"كارثة أكبر من قدراتنا".. ليبيا تحصي ضحايا كارثة السيول وتوقعات بارتفاع الحصيلة
تحصي مدينة درنة المدمّرة في شرق ليبيا وفياتها، اليوم الأربعاء، فيما يتوقع بأن ترتفع أكثر حصيلة ضحايا السيول الناجمة عن العاصفة "دانيال".
يأتي ذلك بعدما انفجر سدّان بعد ظهر الأحد بعد العاصفة، لتتدفق المياه في المدينة جارفة معها الأبنية ومن في داخلها.
لكن في وقت متأخر الثلاثاء، بلغت الحصيلة الأولية الصادرة عن السلطات في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا التي تعاني أزمات سياسية 2300 قتيل على الأقل.
وأفادت أجهزة الطوارئ بأن أكثر من 5000 شخص فُقدوا، وأصيب نحو 7000 بجروح.
وقال المسؤول في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر تامر رمضان إن "حصيلة القتلى ضخمة، وقد تصل إلى الآلاف".
بالتزامن مع ذلك، أكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، أن "سلطات بلاده لن تدخر جهداً في تقديم كل ما تستطيع من أجل التخفيف عن المنكوبين في مدينة درنة".
وقال المنفي، في كلمة متلفزة، إن "الكارثة مهولة وأكبر من قدرات ليبيا"، مضيفاً: "لذلك، يتحتم علينا أن نطلب المساعدة من كل الدول والمنظمات الدولية".
هنا كانت هناك مدينة اسمها #درنة…#ليبيا #انقذوا_درنة pic.twitter.com/BR4XDEixVc
— درنة زووم Derna Zoom (@dernazoom) September 13, 2023
وأفادت وكالة الأنباء الليبية "وال"، نقلاً عن وزارة الداخلية في الحكومة المكلفة من مجلس النواب، قولها: "إن حصيلة ضحايا السيول والفيضانات التي اجتاحت مدينة درنة ارتفعت إلى 5300 ضحية".
وأفاد مصدر من المركز الطبي "طبرق" في ليبيا، أمس الثلاثاء، بأن عدد ضحايا إعصار "دانيال" شهد ارتفاعاً بعد البدء بعمليات الإنقاذ ووصول العديد من الجثث إلى المركز الطبي شرق مدينة درنة.
وأعلن جهاز الإسعاف والطوارئ الليبي، أمس، أن "فرق الطوارئ تتوالى تباعاً إلى مدينة درنة من كل المدن" بعد الفيضانات القوية التي ضربت شرقي البلاد نتيجة الإعصار "دانيال".
وأصدرت حكومة الوحدة الوطنية الليبية، في وقت سابق، قراراً باعتبار جميع البلديات التي تعرضت للفياضات والسيول إثر العاصفة "دانيال" مناطق منكوبة.
ووجهت الحكومة في بيان "كل الجهات العامة والمختصة باتخاذ تدابير عاجلة واستثنائية، وتسخير كامل إمكاناتها لمواجهة ما لحق بالملكيات العامة والخاصة من أضرار". واختتم البيان بالتوصية للعمل بالقرار من تاريخ صدوره.
وأعلن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، أمس الثلاثاء، أن "ثلاثة متطوعين من الهلال الأحمر الليبي لقوا حتفهم وهم يساعدون ضحايا الفيضانات".
وقال وزير الصحة في الحكومة الليبية المكلفة عثمان عبد الجليل مساء الاثنين: "الأوضاع في درنة تزداد مأساوية، ولا توجد إحصاءات نهائية لأعداد الضحايا. كثير من الأحياء لم نتمكن من الوصول إليها، وأتوقع ارتفاع عدد الوفيات إلى 10 آلاف".
ويمر بالمدينة الواقعة على بعد 250 كيلومتراً شرق بنغازي مجرى نهر يجفّ عادة خلال الصيف، لكنه تحوّل الآن إلى ممر للمياه الموحلة بتيار قوي جرف معه عدداً من الجسور الرئيسية.
وكانت درنة تضم نحو 100 ألف نسمة. وقد انهار العديد من أبنيتها متعددة الطوابق على ضفاف مجرى النهر، فيما اختفى السكان ومنازلهم ومركباتهم في المياه.
مساعدات دولية
وفيما يتفاقم القلق الدولي حيال الكارثة، قدّمت دول عدّة مساعدات عاجلة، وأرسلت فرق إنقاذ لمساعدة الدولة التي تعاني الحروب وتعصف بها ما وصفها مسؤول من الأمم المتحدة بـ"نكبة بأبعاد أسطورية".
ووصلت فرق إنقاذ من الجزائر ومصر وتركيا إلى شرق ليبيا، بحسب السلطات. كما عرضت الأمم المتحدة وعدة بلدان، من بينها فرنسا وإيطاليا وقطر وتونس، إرسال مساعدات.
ونقل مراسل الميادين في الجزائر أنّ الجيش الجزائري والحماية المدنية يشرفان على شحن المساعدات الإنسانية العاجلة إلى ليبيا، وخصصت السلطات الجزائرية 8 طائرات عسكرية من الحجم الكبير لنقل المساعدات عبر جسر جوي.
وقد وصلت 4 طائرات إلى من الجسر الجوي الجزائري ليل أمس إلى مطار معيتيقة الدولي.
وأرسلت الجزائر 6 فرق متخصصة في عمليات البحث والإسعاف والإنقاذ، وفرقة غطاسين محترفين، وفرقة للكلاب المدربة، إضافة إلى فرقة طبية مختصة في طب الكوارث ومختصين نفسيين.
ويغادر فريق إنقاذ فلسطيني من الدفاع المدني ووزارة الصحة والهلال الأحمر اليوم الأربعاء إلى ليبيا للمساهمة في جهود الإنقاذ والإغاثة.
وصرح العميد عودة يونس مدير العلاقات الدولية في الدفاع المدني الفلسطيني: "تم تجهيز فريق الدفاع المدني للبحث والإنقاذ مع الأخذ بعين الاعتبار تركيبة الفريق، بحيث يكون متخصصاً في أعمال البحث والإنقاذ المائي، لكون طبيعة المهمة لدى الأشقاء في ليبيا هي إعصار كارثي ومدمر، وأغلب السكان متضررون نتيجة الأحوال الجوية المصاحبة للإعصار".
وأضاف لـ"رويترز" فيما كان الوفد يستعد لمغادرة رام الله إلى ليبيا عبر الأردن: "هناك الكثير من المفقودين جراء هذا الإعصار، وستتعامل معهم الطواقم الفلسطينية والطواقم الليبية الموجودة، إضافة إلى أي طواقم قد تحضر إلى ليبيا الشقيقة".
ويضم الوفد الفلسطيني طاقماً طبياً من مختلف التخصصات، إضافة إلى طاقم للتمريض متخصص في غرف العمليات.
وزار أمس الثلاثاء رئيس أركان حرب القوات المُسلحة المصرية الفريق أسامة عسكر لتنسيق الجسر الجوي المصري إلى ليبيا الذي انطلقت أول 3 طائرات عسكرية منه مساء أمس.
وحملت الطائرات طواقم البحث والإنقاذ ومجموعات عمل تابعة للهلال الأحمر المصري، إضافة إلى معدات فنية ومواد طبية وغذائية.
🌇#مشاريع_مصر🇪🇬|
— مشاريع مصر Egypt (@EgyProjects) September 12, 2023
إنطلاق جسر جوى من مصر إلى ليبيا لنقل الدعم اللوجستى للأشقاء في ليبيا، يبدأ بإيفاد 3 طائرات عسكرية تحمل على متنها مواد طبية وغذائية و 25 طاقم إنقاذ مزود بكافة المعدات الفنية اللازمة، وذلك تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي. pic.twitter.com/pqjlyOmQMj
وسترسل فرنسا مستشفى ميدانياً ونحو 50 عنصراً عسكرياً ومدنياً يمكنهم علاج 500 شخص يومياً، بحسب ما أعلنت باريس الثلاثاء.
وفي مناطق أخرى من شرق ليبيا، أعلن المجلس النرويجي للاجئين الثلاثاء بأن "قرى بأكملها غمرتها الفيضانات، وتواصل حصيلة القتلى الارتفاع".
وأضاف: "عانى السكان في أنحاء ليبيا سنوات من النزاعات والفقر والنزوح. ستفاقم الكارثة الأخيرة حدة الوضع بالنسبة إليهم، وستضغط على المستشفيات ومراكز الإيواء".
نزوح 30 ألف شخص من درنة جراء الفيضانات
أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، اليوم الأربعاء، نزوح ما لا يقل عن 30 ألف شخص من مدينة درنة، جراء الفيضانات الناجمة عن العاصفة دانيال، التي ضربت البلاد خلال الأيام الماضية.
وقالت المنظمة، في بيان، "ما لا يقل عن 30 ألف فرد نزحوا في درنة، بسبب العاصفة دانيال، مع 3000 في مدينة البيضاء، و1000 في المخيلي، و2058 نازح في بنغازي، أما عدد الوفيات لم يتم التحقق منه حالياً".
وعلى صعيد استجابة الحكومة للأزمة، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا تخصيص حوالي 413 مليون دولار (حوالي ملياري دينار ليبي) لعمليات إعادة الإعمار في المدن المتضررة جراء السيول.
كما قررت الحكومة تخصيص أكثر من 103 ملايين دولار (500 مليون دينار ليبي) لصالح وزارة الحكم المحلي، بهدف تغطية الأضرار في المناطق المنكوبة شرقي البلاد.
المستشفيات في شرق ليبيا غير قادرة على استيعاب المصابين
فيما أكد وزير الطيران المدني الليبي وعضو لجنة الطوارئ، هشام شكيوات، اليوم الأربعاء، أن المستشفيات في شرق ليبيا غير قادرة على استيعاب العدد الكبير للمصابين، في ظل ارتفاع أعدادهم جراء الفيضانات والسيول التي ضربت البلاد خلال الأيام الماضية.
وقال شكيوات في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية "كل المستشفيات في المنطقة الشرقية تستقبل الحالات، وعدد المصابين يرتفع كثيراً، ولا أعتقد أن المستشفيات في ظل الوضع بالمنطقة الشرقية قادرة على استيعاب هذه الكميات، لكن يتم التنسيق لترحيل العديد منهم إلى مستشفيات المنطقة الوسطى ومدينة سرت".
وأشار إلى أن التركيز ينصب حالياً على "عمليات إنقاذ الأحياء وانتشال الجثث، وليس لدينا أي إحصائيات للأضرار المادية".
ناجون يتحدثون عن تجربتهم
وصف الناجون من الفيضانات صوتاً يشبه الانفجار عندما انهار أحد السدود، فتدفقت المياه سريعاً لتصل حتى الطوابق العليا من المباني ويفر السكان من أسطحها أو يتعلقون بالأثاث لساعات في غرف غمرتها المياه حتى السقف تقريباً.
وعند مدخل مدينة درنة في شرق ليبيا، حيث أدت عاصفة إلى ارتفاع مستوى مياه نهر وانهيار سدين لتجتاح مياه الفيضانات أرجاء المدينة في ساعة مبكرة من صباح أمس الاثنين، وقفت مجموعة من الناجين يبحثون عن مأوى بعد تدمير منازلهم. وكان الكثيرون لا يزالون يرتدون ملابس نوم ونعالاً بعدما هرعوا على نحو مفاجئ.
نجا رجاء ساسي (39 عاماً) من الفيضان مع زوجته وابنته الصغيرة بعدما وصلت المياه إلى طابق علوي من المنزل، لكن بقية أفراد أسرته لقوا حتفهم. وقال: "في البداية، اعتقدنا أنها أمطار غزيرة، ولكن في منتصف الليل سمعنا انفجاراً هائلاً، وكان ذلك السد وهو ينفجر". وأضاف أن وسط المدينة عج بالجثث المتناثرة.
وقالت زوجته نورية الحصادي (31 عاماً) التي تشبثت بابنتها الصغيرة خلال هروبهما إن نجاتهم كانت "معجزة".
وقالت صفية مصطفى (41 عاماً)، وهي أم لولدين، إنهم تمكنوا من الفرار من منزلهم قبل انهيار المبنى. وأضافت أنهم صعدوا إلى السطح، وهربوا عبر أسطح المباني المجاورة.
قال ابنها أُبي (10 سنوات) إنه كان يدعو الله أن ينجوا بحياتهم. وقالت صالحة أبو بكر، وهي محامية تبلغ 46 عاماً، إنها نجت مع شقيقتيها من الكارثة، لكن والدتهن لقيت حتفها، وأضافت أن المياه سرعان ما غمرت المبنى ووصلت إلى الطابق الثالث.
وأوضحت أن المياه اندفعت إلى شقتهم حتى بلغت السقف تقريباً، ولمدة قالت إنها شعرت بأنها ثلاث ساعات تشبثت خلالها بقطعة أثاث حتى تظل طافية.
وقالت: "أستطيع السباحة، لكن عندما حاولت إنقاذ عائلتي، لم أتمكن من فعل أي شيء".
وعندما انحسرت مياه الفيضان، تمكنت مع شقيقتيها من مغادرة المبنى قبل وقت قصير من انهياره، لكن والدتهن كانت في داخله.