنداً للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة هو غير قانوني وباطل، متسائلاً: إذ كيف يجوز لدولة محتلة أن تتذرّع بالدفاع عن النفس؟.
وفي الختام أشار الشلالدة إلى أنه لا بدّ من عقد مؤتمر دولي لحلّ القضية الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، بحسب الشرعية الدولية.