كيف حوّلت "إسرائيل" والولايات المتحدة غزة إلى حقل تجارب لأسلحتهما؟
يعمل الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الأخير على قطاع غزة على توسيع دائرة الإبادة، واستهداف المدنيين الفلسطينيين في القطاع أينما كانوا، من دون ترك مساحات آمنة لهم.
وضمن هذه الخطة، عمل الاحتلال على استخدام عدة إمكانيات عسكرية، في سلاح الجو، المسيرات، الصواريخ والقذائف، وتحدثت وسائل إعلام غربية عن "جنون إسرائيلي" في الأسلحة التي تستخدم في قصف مدنيّي غزة.
علامَ اعتمد الاحتلال في قصفه لقطاع غزة؟
وأفادت تقارير أنّ الاحتلال الإسرائيلي اعتمد في قصفه على الطيران التكتيكي من طراز "أف 16 باراك"، كما استخدم "جيش" الاحتلال عدداً من الطائرات المُسيرة مثل "هيرمس 450" التي تعمل على حمل صواريخ يبلغ حجمها 150 كجم، إضافة إلى مسيرة "إيتان" التي تحمل صواريخ متفجّرة بحجم 1000 كجم، والمسيّرة "نيتسوس" الصغيرة.
كما استخدمت القوات الإسرائيلية في حربها ضد أهالي قطاع غزة عدداً كبيراً من القذائف الصاروخية، تُقدّر بأكثر من 10 آلاف صاروخ خلال أسبوع فقط.
وأفاد مسؤول أميركي آخر بأن "إسرائيل" أطلقت قنابل متطوّرة أميركية الصنع من طراز "GBU-39"، وتخطّط للحصول على مئات أخرى منها، كما طلبت من الولايات المتحدة أسلحة صغيرة وذخائر ومدافع مورتر وقذائف دبابات عيار 122 ملم.
وتزويد "إسرائيل" بما يكفي من صواريخ "تامير" الاعتراضية لنظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي "القبة الحديدية" هو "الأمر الأكثر إثارة للقلق"، إضافة إلى استخدام الاحتلال للصواريخ الارتجاجية وقنابل الفوسفور في عدوانه المستمر على القطاع.
وتستخدم "إسرائيل" القنابل الذكية التي تسمّى "جدام" بكثرة خلال غاراتها العنيفة التي تشنها منذ يوم السبت على مختلف مناطق قطاع غزة، والتي خلّفت دماراً كبيراً، في عدد من أحياء القطاع المكتظة بالمدنيين.
وكانت شبكة "سي أن أن" الأميركية، قد قالت إن "إسرائيل" قدّمت طلباً إلى الولايات المتحدة للحصول على المزيد من قنابل الهجوم المباشر المشترك "جدام"، والتي تعمل على تحويل القنابل غير الموجّهة إلى سلاح "ذكي" دقيق، إذ تستخدمها لضرب أهداف في غزة من الجو.
وتتكوّن هذه القنابل من عدة أجهزة توجيه تعمل في جميع الأحوال الجوية، يستخدمها الاحتلال لإطلاقها نحو أهداف بعيدة ودقيقة.
ويصل مدى هذه القنابل إلى 28 كيلومتراً، وتطلق على ارتفاع يصل لـ13.5 كيلومتراً، ويتم إطلاقها من الطائرات الحربية: "أف 16" و"أف 15 "و" أف 22" و"أف 35".
وقبل أيام قالت صحيفة "واشنطن بوست" نقلاً عن المستشار العسكري في الجيش الهولندي، مارك جارلاسكو، إنّ "إسرائيل أسقطت قنابل في غزة خلال أقل من أسبوع، مثلما أسقطت الولايات المتحدة في أفغانستان خلال عام، في منطقة أصغر بكثير وأكثر كثافة سكانية".
وأكد المستشار العسكري نقلاً عن سجلات عسكرية أميركية أنّ "أكبر عدد من القنابل والذخائر التي أسقطت خلال عام واحد خلال الحرب في أفغانستان بلغ قرابة 7423 قنبلة. أما خلال الحرب بأكملها في ليبيا، فأفاد حلف الناتو بإسقاط أكثر من 7600 قنبلة وصاروخ من الطائرات".
لكن سلاح الجو الإسرائيلي، وفق جارلاسكو، اعترف أنه أسقط 6000 قنبلة في غزة حتى الآن"، لافتاً إلى أنّ "هذا رقم ضخم جداً على مدار 6 أيام"، وفقاً لخبراء حرب.
أسلحة دمار شامل في العدوان على غزة
العميد المتقاعد أمين حطيط قال في حديثٍ لـ"الميادين نت" إنّ خطورة العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة تكمن في تماديه باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً.
وأضاف حطيط شارحاً أنّ "إسرائيل" تستخدم 4 أنواع من الذخائر المحرمة دولياً وهي الذخائر الفوسفورية، والانشطارية، والفراغية، وذخائر اليورانيوم المنضب، وكلها تندرج تحت عنوان أسلحة الدمار الشامل.
ولفت إلى أنّ جميعها تصنع لدى "إسرائيل"، لكنها لا تكتفي بما تخرجه مصانعها بل تزوّدها الولايات المتحدة بما تحتاجه من عتاد.
وتابع حطيط أنّ الولايات المتحدة جهّزت في "إسرائيل" مخازن لوجستية تحتوي مثل هذه القذائف المحرّمة دولياً، وكانت زوّدت أوكرانيا ببعضها وجزء منها ما زال في مخازن "إسرائيل".
وأكد أنّ أسوأ ما في هذه الأسلحة هو "قوتها التدميرية الكبيرة، وقدرتها على تلويث البيئة لفترة أشهر حتى لسنوات، خاصة اليورانيوم المنضب وذخائر الفوسفور الأبيض".
وقال حطيط إنّ "إسرائيل" تستخدم هذه الأسلحة رغم تحريمها دولياً من دون رادع، لأنها لم توقّع على أي معاهدة دولية تمنعها من استخدامها.
وعن السبب الثاني، قال إنّ "إسرائيل" تضمن عدم ملاحقتها دولياً في حال استخدام هذه الذخائر المحرّمة، بسبب الموقف الأميركي الذي يمنحها الحصانة، فتستعمل هذه الأسلحة بشكل واسع النطاق محدثةً مجازر بين المدنيين.
واستطرد أنّ جميع الأسلحة المستخدمة استعملتها "إسرائيل" في وقت سابق، وقد تكون في العدوان الحالي تستخدم نسخاً مطوّرة منها، خاصة القذائف ذات الوزن الثقيل.
وتابع حطيط أنّ "فكرة تحويل الميدان إلى ساحة تجارب ليست جديدة لدى الدول التي تعمل على تصنيع الأسلحة بشكل متتابع"، قائلاً إنّه "في كل مرة تخوض فيها قوة عسكرية صناعية الحروب، تستغل هذا الأمر لتجربة أسلحتها، كما في غزة الآن".
وأدى العدوان الإسرائيلي على غزة إلى حصيلة كبيرة من الشهداء والجرحى الفلسطينيين التي تزداد مع مرور الوقت، وأفاد مراسل الميادين بأنّ حصيلة الشهداء الذين ارتقوا مِن جرّاء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، تجاوزت الـ 2200.
وتابع أنّ "المشافي في غزة لم تعد تحتمل استقبال المزيد من الشهداء في ظل الأوضاع الصحية الكارثية"، في وقتٍ لم يعد بالإمكان الحديث عن إحصائية للشهداء في ظل استمرار وصول الجثامين بالجملة إلى المشافي.
ولفت مراسلنا إلى أنّ "عدد الناجين من الغارات الإسرائيلية هو صغير بسبب الأسلحة المدمّرة التي يستخدمها الاحتلال"، مضيفاً أنّ كل الشهداء الذين تصل جثامينهم إلى المشافي هم مدنيون.