أرمينيا تتهم أذربيجان بجرّها إلى المواجهة.. والأخيرة تبدي استعدادها للتفاوض
أكّد رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، اليوم الثلاثاء، أنّ العملية البرية المسلّحة، التي شنّتها أذربيجان في منطقة ناغورنو كاراباخ، تهدف إلى "التطهير العرقي للأرمن" في الإقليم، فيما أبدت أذربيجان "استعدادها للتفاوض في حال إلقاء قوات الإقليم السلاح".
ورأى باشينيان أنّ أذربيجان تريد "جرّ" أرمينيا إلى المواجهة، مجدداً التأكيد أنّ جيش بلاده غير مشارك في هذا القتال.
وفي تصريح تلفزيوني، أكد رئيس الوزراء الأرميني استقرار الوضع عند الحدود الأذربيجانية - الأرمينية.
وشدّد باشينيان على وجوب ألّا تتّخذ السلطات الأرمينية أي إجراءات "غير محسوبة، أو حادة، أو مغامرة".
في غضون ذلك، أكدت الرئاسة الروسية عدم إجراء اتصالات على مستوى عالٍ مع أرمينيا حتى الآن، مع الإشارة إلى أنّ العسكريين الروس على اتصال بالجانبين الأرميني والأذربيجاني، وأنّه ثم "إمكاناً لإجراء اتصالات على أعلى مستوى".
وحثّ المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، القوات المسلحة الأذربيجانية على اتخاذ إجراءات لضمان سلامة السكان المدنيين في ناغورنو كاراباخ.
أمّا فرنسا فطلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي بشأن القتال في إقليم ناغورنو كاراباخ، عادّةً العملية الأذربيجانية "غير شرعية، وغير مبرَّرة، وغير مقبولة".
من جهته، أكد البنتاغون الأميركي لوكالة "سبوتنيك" الروسية أنّ واشنطن ستواصل مناوراتها المشتركة مع يريفان، على الرغم من تصرفات أذربيجان في ناغورنو كاراباخ.
وفي وقت سابق من اليوم، أعلنت أذربيجان إطلاق عملية عسكرية في إقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه، مضيفةً أنّها تستخدم "أسلحةً عالية الدقة عند الخطوط الأمامية، وفي العمق، في إطار هذه العمليات".
وقالت باكو إنّها أبلغت كلاً من روسيا وتركيا بشأن عمليتها، التي برّرتها بمقتل 4 من رجال الشرطة ومدنيَّين في انفجار لغمَين في ناغورنو كاراباخ، محمّلةً من وصفتهم بـ"الانفصاليين" المسؤولية عن هذه "الأعمال الإرهابية".
إلّا أنّ وزارة الخارجية الروسية نفت مزاعم وسائل الإعلام الأذربيجانية بشأن إبلاغ باكو مسبّقاً قوات حفظ السلام الروسية بـشأن "العملية" في الإقليم، مؤكدةً أنّ الإبلاغ تم قبل دقائق قليلة فقط من بدئها.
كما صرّحت وزارة الخارجية الأذربيجانية بأنّ "السبيل الوحيد للسلام في المنطقة هو انسحاب القوات الأرمينية" بصورة تامة من الإقليم، و"حلّ النظام" في ستيبانيكرت (عاصمة ناغورنو كاراباخ).
ودعت الخارجية الروسية طرفَي النزاع إلى "وقف سفك الدماء، والعودة إلى مسار التسوية الدبلوماسية"، مشيرةً إلى أنّ تصرفات يريفان الأخيرة "تخلق أرضاً خصبةً لسياسة الغرب العدائية تجاه روسيا".
وفي أرمينيا، نفت وزارة الدفاع وجود قوات مسلّحة تابعة لها في الإقليم.
اقرأ أيضاً: باكو تعلن دخول مساعدات إنسانية إلى ناغورنو كاراباخ عبر أذربيجان وأرمينيا
وتجدّد التوتر في الإقليم المتنازع عليه، بعد أيام من إعلان رئيس الوزراء الأرميني احتمال التوصل إلى اتفاق سلام بحلول نهاية العام الحالي، وتأكيده أنّ بلاده "تبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق ذلك".
وأوائل هذا الشهر، أكدت أرمينيا وأذربيجان أنّهما تكبّدتا خسائر بشرية من جراء اشتباك عند حدودهما المشتركة، في شمالي غربي جيب ناغورنو كاراباخ، المتنازع عليه بين البلدين.
وفي تموز/يوليو الماضي، رجّح رئيس الوزراء الأرميني "اندلاع حرب جديدة" في الإقليم، في حال "عدم إبرام معاهدة سلام، وعدم تصديق برلمانَي البلدين عليها".
ووصف باشينيان الحرب بأنّها "ليست إبادة جماعية قيد التحضير، بل إبادة جماعية جارية"، متهماً الجيش الأذربيجاني بجعل ناغورنو كاراباخ "منطقةً معزولة".
وقبل ذلك، وتحديداً في أيار/مايو الماضي، أعلن باشينيان أنّ بلاده تستعد للاعتراف بإقليم ناغورنو كاراباخ أرضاً تابعة لأذربيجان.
وأشار باشينيان إلى ضرورة مناقشة مسألة حقوق الأرمن في الإقليم وأمنهم، مع باكو، وإيجاد ضمانات بعدم استمرار سياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية ضدّهم.
اقرأ أيضاً: أرمينيا تنفي قصف أذربيجان وتستعد لإجراء مناورات مع قوات أميركية
يُذكَر أنّ إقليم إقليم ناغورنو كاراباخ يضمّ أغلبيةً أرمينيةً، ويقع في أراضي أذربيجان المعترف بها دولياً.
وتنازعت الدولتان بشأن الإقليم منذ أواخر الثمانينيات، الأمر الذي أدّى إلى حربين، شهدت ثانيتهما عام 2020 هزيمةَ القوات الأرمينية، بينما حقّقت أذربيجان مكاسب ميدانية.
وفي أيلول/سبتمبر 2020، اندلع الصراع المستمر منذ عقود بين باكو ويريفان بشأن ناغورنو كاراباخ، في أسوأ تصعيد منذ التسعينيات، لتنتهي الأعمال العدائية بإعلان وقف إطلاق النار الثلاثي، والذي توسطت فيه روسيا في تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه.
وبُعيد توقف القتال، بدأت قوات حفظ السلام الروسية الانتشار في مناطق النزاع في ناغورنو كاراباخ، إنفاذاً لبنود الاتفاق الثلاثي، الذي وقّعته باكو ويريفان في موسكو.
وفي نهاية أيار/مايو الماضي، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في لقاء ثلاثي مع نظيره الأذربيجاني، إلهام علييف، ورئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، أنّ الوضع في ناغورنو كاراباخ يتطور نحو تسوية.
وتدهور الوضع مجدداً في الإقليم في 27 أيلول/سبتمبر من العام الماضي، بحيث احتدم القتال بصورة متسارعة في المنطقة المتنازع عليها، مسفراً عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، بينهم سكان مدنيون.