اللحظة الأكثر حرجاً منذ "كامب دايفيد".. كيف سترد مصر على محاولة "إسرائيل" تهجير أهل غزة؟
أعاد العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزّة، إلى الواجهة، مخطط كيان الاحتلال لتفريغ القطاع من أهله والدّفع بهم نحو مصر.
ويحاول الاحتلال فرض هذا المخطط كـ "أمر واقعٍ"، مع تركيزه على القصف العنيف واعتماد سياسة الأرض المحروقة تجاه كلّ مرافق القطاع، وارتكابه المجازر بحق المدنيين العزّل. فيما أجبر، أكثر من 300 ألف شخص على الخروج من منازلهم بسبب العدوان الإسرائيلي على القطاع، وفق الأمم المتحدة.
هذا المخطط أيضاً، بدا واضحاً في العديد من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، الذين دعوا الفلسطينيين إلى التوجّه إلى سيناء، إذ نقلت وكالة "رويترز" عن المتحدث باسم "جيش" الاحتلال، ريتشارد هيشت، قوله : "أقترح أن يحاول الفلسطينيون الخروج عبر معبر رفح".
المخطط يطرح إشكاليات جديّة
ليست هذه المرّة الأولى التي يُطرح فيها مشروع نزوح الفلسطينيين إلى سيناء، فقد أكد الباحث السياسي المصري الدكتور أحمد النفيس، للميادين نت، أن هذا المخطط برز في العام 2017، وارتبط بـ "صفقة القرن"، مشيراً إلى أنّ للمشروع بالأساس بُعداً استثمارياً وإسكانياً شمال شرق سيناء أو ما سُمّي بـ "رفح الجديدة".
لكنّ هذا المخطط، الذي لم يُنفّذ في "السّلم"، رأى النفيس أنّه " أصبح الآن كلاماً متأخراً ولا يمكن تنفيذه بهذه الصورة التي تحلم بها إسرائيل"، متسائلاً "كيف سيُنفّذ؟، هل يكفي بالنسبة إلى إسرائيل، نقل الكُتل السكانية إلى هناك، أم أنّ المشكلة الأساسية هي سلاح حركات المقاومة الفلسطينية"؟
كذلك، تطرّق النفيس إلى غياب الإمكانات والبنية التحتية التي تسمح باستقبال عدد من الفلسطينيين في سيناء ورعايتهم، سائلاً هل ستقف مصر في وضعٍ كهذا على أبواب المنظمات الدولية والمجتمع الدولي لتحصيل مساعدات؟
وعلى الرغم من العديد من الإشكاليات في البُعد الأمني المصري، لكنّ النفيس، أوضح في المقابل أنّ في مصر "من يرى في المخطط مشروعاً تجارياً واستثمارياً"، ويطمح إلى تأسيس الشركات والمصانع، والاستفادة الاقتصادية.
الأمر لا يتعلّق فقط بالأمن القومي المصري، إذ شدّد الإعلامي المصري، إيهاب شوقي، في حديثه مع الميادين نت، على أنّ مسألة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء ليست مرفوضة من مدرسة الأمن القومي المصري فحسب، إنما أيضاً من جميع الأنظمة، مشيراً إلى أنّ "الرفض يخلق توتراً في العلاقة بين القاهرة والإدارة الأميركية".
وفي هذا السياق، صرّح المتحدّث الإعلامي للحركة المدنية، خالد داود، أن أحزاب الحركة كافة ترفض "بشكل قاطع المخططات المشبوهة التي يسعى إليها الاحتلال منذ عقود من أجل تصفية القضية الفلسطينية، والقيام بتهجير سكّان غزّة إلى سيناء".
إشكالية مهمة يفرضها المخطط الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين على الصعيد الاجتماعي في مصر، إذ إنّ الاحتلال يهدف من خلاله أيضاً إلى تأليب الحاضنة الشعبية المصرية ضد الفلسطينيين، في حال تهجيرهم إلى الأراضي المصرية، وهو أمر تنظر إليه القاهرة بجدّية.
المساعدات المصرية
على صعيد آخر، أعلنت مصر نيتها إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة، لكنّ كيان الاحتلال هدّد باستهداف ناقلات المساعدات، وقد تعرّض معبر رفح للقصف، ما أدّى إلى إغلاقه في اليوم الرابع على العدوان، في"رسالة" إسرائيلية إلى القاهرة.
وهنا، أوضح شوقي، أنّ الاستهداف الإسرائيلي لهذه المساعدات قد "يجعل مصر طرفاً في الصراع"، لافتاً إلى أن كيان الاحتلال يزعم في حساباته "أنّ القاهرة، وفي ظل ظروفها الحالية، قد لا تنخرط في الصراع، بشكلٍ أو بآخر". ‘لا أنّ مصر تحافظ على مستوى من عدم تجاوز بعض الأسقف، التي تحتّمها مدرسة الأمن القومي، وفق شوقي.
وقد طالبت السلطات بوقف الاستهداف الإسرائيلي للمعبر، كي تستمر أعمال الترميم فيه. ويُشار أيضاً إلى أنها تسعى، في مفاوضات مع الولايات المتحدة إلى التوصّل إلى فترة من الهدنة، تسمح بتمرير المساعدات إلى داخل القطاع.
مصر محرجة؟
بالنظر إلى ما سبق، يرى شوقي، أنّ "الدولة المصرية اليوم، في أكثر اللحظات إحراجاً"، وربما منذ "اتفاق كامب دايفيد"، لأن الموضوع لم يعد يقتصر على تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني في قطاع غزّة، "حفاظاً على ماء الوجه أمام المطالبات الشعبية"، لكنه بات اليوم "ممنوعاً عليها ذلك".
من جهته، رأى النفيس أنّ السيادة المصرية "تعرّضت إلى هزّة عنيفة" في اللحظة التي وقّعت فيها "اتفاق كامب دايفيد" وأصبح غير مسموح للجيش المصري التمركز على الحدود الشمالية الشرقية لمصر مع فلسطين المحتلّة، وبالتالي اقتصر الوجود المصري هناك على الشرطة وبأعداد محدودة.