قمّة مجموعة الـ"77 والصين" في هافانا.. أدوار متصاعدة للتجمعات الرافضة للهيمنة

القمّة المُقبلة لمجموعة الـ"77 + الصين" في العاصمة الكوبية هافانا، تأتي وسط تصاعدٍ لأدوار ومسارات حراك التجمعات والأطر المؤسّساتية الرافضة للهيمنة الغربية والأحادية القطبية، فما هي المجموعة، وإلى ماذا تهدف؟
  • رؤساء دول وحكومات مجموعة الـ"77 + الصين" أثناء الاحتفال بمرور 50 عاماً على تأسيس المجموعة، عام 2014 (أرشيفية)

تُقبل قمّة "هافانا" لرؤساء دول وحكومات مجموعة الـ"77 + الصين"، والتي ستعقد في العاصمة الكوبية هافانا، في الفترة بين 15 إلى 16 أيلول/سبتمبر الجاري، في ظلّ ظروفٍ دولية خاصّة، وتظافر لجهود ومسارات العمل المشترك الثنائي والمتعدّد الأطراف لتجاوز الهيمنة الغربية والمؤسّسات والمنتديات المرتبطة بها.

وتأتي القمّة تحت عنوان "تحديات التنمية الحالية: دور العلم والتكنولوجيا والابتكار"، وذلك حسبما أعلن الرئيس الكوبي، ميغيل دياز كانيل، في حزيران/يونيو الماضي، داعياً إلى العمل في هذه المناسبة على تعزيز وحدة الدول الأعضاء في المجموعة، واتخاذ قرارٍ بشكلٍ فعّال بشأن الإجراءات الجماعية والعملية لمواجهة التحديات المعاصرة.

أكبر مجموعة حكومية دولية

تُعتبر مجموعة الـ 77 أكبر مجموعة حكومية دولية من البلدان النامية في الأمم المتحدة، هدفت إلى ترقية المصالح الاقتصادية لأعضائها بشكلٍ جماعي، بالإضافة إلى خلق قدرةٍ تفاوضية مشتركة ضمن نطاق منظمة الأمم المتحدة.

وبدأت المجموعة في 15 حزيران/يونيو عام 1964، بمبادرةٍ من 77 دولة وقّعت على الإعلان المشترك، والذي صدر في الجلسة الختامية من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في جنيف.

ورغم أنّ عضوية مجموعة 77 قد وصلت الى 134 دولة اليوم، لكنّها حافظت على تسميتها الأصلية نظراً لدلالتها التاريخية، وتمثّل ثلثي أعضاء الأمم المتحدة، و80% من سكان العالم.

وعُقِد الاجتماع الوزاري الأول للمجموعة في الجزائر عام 1967، ومثّل نقلةً نوعية في بنيتها، إذ تمّ تبنّي ميثاق الجزائر، والذي أصبح هيكل المجموعة المؤسّسي، كما مهّد الطريق لبنيةٍ مؤسّساتية دائمة نمت بشكلٍ مستمر. 

وتطورت بنية المجموعة تدريجياً، حيث أدّى هذا التطور إلى إنشاء مواثيق روما وفيينا وباريس ونيروبي وواشنطن، كما تحظى المجموعة بممثلين عنها، في عدّة مؤسّساتٍ ومسارات دولية، منها منظمة الأغذية والزراعة "فاو"، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة"يونسكو"، وغيرها.

وتتخذ المجموعة مبنى الأمم المتحدة في نيويورك مقراً رئيسياً لها، وتنتقل رئاسة المجموعة بين الدول الأعضاء في تصويتٍ يتمّ كل عام في نهاية كل دورة.

الصين والمجموعة.. مسارٌ من تنمية العلاقات

حظيت مجموعة الـ77 منذ تأسيسها بدعم الصين، حيث حضرت بكين اجتماعات المجموعة بصفة "ضيفٍ خاص" في البداية، حتى بدء التنسيق بين الطرفين عام 1991.

وفي عام 1996، تبنّت الدورة الوزارية الـ20 للمنظمة اسمها الحالي، ومن ثمّ صدر البيان الأول باسم "مجموعة 77 + الصين"، ليتمّ اعتماد الإسم منذ ذلك الحين.

وتؤكّد الصين أنّها دعمت المطالب المشروعة للمجموعة، وحافظت على علاقات التعاون معها، وذلك على الرغم من كونها ليست عضواً ضمنها.

أهداف جماعية لدول الجنوب

تهدف مجموعة الـ77+الصين، وفقاً لموقعها الرسمي على الإنترنت، إلى توفير الوسائل المتاحة لبلدان الجنوب لتوضيح وتعزيز مصالحها الاقتصادية الجماعية، وتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب من أجل التنمية.

وتسعى المجموعة إلى تعزيز قدرتها التفاوضية المشتركة بشأن جميع القضايا الاقتصادية الدولية الرئيسية داخل منظومة الأمم المتحدة.

وفي السياق السياسي، يعزو البعض جذور وأسباب قيامها كمجموعةٍ وتكتلٍ دولي، إلى أنّها المكمل الاقتصادي لتكتل دول حركة عدم الانحياز، حيث تأسّست نظراً للظروف الجيوسياسية والاقتصادية التي ميزت فترة ما بعد الحرب الباردة، وبوصفها الطريق الوسط بين النظامين الاجتماعيين والاقتصاديين القائمين آنذاك، النظام الليبرالي الرأسمالي واقتصاد السوق الحر والنظام الاشتراكي واقتصاد السوق الموجه.

وتُعرف عملية صنع القرار الرئيسية للمجموعة باسم قمّة الجنوب، حيث عُقدت القمة الأولى في العاصمة الكوبية هافانا، في نيسان/أبريل عام 2000.

كما يُذكر أنّ الدول الأعضاء تقوم بتمويل أنشطة المجموعة من خلال المساهمات، وتتمتع بنظام عمل مشترك على مستوى فروعها المختلفة، كما يتم تناقل الرئاسة في المنظمة على أساسٍ إقليمي، وذلك بين أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية ودول الكاريبي، وتمتد فترة سنةٍ واحدة في كافة الفروع.

قمّة هافانا.. تعاظم لأدوار التكتلات المضادة للهيمنة

وفقاً لما أعلنه سفير ومندوب كوبا الدائم في الأمم المتحدة، بيدرو لويس بيدروسو، فإنّ كوبا، بصفتها رئيساً للمجموعة حالياً، تأمل أن تساهم قمّة هافانا المُقبلة في تعزيز صوت المجموعة في عمليات المفاوضات الحكومية الدولية الجارية، والهادفة إلى عقد قمّة "التنمية المستدامة"، في 18 و19 أيلول/سبتمبر الجاري، في نيويورك، وقمّة "المستقبل"، المُقرّر عقدها في أيلول/سبتمبر عام 2024، وهما الحدثان الذان يهدفان إلى رسم مستقبل من السلام والتنمية المستدامة لشعوب الجنوب العالمي.

ومن جانبه تحدّث الرئيس الكوبي، خلال كلمته التي ألقاها أمام قمّة دول مجموعة "بريكس" الأخيرة، عن أنّ مجموعة الـ 77 ومجموعة "بريكس" تتحملان مسؤولية الدعوة إلى تغيير النظام الدولي الحالي، مُشيراً إلى أنّ هذا "ليس خيارا، هذا هو البديل الوحيد".

وأكّد كانيل أنّ مجموعة الـ "77" ومجموعة "بريكس" قامتا بالدعوة تاريخياً إلى إحداث تحولٍ حقيقي في الهيكل المالي الدولي الحالي، واصفاً إياه بأنّه "يتسم بالظلم الشديد، وقد عفا عليه الزمن، ويعاني من خللٍ وظيفي".

وتأتي اجتماعات هذا العام في كوبا في ظلّ تحولاتٍ وانقلاباتٍ على المستوى العالمي، بينما يتعاظم دور التكتلات والتجمعات السياسية والتحالفات الاقتصادية والجيوسياسية.

كما تكتسب القمّة الحالية أهميةً خاصة، لأكثر من عامل، منها ما يتعلق بمكان انعقادها، حيث تحدّثت بعض المنافذ الإعلامية الغربية أنّ كوبا "برئاستها للقمة، ستسعى إلى قيادة الدول ذات التفكير المماثل في الوقوف ضد الولايات المتحدة".

وتمثّل القمّة المُرتقبة أيضاً أهمية خاصة مع انشغال العالم بالحديث بشأن الجنوب العالمي، وما تمثله المجموعة من أصالةٍ وتاريخ في تمثيلها لدول الجنوب.

وفي ذات السياق، تحدّثت شبكة "ABC" الأميركية، في تقريرٍ لها، عن تعريف الجنوب العالمي، مؤّكدةً أنّه "في مرحلةٍ من المراحل اعتُبرت مجموعة الـ77 هي الجنوب العالمي"، كما يُشار إلى أنّ القمّة تأتي أيضاً بعد انعقاد قمّة "صوت الجنوب العالمي" في الهند، والتي جرت في كانون الثاني/يناير الماضي، إضافةً إلى قمّة "بريكس" الأخيرة في جنوب أفريقيا، في آب/أغسطس الماضي،وهو الأمر الذي يشير إلى الأهمية المتزايدة لهذه التجمعات والأطر.

اقرأ أيضاً: قادة قمة الـ"بريكس": نقف بحزم ضد الهيمنة والاستعمار الجديد

المصدر: الميادين نت + وكالات