استخبارات البنتاغون تقيّم هجوم أوكرانيا المضاد: فشلنا في تقدير عمق الدفاعات الروسية

مقابلة نادرة مع وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية أجرتها مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية، تعرض كيف يقيّم البنتاغون التقدّم الذي أحرزته أوكرانيا خلال الهجوم المضاد، والأفق الذي ينتظر الميدان الأوكراني مقابل روسيا، بعد 3 أشهر على بدء الهجوم.
  • "المسؤولون الأميركيون والأوكرانيون فشلوا في تقدير عمق الدفاعات الروسية ومدى صعوبة "تحطيمها" من قبل أوكرانيا"

نشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، اليوم الخميس، تقريراً تضمّن تقييم وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية للوضع الميداني الذي تشهده أوكرانيا، بعد ثلاثة أشهر من الهجوم المضاد، تضمّن تحليلاً للأسباب الأساسية التي أدّت إلى تعثّر الهجوم وتأخر تحقيق أي إنجازات حقيقية حتى الآن، وتوقعات بشأن المرحلة المقبلة.

وفي مقابلة وصفتها بـ"النادرة" مع ترينت مول، مدير التحليل في وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية، تساءل التقرير عما إذا كانت أوكرانيا ستتمكن من تحقيق اختراق لخطوط روسيا الدفاعية في الجنوب، قبل أن تصبح القذائف نادرة، وقبل حلول فصل الشتاء.

يعترف مول بصراحة للـ"إيكونوميست" أنّ وكالته "أخطأت في العراق عام 2014، في مواجهة "داعش"، وأفغانستان عام 2021، في مواجهة طالبان، حيث انهارت الجيوش التي بنتها الولايات المتحدة ودرّبتها وراهنت عليها بين عشية وضحاها"، رابطاً بين هذه التقييمات الخاطئة، وبين ما تقوم به الوكالة الأساسية في البنتاغون اليوم من تقييمات "مبالغة في التشدد" للوضع في أوكرانيا.

ويقول مول إنّ البنتاغون "سوف يراقب الإشارات التي تشير إلى أن روسيا قادرة على مواصلة تدفق ذخائر المدفعية إلى الخطوط الأمامية، والحفاظ على القيادة بمستوياتها الحالية"، معترفاً بأنّ "المسؤولين الأميركيين والأوكرانيين فشلوا في تقدير عمق الدفاعات الروسية ومدى صعوبة "تحطيمها" من قبل أوكرانيا، بواسطة المدرعات".

وبحسب التقرير، فقد صرّح جنرالات أوكرانيون في وقت سابق أنّ "80% من جهود روسيا ذهبت إلى بناء الخطين الأول والثاني"، لكنّ مول في المقابل حذّر من أنّ "الجزء الأكبر من التعزيزات الروسية لا يزال في الخطّ الثالث".

وفي الأسابيع الأخيرة، وجّه المسؤولون الأميركيون انتقادات خاصة إلى القادة الأوكرانيين بشأن استراتيجيتهم العسكرية، ولا سيما قرار نشر وحدات ذات خبرة في الشرق حول باخموت بدلاً من المحور الرئيسي في الجنوب، يشير التقرير.

ولكنّ مول أضاف أنّ "الأمر مفتوح للنقاش حول ما إذا كان الأوكرانيون قد استخدموا نوع التكتيكات الذي تأمل أن يحقّق مكاسب أكثر عدوانية في وقت أقصر"، معتبراً أنّ "الأهم من ذلك أنّ هناك متغيرين حاسمين وهما مخزون أوكرانيا من الذخيرة، وهو أمر حيوي لدعم وابل المدفعية التي يراهن عليها لتحقيق التقدم، والطقس، الذي يصبح أكثر رطوبة في الخريف".

وبحسب تقرير "إيكونوميست"، يقول أحد مسؤولي إدارة بايدن إنّ "أمام أوكرانيا ما يقرب من 6 إلى 7 أسابيع من القتال قبل أن يصل هجومها إلى ذروته"، لافتاً إلى أنّ "هناك خلافات خاصة حول مدى التقدم الذي يمكن إحرازه في ذلك الوقت".

اقرأ أيضاً: مستقبلاً بلينكن وأوستن.. زيلينسكي يحذّر من "شتاء صعب" ينتظر أوكرانيا

ويعتقد عدد من مسؤولي الولايات المتحدة وحتى في أوكرانيا، أنّ "الجيش الأوكراني، الذي استعان بأغلب احتياطياته قبل اختراق الخط الدفاعي الروسي الثاني، وتكبّد خسائر فادحة في الأرواح أثناء محاولته اختراق الخط الأوّل، من غير المرجح أن يذهب بعيداً".

إذ يقول مسؤول كبير في الاستخبارات الأميركية، إنه يعتقد "أنه إذا كنا سننظر إلى ساحة المعركة بعد خمس سنوات، فقد تبدو متشابهة إلى حد كبير لما تبدو عليه اليوم".

ويختم مول كلامه بشكل "أقلّ كآبة إلى حدّ ما من كلام مسؤول الـ سي آي إي"، بحسب توصيف المجلة، إذ يشير إلى أنّ "غياب بريغوجين وسوروفيكين عن الميدان هذا العام قد يعطي فرصة لأوكرانيا"، ويقدّر بأنّ هناك "نسبة تتراوح بين 40 إلى 50% أن تنجح أوكرانيا في تحقيق اختراق ما"،  لكنه يعود ويحذر من أنّ "محدودية الذخيرة وسوء الأحوال الجوية سيجعل الأمر صعباً للغاية"، وقد يدفع القتال إلى التجميد نحو جولة جديدة في 2024.

وكانت صحيفة "الغارديان" البريطانية ذكرت، الشهر الفائت، أنّ "القائد العام للقوات الأوكرانية، فاليري زالوجني، وضباطه، علموا أنهم لا يملكون الوسائل اللازمة لشنّ هجوم مضاد، لكن لم يكن لديهم الوقت للتأخير، لأنه كانت هناك علامات انزعاج وإرهاق لدى المانحين في الغرب".

وفي المقلب الروسي، قال الرئيس فلاديمير بوتين إن "الهجوم المضاد" لا يراوح في مكانه فحسب، بل "هو فشل"، وذلك بعد مضي ثلاثة أشهر وعدة أيام على انطلاقه.

ووفقاً لوزير الدفاع سيرغي شويغو، فإن القوات المسلحة الأوكرانية "لم تحقق أهدافها على أي من المحاور، ولا سيما في الأكثر "سخونة" منها، أي محور زاباروجيا بالقرب من قرية رابوتينو الصغيرة، حيث ألقت أوكرانيا إلى المعركة بألوية تدريبها، من الاحتياط الاستراتيجي لقواتها".

ووفقاً لوزارة الدفاع الروسية، فإنه "بحلول بداية أيلول/سبتمبر، ومنذ بداية "الهجوم المضاد"، بلغت خسائر القوات المسلحة الأوكرانية أكثر من 66 عسكرياً و7.6 آلاف قطعة سلاح، بما في ذلك دبابات "ليوبارد" ألمانية الصنع ودبابات خفيفة "أي إم إكس" الفرنسية، ومركبات المشاة القتالية "برادلي" الأميركية، كما ظهرت تقارير عن تدمير أول دبابة بريطانية من طراز "تشالنجر-2".

ويأتي ذلك وسط تأكيد الأوساط العسكرية الغربية "تفاجؤها بفعالية حقول الألغام التابعة للقوات المسلحة الروسية، وقدرتها على إعاقة التقدم البري".

وكانت الولايات المتحدة أعلنت بالأمس، بعد قرار سابق بتزويد كييف بالذخائر العنقودية، أنّها ستزوّد دبابات أبرامز التي ستنضم إلى القوات الأوكرانية على الجبهات بقذائف اليورانيوم المنضب، في سعي لرفع مستوى تسليح القوات لتحقيق اختراق ما على الجبهة.

اقرأ أيضاً: "التايمز": الخسائر بالآلاف.. قوات النخبة الأوكرانية المدربة غربياً تنهار

المصدر: مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية