"بروح عبد الناصر"... مقاتل مصري يروي لـ"الميادين نت" تفاصيل العبور في حرب أكتوبر

مقاتل مصري يسرد تفاصيل مثيرة عن معركة عبور القناة في حرب أكتوبر 1973، موضحاً أن العقيدة القتالية العالية في الجيش المصري أفضت إلى النصر، في تأكيدٍ على أن التعامل مع العدو لا يكون إلا بالقوة.
  • المقاتل رمضان للراحل عبد الناصر: "عاوزين نحارب يا فندم" (غرافيك: علي هادي شميس)

"تمام يا فندم"... كانت هذه بداية حديث المقاتل المصري مصطفى محمد رمضان مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في تموز/يوليو 1970 أثناء مروره بالكتيبة الخاصه به.

التفت مصطفى إلى الرئيس، وبكل عزيمة، قال له: "عاوزين نحارب يا فندم"، فسأله معجباً بجرأته: "إنت جاهز للحرب يا ابني"، فكان الرد عليه سريعاً: "أكيد جاهز يا فندم من دلوقتي"، فـما كان من عبد الناصر إلا أن ربّت على كتفه وابتسم.

في الرابع من نيسان/أبريل 1967، جُند رمضان، والتحق بسلاح المشاة قبل حرب 1967 بعدة أشهر، ولم يكن يتجاوز عمره حينها 20 عاماً.

اقرأ أيضاً: أسرار من حرب أكتوبر.. يكشفها ضباط شاركوا في المعركة للميادين نت

وطئت قدم الجندي مصطفى أرض سيناء مرتين، الأولى عندما شارك في حرب 67 وذاق مرارة النكسة، فأقسم أن يعود إليها منتصراً يوماً ما. وكان للمقاتل مصطفى ما أراد في حرب أكتوبر 1973، انتصاراً لعقيدته القتالية العالية في الجيش المصري: "إمّا النصر وإما الشهادة"،  فاستطاع أن يتغلّب مع رفاق سلاحه على "الجيش" الإسرائيلي ويعيد أرض سيناء إلى المصريين والعرب. 

لحظات عبور تاريخية

في لقاء "الميادين نت" مع مصطفى في القاهرة، يستذكر الرجل لحظات تفصيلية مهيبة: "كنا عازمين على النصر، وقمنا بالإعداد الكامل للحرب على مدار 6 سنوات من التدريب المتواصل، حتى أصبحت مفردة النصر في صلب يومياتنا، وكنا متعطشين إلى خوض الحرب مرة أخرى لاسترداد أرضنا المحتلة".

  • المقاتل مع مقتنياته التي غنمها من جندي إسرائيلي

ويكمل: "حرب أكتوبر غيّرت مفاهيم الحروب في العالم كله. لقد استطعنا أن نعبر الساتر المائي، مروراً بالساتر الترابي والنقاط القوية، وصولاً إلى خط بارليف. كل ذلك كان في زمن قياسي"، مؤكداً سهولة عبور الجنود والضباط للخط، لأن ما كانوا يقومون بالتدرّب عليه كان أصعب بكثير.

نسأل عن تلك التفاصيل المهمة في تاريخ المعارك العسكرية الحديثة، فيروي لنا: "عبرنا يوم السادس من أكتوبر، وخلال وقتٍ قياسي، في تمام الساعة 2:30 ظهراً إلى الضفة الشرقية. وبعدها، استقرينا مع سلاح المدفعية ملتزمين بالأوامر لإطلاق النار بـ3 أنواع من الذخائر.. بين الـ2 ظهراً والـ6 من صباح يوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، أحدثنا 81 فتحة في الساتر الترابي ليسهل عبور باقي القوات إلى الضفة الشرقية. هذا الأمر لم يكن عملاً هيناً على الإطلاق".

ويردف قائلاً: "كان لي شرف الانتماء إلى قوات "كتيبة 12 مشاة" التي قامت بتحرير "تبة الشجرة"، وهي أقوى نقطة تحصين لقوات جيش الاحتلال في القطاع الأوسط في سيناء".

"مسافة صفر" مع جنود العدو

تعود ذاكرة المقاتل المصري إلى 50 عاماً خلت، ويسهب في الحديث: "في يوم التاسع من تشرين الأول/أكتوبر، وجدنا إحدى عربات جيش الاحتلال وقد كمن خلفها 3 جنود إسرائيلين في وضعية قتالية. اشتبكنا معهم على الفور، وقمنا بقتلهم، ومن ثم دفنهم، وذلك احتراماً للمواثيق الدولية ولعقيدتنا في التعامل مع القتلى، ولو كانوا رفاتاً، بخلاف ما فعله جيش الاحتلال عندما كان يدّعي ويتفاخر بعد حرب 1967 بأن جثث الجنود المصريين أكلتها الغربان والنسور".

ويوضح بشكلٍ سريع آلية عمليات الأسر، فقد "كانت تنفذها كتائب معينة، إذ نقوم بالتبليغ عن وجود الجنود في أماكن محددة، ومن ثم يأتي الجهاز المختص ويتسلم الأسرى"، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية.

جنود عرب على الجبهة

يفخر المقاتل المصري السابق بوجوده حينها مع رفاق سلاح عرب على أرض المعركة، ويقول: "شارك معنا الجبهة في منطقة "المعدية نمرة 6" في الإسماعيلية جنود جزائريون وعراقيون وسودانيون بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، ولا يمكن نسيان دورهم. في المقابل، رأينا الحزن والخوف على وجوه جنود جيش الاحتلال، وسمعنا صرخاتهم وعويلهم، ورأينا دموعهم كالأطفال. كانوا يجثون على ركبهم طالبين أسرهم بدل الموت".

استعدنا رباطة الجأش بعد "نكسة 67"

وفي وقتٍ يستاء من تسمية "سنوات ما بعد نكسة 67 بسنوات الهزيمة والانكسار، لأننا لم نشعر بالهزيمة إلا لعدة شهور، ومن ثم استعدنا رباطة الجأش مرة أخرى، وأصبحت لدينا رغبة كبيرة في الانتصار والانتقام"، يعدد بكل حماسة خطوات ما بعد معركة 67: "بدأنا حرب الاستنزاف بتدمير المدمرة إيلات، مروراً بميناء إيلات. وفي الثامن من أيلول/سبتمبر 1968، استطعنا تلقين جيش الكيان درساً لا ينسى بسلاح المدفعية، إلى درجة تخصيص هذا اليوم سنوياً كعيد لسلاح المدفعية المصرية".  

  • المقاتل المصري يؤدي التحية للزعيم الراحل

"روح" عبد الناصر 

وفي المقابلة، أكّد المقاتل الذي عاصر الحربين مع العدو للميادين نت أن "روح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كانت حاضرة في الحرب؛ فبعد حرب 67 رجعنا مرة أخرى إلى الوحدات، ومن ثم بدأنا بالإعداد للحرب لاسترجاع الأرض المحتلة مرة أخرى".

  • المقاتل رمضان مع الراحل جمال عبد الناصر

وأضاف بثقة: "نحن جنود عبد الناصر. كنا متعطشين إلى الحرب والنصر. وما قمنا بالتدرّب عليه لمدة 6 سنوات كان ضمن خطة عبد الناصر للنصر، إذ حاربنا بالأسلحة التي وفرها، ولن ننسى دور حرب الاستنزاف التي كلفت العدو خسائر كبيرة، وكانت التمهيد لانتصار أكتوبر".

اقرأ أيضاً: اللواء محمد زكي الألفي للميادين نت في ذكرى نصر أكتوبر: أصبنا شارون في رأسه.. وفلسطين ستتحرر

وشدد على أن التعامل مع العدو لا يكون إلا بالقوة، فهو لا يعرف القوانين والمعاهدات والأعراف الدولية، وذكّر بأن الجنود الإسرائيليين حاولوا في لحظات وقف إطلاق النار في 22 تشرين الأول/أكتوبر الدخول من الثغرات التي فتحناها للانقضاض علينا والغدر بنا.

  • رمضان خلال اللقاء 

وعن انسحاب "روحية أكتوبر الإرادية" على المصريين والعرب، ختم قائلاً: "إسرائيل كانت وستظل بالنسبة إلينا جيشاً مهزوماً على الدوام،  فقد حطّمنا أسطورة الجيش الذي لا يُقهر بعد انتصار أكتوبر، وهو أول انتصار عربي عسكري حقيقي على جيش الاحتلال".

 

المصدر: الميادين نت