العميد سكرية للميادين نت: أميركا حرّكت حاملة الطائرات لحماية "إسرائيل" بالدرع الصاروخي
ولكن هذه الأيام الخمسة، وإنّ كانت حسمت الجدال بشأن أسئلة كبيرة وأساسية، كإمكانية هزيمة الاحتلال واسترجاع الأراضي المحتلة، وقدرة الفلسطينيين على التفوّق على آلة الحرب الإسرائيلية المعقّدة وقدراتها الاستخبارية والاستطلاعية، ولكنّها فتحت أسئلة أكبر، لا تزال حتى الساعة أجوبتها معلّقة على مروحة احتمالات واسعة، مع استمرار وتيرة الحرب بالتصاعد ورقعة المواجهات بالتوسّع.
إذ تبرز اليوم، بعد مضي أكثر من 100 ساعة على إطلاق العملية العسكرية الأوسع ضدّ الاحتلال الإسرائيلي منذ 1973، والتي فاقت بتبعاتها وصدمتها كل الأعمال التي قامت بها المقاومة في تاريخ الصراع، أسئلة أساسية لاستشراف الوضع الذي قد تنزلق إليه الأحداث في فلسطين والمنطقة من جراء "طوفان الأقصى".
فأين تكمن حقيقة الإنجاز على المستويين الأمني والعسكري للمقاومة؟ وهل تدخل إيران أو سوريا أو حزب الله، حلفاء المقاومة الفلسطينية وداعموها الأساسيون، مباشرة في معادلة الحرب القائمة؟
ثمّ ما حقيقة الدور الأميركي في الصراع الدائر اليوم، وأي أهمية لإرسال حاملة الطائرات الأميركية "فورد" ومجموعتها البحرية إلى شرقي المتوسط؟ وما هي الخسائر التي منيت ويحتمل أن تمنى بها "إسرائيل" بسبب هذه المعركة وسيناريوهاتها، وأي آثار ستتركها على وعي الكيان، وكيف سيكون ردّ فعله على الكارثة التي ألمّت بقيادته وبمستوطنيه على حدّ سواء؟
-
العميد سكرية للميادين نت: لهذا السبب تحركت حاملة الطائرات "فورد" إلى شرق المتوسط
لمشاهدة المقابلة كاملة عبر "يوتيوب" إضغط هنا
معالم الإنجاز الأمني والعسكري في "طوفان الأقصى"
هذه العملية تعرّف في العلوم العسكرية بأنها "غزوة"، أكبر من إغارة وأقل من هجوم شامل للسيطرة على أرض والبقاء فيها، شملت مساحة 600 كم مربّع في غلاف غزة، وأكثر من 14 مستوطنة وكيبوتس،إضافة إلى مواقع عسكرية مهمة في محيط غزة، يؤكد الخبير العسكري العميد المتقاعد وليد سكرية للميادين نت.
ويضيف أنّ "الأعداد التي شاركت في هذه الغزوة، بحسب حجم المنطقة المستهدفة والعدو، كان يجب أن تكون نحو 2000 إلى 3000 آلاف مقاتل، خاصة في حال التمسّك بالمستوطنات المحررة"، ولكنّ الإعلان الإسرائيلي عن أن 1000 مقاتل فلسطيني نفّذوا الهجوم، في حال كان الرقم صحيحاً، يعني أنّ هناك إنجازاً على مستويات عديدة أبرزها التدريب والقدرة البشرية للمقاتل الفلسطيني، كما يعني أنّ هدف العملية لم يكن السيطرة والبقاء، على الأقل في المستوطنات البعيدة.
ويتابع أن "النجاح الذي حقّقته هي في المفاجأة الاستراتيجية، بأنّ المقاومة جمعت قوتها وهاجمت ونفّذت في وقت كان العدو في كامل جهله بشأن ما يحصل، وعاجزاً عن معرفة ما يحصل ومعرفة الخطة والإمكانات، وعاجزاً عن تحقيق الاستنفار الذي يمكّنه من مواجهة الهجوم".
اقرأ أيضاً: بوتين: إذا كان هدف واشنطن إخافة لبنان بحاملة الطائرات فإنّ شعبه لا يخاف
ولفت العميد سكرية إلى أنّ "المقاومة تمكّنت، في بيئة تعتبرها إسرائيل سهلة الاختراق الأمني والرصد وتملك فيها سيطرة استخبارية كبيرة، من بناء هذا الجهاز العسكري بشكل مؤتمن على السرية وواعٍ للتدابير الأمنية والاحتياطية، وفي ظروف معقّدة من الإعداد الأمني والعقائدي والمتابعة التفصيلية والعزل على مستوى عدم إفشاء أسرار القوة الموكلة بهذا الهجوم على مدى سنوات حتى ضمن المقاومة الفلسطينية نفسها".
كما كان لاختيار عيد يوم السبت اليهودي مساهمة في تحقيق عامل المفاجأة، على الرغم من أنّ القوات العربية في 1973 اعتمدت الأسلوب نفسه، ولكن الاحتلال لم يكن جاهزاً، إضافة إلى اعتماد المقاومة على أساليب جديدة في الاقتحامات أبرزها الطائرات الشراعية.
وقد اعتمدت المقاومة الفلسطينية في هذا الهجوم على إمطار صاروخي فعّال في بداية الهجوم، حيث تحدّثت أوساط الاحتلال عن إطلاق آلاف الصواريخ خلال نصف ساعة، ما أدى إلى تعطيل القبة الحديدية الإسرائيلية وإفشال فعاليتها.
ولفت سكرية إلى أنّه "في حال تمكّن قطاع غزة المحاصر والضيّق من إطلاق نحو 5000 صاروخ، فيمكننا أن نتوقع أنّ المقاومة في الجبهة الشمالية لإسرائيل قد تتمكن من إطلاق نحو 20 أو 30 ألف صاروخ خلال نصف ساعة، ما يعني أنّ الوضع سيكون كارثياً على الاحتلال في حال توسعت الحرب، ولا سيما مع وجود تهديد حقيقي للكيان من سوريا والعراق واليمن، فضلاً عن إيران".
ونفى سكرية أن يكون المقاتلون الفلسطينيون تعمّدوا القتل الممنهج للنساء المستوطنات، مؤكداً أن المشاهد التي وصلت تظهر كيف أنّ مقاتلي المقاومة في أكثر من مكان كان بإمكانهم قتل عشرات المستوطنات الإسرائيليات، ولكنّهم اكتفوا باحتجازهنّ في الملاجئ مع أطفالهنّ، ونقل بعضهنّ أسيرات إلى غزة".
وقد شكّل عدد القتلى والأسرى والخسائر المختلفة من قبل "أضعف موقع في محور المقاومة، قطاع غزة المحاصر والمراقب والمكتظّ، صدمة كبرى للاحتلال، شكّلت أحد أبرز معالم الإنجاز العسكري وأحد المفاجآت الكبرى في المعركة".
اقرأ أيضاً: روسيا: إرسال حاملة الطائرات الأميركية إلى الشرق الأوسط يزيد في مخاطر توسع الصراع
-
العميد سكرية للميادين نت: لهذا السبب تحرّكت حاملة الطائرات الأميركية إلى شرق المتوسط
لماذا أرسلت واشنطن حاملة الطائرات جيرالد فورد إلى شرق المتوسط؟
اعتبر العميد سكرية أنّ الحديث عن أنّ إرسال أسطول بحري أميركي إلى المنطقة هو لتهديد روسيا غير دقيق، لأنّ روسيا من غير المنظور أن تشارك في أي حرب ضد "إسرائيل" بطبيعة الحال، كما أنّ المواجهة مع روسيا بهذه الطريقة لن تعني، في حال تحقّقت، إلا حرباً عالمية، ولا سيما مع امتلاك روسيا لقدرات متطورة تسمح لها بتدمير البوارج الأميركية بشكل فعّال عبر صواريخ "كينجال" فرط صوتية.
كما نفى سكرية أن تكون الحاجة إلى طائرات للمشاركة في أي قصف للبنان وسوريا هي السبب في اللجوء إلى حاملة الطائرات الأميركية، لأنّ الإسرائيلي يمتلك بنفسه ما يكفي من الطائرات ويزيد عن حاجته في هذا المجال، أي نحو 600 طائرة مقاتلة وقاذفة، فيما لا تحتمل الأجواء اللبنانية والسورية أكثر من عشرات الطائرات، إضافة إلى قدرة الاحتلال على الاعتماد على القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة.
وكشف سكرية للميادين نت أنّ الهدف من تحريك القوة البحرية الأميركية، بشكل أساسي، هو للاستفادة من الدرع الصاروخي متعدد الطبقات الموجود على متن الفرقاطات والمدمّرات المرافقة لحاملة الطائرات الأميركية، والذي يعدّ من أهمّ الدفاعات الجوية الصاروخية ضد الصواريخ الباليستية في العالم.
ويمكن لهذا الدرع الصاروخي أن يساهم في دعم الدفاعات الإسرائيلية ضد الصواريخ الضخمة بعيدة المدى، والتي تخشاها "إسرائيل" بشكل كبير في حال دخلت قوى أخرى لمساندة غزة في المعركة، ولا سيما أنّ معظم قوى محور المقاومة تمتلك قوة صاروخية باليستية كبيرة، يقدّر العميد سكرية أنها قد تتفوّق على الدفاع الصاروخي متعدّد الطبقات الذي تعتمد عليه "إسرائيل" في حال تمّ رميها بالعشرات ومن عدة مصادر وجهات.
وسبق أن أجرت الولايات المتحدة مناورات مشتركة مع الاحتلال على استخدام الدفاع الجوي الصاروخي بشكل منسّق منذ أكثر من 6 سنوات، للتصدي لأي تهديد صاروخي كبير لكيان الاحتلال.
ولكن العميد سكرية أكّد أنه حتى مع هذا الدفاع الصاروخي ضد الصواريخ البالستية، يعلم الاحتلال أنه لن يتمكّن من صدّ جميع الصواريخ، فضلاً عن عدم قدرته على ردّ الصواريخ القريبة من لبنان أو من سوريا، إذ تتركّز مهمة الدفاع الصاروخي على التصدي للصواريخ البالستية التي قد تُطلَق على "إسرائيل" من مسافات بعيدة نسبياً.
اقرأ أيضاً: حزب الله: إرسال واشنطن حاملات الطائرات خطوة تكشف عن ضعف الاحتلال عسكرياً
متى يتدخل حلفاء غزة في المعركة بشكل مباشر؟
يؤكد العميد المتقاعد في الجيش اللبناني أنّ محور المقاومة يتصرّف وفق مبدأ التدخّل التدريجي في الحرب، والذي يحافظ على إمكانية المناورة ويحفظ أوراق القوة لاستخدامها في حال حصول مفاجآت.
ويوضح أنّ عملية "طوفان الأقصى" العسكرية النوعية أدّت مهمتها على صعيد تهشيم قوة الردع وهيبة الاحتلال، وإجبار الكيان الذي قدّم نفسه كأحد أقوى جيوش العالم على تكبّد خسائر فادحة في القوة العسكرية إضافة إلى المستوطنين والأراضي، فضلاً عن إجباره على استدعاء الأسطول البحري الأميركي للدفاع عنه، في معركة بدأتها حركة مقاومة في قطاع غزة المحاصر والذي لا تزيد مساحته عن 360 كلم2.
ولكنّ العميد سكرية يلفت إلى أنّ النتائج السياسية للمعركة، والتي تحقّقت بشكل كبير حتى الآن وسيتحقّق الجزء المتبقّي بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين مقابل مئات الأسرى الإسرائيليين الذين نجحت المقاومة في أسرهم، قد لا تحتاج إلى تدخّل واسع من قبل الحلفاء في المعركة، بل من الأفضل أن يلتزم الحلفاء سياسة الضغط على الاحتلال لإيقاف عدوانه على غزة عاجلاً والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
ويتابع أنّ "مصلحة محور المقاومة اليوم هي في إبقاء الهزيمة الإسرائيلية في إطار معركة إسرائيل مع المقاومة في غزة، لأنّ ذلك يضاعف من أهميتها على مسار تحقيق حلّ للقضية الفلسطينية، يفضي إلى تلبية طموحات الشعب الفلسطيني، إذ يُبقي الكثير من أوراق الضغط والقوة بيد إيران وحزب الله وحلفائهما، ويؤدي إلى أن تنتهي المعركة مع أكبر قدر من الإذلال للإسرائيلي".
ولكن سكرية يؤكد أنّ أيّ توجّه إسرائيلي لردّ غير متناسب ضد قطاع غزة سيفضي حتماً إلى تدخّل واسع من قبل حلفائها في لبنان وسوريا واليمن والعراق، وقد يصل إلى حد تدخّل إيراني مباشر، في حال استهدفت الولايات المتحدة أحد الحلفاء عبر أسطولها البحري أو قواعدها العسكرية المنتشرة في المنطقة.
نتنياهو انتهى.. و"إسرائيل" منيت بهزيمة تاريخية
وأكّد سكرية في كلامه للميادين نت أنّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أنهى مسيرته السياسية الطويلة في الحكم بأسوأ سيناريو، وسيتحمّل بعد انتهاء الحرب المسؤولية الكبرى هو وحكومة اليمين المتشدّد عن الفشل الذريع في إدارة الردع في "إسرائيل" مع العلم أنهم التزموا سياسة التصعيد والضغط الأقصى ضد الفلسطينيين وإيران وحزب الله وسوريا.
ورجّح العميد المتقاعد أن يتجه نتنياهو إلى حكومة مشاركة مع المعارضة، لتقاسم الخسائر وتوزيع المسؤولية في الردّ على المقاومة وما سيفضي إليه، بينما لم يستبعد تماماً أن يضغط اليمين المتشدّد باتجاه عدم إدخال المعارضة في الحكم، في حال قدّر أنّ بإمكانه إعادة الاعتبار إلى حكومته عبر ردّ شديد على غزة.
ولكنّ الإرباك الذي يعانيه نتنياهو وقيادة الاحتلال حالياً هائل، مع وجود إمكانية لتوسّع الصراع بما لا يمكن لـ"إسرائيل" استيعابه، وهي التي لم تستفق بعد من صدمة أكثر من 3000 قتيل وجريح وأسير في يوم واحد، على يد القوة الأصغر في محور المقاومة.