أهداف "مجموعة الـ77 والصين".. نحو نظام اقتصادي دولي جديد

قمة "مجموعة الـ77 والصين" في هافانا، لها أهداف اقتصادية عديدة تسعى من خلالها إلى كسر الهيمنة الغربية العالمية، وتعزيز محاربة الفقر واستئصاله من العالم.
  • تأتي هذه القمة تحت عنوان  "تحديات التنمية الحالية: دور العلم والتكنولوجيا والابتكار"

 "سيتم الإعلان عن حق الدول النامية في التنمية والتطوير وسط نظام دولي متزايد في الإقصاء وعدم الإنصاف والظلم والنهب".

بهذه الكلمات افتتح وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز، 13 أيلول/سبتمبر 2023، مؤتمره الصحفي خلال حديثه عن أهمية قمة مجموعة الـ77 والصين في هافانا، حيث تقود كوبا، التي تولت رئاسة المجموعة في 12 كانون الثاني/يناير 2023، المنظمة في فترة محورية في الاقتصاد العالمي، حيث تتبدل الأنظمة العالمية الاقتصادية، في ظل تراجع ملحوظ لأدوات الهيمنة الأميركية في عدد من الدول التي تقودها واشنطن. 

ينظر إلى هذه المجموعة على أنها  الأكثر تنوعاً  عالمياً، إذ أمست، بعد نحو 60 عاماً على تأسيسها، تضم نحو 140 دولةً عضواً، تمثل ثلثي أعضاء منظمة الأمم المتحدة، و80% من سكان العالم.

من هنا تكمن الأهمية الاقتصادية لها، ككتلة عالمية ضاغطة، كونها تمثّل الخيار المنطقي للتكتلات التي تمارس من خلالها الولايات المتحدة ودول الغرب سطوتها وسيطرتها السياسية، بعد التحكّم بمقدرات الدول وخيراتها.

الأهمية الاقتصادية لعقدها في كوبا

لعل خيار دول الجنوب يكمن في انعقاد هكذا قمم،  فـ "تجاوز تحديات العصر لن يتم الا بتطوير المنظومة الديمقراطية للعلاقات الدولية التي تستند إلى مبادىء المساواة بين الدول ذات السيادة، واحترام حقوق الانسان وعدم استخدام القوة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية"، كما ورد في رسالة الرئيس الروسي إلى رئاسة القمة.

موقع "غلوبال تشاينا دايلي" الصيني، أكد أنّ عقد قمة مجموعة الـ"77 والصين" في كوبا له أهمّية خاصّة، وذلك لأنّ كوبا كانت مُنذ فترةٍ طويلة "ضحية لعقلية الحرب الباردة" والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

إن إقامة هذا الحدث في كوبا، يمثل اعترافاً بالدور الذي تلعبه الجزيرة في المشهد الدولي، من خلال صياغة مشاريع تهدف تحديداً إلى إنشاء آليات قادرة على السير ببلدان الجنوب على طريق التنمية، وهو ما قاله ماريو إسكيفيل، رئيس تحرير ومنسق طاولة التحرير لوكالة "برنسا لاتينا" للميادين نت.

وفي الوقت نفسه، فإن ذلك يشكل تحدياً لكوباً بتنظيمها لهذا الحدث الضخم في ظل وضع اقتصادي صعب، يتسم بتأثير جائحة كوفيد-19 والحظر المشدد الذي فرضته الولايات المتحدة على البلاد لأكثر من 60 عاماً، وفقاً لإسكيفيل.

قمة "الدول الـ77 والصين" مكملة لـ "البريكس"

ليس من المبالغة القول إنَّ العالم كله ينتظر ما سينتج من اجتماع مجموعة "الدول الـ77 والصين" كما انتظر قمة "البريكس" منذ أيام. وذلك نظراً لأهمية ما ستنتجه هذه الاجتماعات من قرارات قد تشكّل منعطفاً في علاقات الدول، مشرّعة الأبواب لنظام عالمي متعدد الأقطاب.

وكان الإنجاز الأساسي لمجموعة "بريكس"، هو تأسيس بنك التنمية الجديد (NDB) عام 2015. وعلى عكس البنك الدولي، تتمتع البلدان النامية فيه، بحصة تصويت أكبر بكثير من تلك التي في البنك الدولي. كما يتم تقديم بعض القروض بالعملات المحلية بدلاً من الدولار الأميركي.

وتعتبر هذه القمة على مستوى "77 دولة + الصين"، مكمّلة لقمة مجموعة دول "البريكس" الأخيرة، والتي تهدف إلى  تخطي الهيمنة الاقتصادية الغربية، وحصر مقدرات العالم في يد هذه المركزية القابضة على مقدرات العالم.

أهدافها الاقتصادية

يشار إلى أن أهد أهم أهداف المجموعة محاربة الفقر واستئصاله من العالم، والدفاع عن المصالح الاقتصادية للدول الأعضاء، ودعمها أيضاً. إضافة إلى مواجهة المديونية في الدول النامية وتحقيق نظام اقتصادي واجتماعي عادل.

وبحسب ما جاء قي تصريحات دول الأعضاء، فإن إزالة الحواجز الجمركية والعوائق التجارية بين دولها، يأتي من بين أولوياتها لتتمكن من الوصول إلى مشاركة أكبر في التجارة العالمية، وهذا ما سينعكس إيجاباً على الاقتصاد التجاري لهذه الدول.

مُحللون قالوا إنّ هذه القمة ستُوفّر فُرصاً رئيسية لتعزيز التضامن بين بلدان الجنوب العالمي في المجالات الاقتصادية، وتمكين الاستجابات المشتركة للتحديات التي تُواجه العالم النامي. ووفقاً لهم، فإن هذه القمة ستوفر دور أكبر للأمم المتحدة لدعم الاقتصاد الكلي للدول النامية. إضافة إلى توسيع الأسواق والمحافظة على التنمية المستدامة.

وقبل ذلك، يمكن أن يشكّل مؤتمر هافانا رداً قوياً  في مكانه وزمانه، على سياسة العقوبات الأميركية والغربية التي تطال دولاً وحكومات وكيانات سعياً إلى ازالتها فوراً. وهذا يندرج ضمن الأهداف الأساسية التي  تسعى القمة إلى تحقيقها.

ويجب أن تساهم القمة، بحسب السفير الكوبي، في "معالجة التحديات الرئيسة الناجمة عن النظام الاقتصادي الدولي الحالي، من خلال الدعوة إلى إصلاح شامل للبنية المالية الدولية، واتّباع نهج أكثر شمولاً وتنسيقاً للإدارة المالية العالمية".

وفي هذا الصدد، قال ماريو إسكيفيل، خلال حديثه للميادين نت، إن مع الأخذ في الاعتبار وزن المجموعة، فإن الاستراتيجية الرئيسية تتمثل في تنسيق المواقف.

وهي توفر عموماً، بحسب إسكيفيل، الوسائل لبلدان الجنوب، للتعبير عن المصالح الاقتصادية الجماعية وتعزيزها وتعزيز القدرة التفاوضية المشتركة بشأن القضايا الاقتصادية الدولية الرئيسية.

وبهذه الطريقة، وفقاً له، يمكن وضع برامج تعاون في مجالات مثل الصناعة والزراعة والطاقة والتمويل والمواد الخام والأغذية.

 العقبات المحتملة أمام الأهداف

لا شك بأن القمّة ستساعد الدول النامية على تنسيق سياساتها بشكلٍ أفضل، وضمان استقرار البيئة السياسية العالمية بشكلٍ مُشترك، ومعارضة عقلية الحرب الباردة والتكتّل. ولكن لا يخفى على أحد أنّ هناك تحديات كبيرة أمام المجموعة لتحقيق أهدافها على رأسها طبيعة النظام الاقتصادي الجديد وضغوط الدول الغنية وفرضها القيود على نظيرتها النامية.

ورداً على سؤال بشأن طبيعة العقبات المحتملة أمام الأهداف الاقتصادية لهذه المجموعة، قال إسكيفيل إن جهود "مجموعة الـ 77 والصين" تصطدم بمصالح الغرب، التي تهدف إلى استراتيجية فرق تسد عند التفاوض على الجوانب الاقتصادية، وتحاول دائماً فرض معاييرها فوق معايير الأغلبية.

وعلى الصعيد الداخلي، أضاف أنه يمكن أن يؤثر عدم التماثل الاقتصادي لأعضاء المجموعة، الذين يتمتعون بقوى مثل الصين والبرازيل والأرجنتين، على عملية صنع القرار، على الرغم من وجود ميل في هذه الحالات نحو التعددية، مما يمهد الطريق نحو نتيجة مربحة للجميع في المفاوضات.

ونظراً إلى بعض التحديات والصعوبات يبقى السؤال: "هل تستطيع القمة معالجة التحديات الرئيسة الناجمة عن النظام الاقتصادي الدولي الحالي؟

وهذا قد يستدعي إصلاحاً شامل للبنية المالية الدولية، وربما التخلي عن ربط الاقتصاد العالمي بالدولار، وهذا ما تحدث عنه رؤساء دول كبرى في الفترة الماضية.

وفيما يخص التدابير الاقتصادية التي يمكن أن تتخذها مجموعة الـ 77 والصين في بيانها الختامي، قال إسكيفيل إنه على الرغم من أن البيان الختامي لم تتم الموافقة عليه بعد في القمة، إلا أنه يتضمن دعوة للإلغاء العاجل للتدابير القسرية أحادية الجانب وإقامة نظام اقتصادي دولي جديد، مع مراعاة أن النظام الحالي يصبح أكثر استبعاداً وقائم على عدم التكافؤ والظلم والاستغلال.

بالإضافة إلى ذلك، يدعو البيان، بحسب إسكيفيل، إلى إصلاح الهيكل المالي الدولي ومعالجة الديون الخارجية المتزايدة للدول النامية، وكذلك الوفاء بالالتزامات الدولية من حيث المساعدة الدولية للتنمية، والالتزام الأخلاقي للدول الصناعية، بالإضافة إلى توفير التمويل لمواجهة تغير المناخ.

اقرأ أيضاً: مجموعة الـ"77 والصين".. ما الأهمية السياسية لعقد قمتها في كوبا؟

المصدر: الميادين نت