بروفسور صيني للميادين نت: مقاومة الفلسطينيين تشبه نضال الصينيين ضد الغزوات الأجنبية
بعد ملحمة "طوفان الأقصى" والهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، عزت الصين ما يجري في غزة إلى الظلم التاريخي الذي تعرض له الشعب الفلسطيني، وأن ما تقوم به "إسرائيل" من هجمات على القطاع هو بمثنزلة عقاب جماعي لسكانه، وعارضت التهجير القسري الذي يستهدف المدنيين الفلسطينيين، ودعت إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
موقف الشعب الصيني من الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة
عن نظرة المجتمع الصيني إلى حرب غزة، يقول البروفسور شوي تشينغ قوه، الباحث في جامعة الدراسات الأجنبية في العاصمة بكين، ومترجم كتاب "عاشق من فلسطين" لمحمود درويش إلى اللغة الصينية، في حوار خاص مع "الميادين نت" بأن "المجتمع الصيني، مثل كثير من المجتمعات، منقسم في النظر إلى كثير من القضايا، بما فيها الصراع الحالي بين فلسطين وإسرائيل. فهناك فئات من الناس تتعاطف مع الشعب الفلسطيني، وفئات أخرى تميل إلى الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى فئات تلتزم موقف الحياد النسبي وتحكم الأمور من منطلق الإنسانية والسلام. ولكن، الشعب الصيني بمعظمه يتعاطف مع الشعب الفلسطيني، ويؤيد الموقف الصيني الرسمي الداعم للقضية الفلسطينية والداعي إلى إيجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية، لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني. ويتجلى هذا التعاطف بشكل أوضح منذ اندلاع الحرب على غزة، وتعرض مواطني غزة لعقاب جماعي لاإنساني من جانب الجيش الإسرائيلي".
ويضيف البروفسور شوي أن التشابه بين مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال وبين نضال الشعب الصيني ضد الغزوات الأجنبية في القرنين التاسع عشر والعشرين، منها حرب "الأفيون" البريطانية على الصين عام 1840، وغزو الدول الثماني للصين عام 1900، والغزو الياباني بين 1937- 1945، ساهم في تشكيل الموقف الصيني من القضية الفلسطينية، رسمياً وشعبياً.
معرفة الشعب الصيني بالقضية الفلسطينية
يرى البروفسور شوي، في حديثه إلى "الميادين نت"، أن المجتمع الصيني اليوم يعيش في العصر المعلوماتي، لذا، تتنوع القنوات التي حصل الصينيون من خلالها على المعلومات الخاصة بالقضية الفلسطينية. فمن ناحية، لا تزال وسائل الإعلام الرسمية - المقروءة والمسموعة والمرئية - تشكل المصدر الرئيسي لهذه المعلومات. ومن ناحية أخرى، هناك وسائل كثيرة للتواصل الاجتماعي مثل الفيديوهات القصيرة، والمقالات المعنية، والتحليلات التاريخية والسياسية والعسكرية، التي تنشرها جهات أو شخصيات داعمة لطرفَي الصراع- أي الطرف الفلسطيني والطرف الإسرائيلي، في داخل الصين أو في خارجها، بالإضافة إلى القنوات الأجنبية التي يستخدمها بعض الصينيين الناطقين باللغات الأجنبية، سواء أكانت العربية أو العبرية أو الإنكليزية أو لغات أخرى. ولكن، وبشكل عام، يفتقر معظم الشعب الصيني إلى معلومات دقيقة عن الخلفيات المعقدة للقضية الفلسطينية.
عاشق من فلسطين
لم تغب أشعار محمود درويش عن بال البروفسور شوي الذي قام بترجمتها، وصدرت في العام 2016 الترجمة الأولى لأعمال درويش إلى اللغة الصينية بعنوان "عاشق من فلسطين: مختارات من شعر محمود درويش" الذي تضمن 100 قصيدة للشاعر الفلسطيني. وأثار صدور الكتاب صدى واسعاً في الأوساط الأدبية والثقافية الصينية بعد أن قامت العشرات من الوسائل الإعلامية والأدبية بتغطية الحدث أو كتابة تقارير عنه. وأعقب ذلك صدور ملفات خاصة بدرويش في عدد من المجلات الأدبية الهامة في الصين منها "منتدى الشعر العالمي الحديث" و"مجلة اليوم" التي أشرف عليها الشاعر الصيني المشهور بي داو.
وعن مدى تأثير أشعار محمود درويش في معرفة البروفسور شوي بالقضية الفلسطينية يقول مترجم الكتاب لـ "الميادين نت" إن قراءة وترجمة شعر محمود درويش ساهمتا كثيراً في تكوين رؤيته للقضية الفلسطينية. أولاً، من خلال شعر درويش أدرك مدى معاناة الفلسطينيين بعد أن اقتلعوا من أرضهم وتشردوا في بقاع الأرض المختلفة. ثانياً، عرف أن الشعب الفلسطيني مثل أي شعب آخر في هذا العالم، هو شعب محب للحياة، ويتذوق كل شيء جميل في هذه الدنيا، هو شعب، على حد قول محمود درويش: "ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلاً". وعندما ضحى الفلسطينيون بأنفسهم وآثروا الموت على الحياة فذلك لأنهم كانوا يعيشون حياة لا تطاق في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وفي مآس كانت أقرب إلى الموت منها إلى الحياة. ثالثاً، عرف شوي أماني الشعب الفلسطيني وتطلعاته إلى غد جميل وحياة كريمة، بعد أن تجد القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً ودائماً في المستقبل. رابعاً، وجد من خلال شعر محمود درويش، القدرة الإبداعية الفائقة للشعب الفلسطيني التي لا تقل عن أي شعب آخر في العالم.
المشاركة في نشاطات خاصة بالقضية الفلسطينية
تقام في الصين فعاليات خاصة بالقضية الفلسطينية مثل إحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وتلعب السفارة الفلسطينية لدى الصين دوراً كبيراً في تنظيم مثل هذه الفعاليات بالتعاون مع جمعية الصداقة للشعب الصيني مع الدول الأجنبية.
وفي هذا الإطار، يقول البروفسور شوي إن الطلاب والأساتذة في جامعة بكين للدراسات الأجنبية يشاركون في بعض الفعاليات الثقافية والسياسية الخاصة بالقضية الفلسطينية، في داخل الحرم الجامعي أو خارجه، مثلاً "اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني" الذي يقام في بكين سنوياً، أو فعاليات أخرى مثل قراءة أشعار فلسطينية أو تقديم عروض فنية، أو إقامة معارض للصور الفوتوغرافية أو مشاهدة أفلام وثائقية وغيرها.