العريش المصرية تستقبل السياح للمرة الأولى منذ 10 سنوات بعد القضاء على الإرهاب
لم يمنع الهجوم الإرهابي الذي شهدته مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء، الشهر الماضي، من إعادة فتح أبوابها أمام المصريين كوجهة مصيفية مع تدقيق أمني مشدد بعد إغلاق كامل دام عشر سنوات.
فتحت مدينة العريش، عاصمة شمال سيناء، أبوابها أمام المواطنين المصريين مجدداً بعد إغلاق دام عشر سنوات على خلفية مواجهات مسلحة بين قوات الجيش والشرطة من جانب ومسلحين محسوبين على الجماعات الإسلامية المتطرفة "داعش" و"تنظيم القاعدة" من جانب آخر، وهي المواجهات التي بدأت بعد إطاحة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي في إثر تظاهرات 30 حزيران/يونيو في 2013.
وشهدت العريش مواجهات دامية استمرت طوال السنوات الماضية وعمليات استهدفت مواقع تمركز قوات الجيش والشرطة وطالت كذلك مساكن المدنيين بجانب عمليات القتل والخطف التي استهدفت ضباطاً وجنوداً خلال تنقلهم من وإلى أماكن عملهم، فضلاً عن محاولات متكررة لإحكام السيطرة على بعض المناطق المدنية، كما حدث في مدينة الشيخ زويد التي تبعد أقل من 40 كم عن العريش.
ودفعت قوة العناصر المتطرفة واستهدافها مراكز قوات الأمن إلى تعزيز الوجود العسكري وإدخال معدات حربية ثقيلة بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، خاصة أن العريش تقع في نطاق المناطق التي يخضع انتشار قوات الجيش فيها لاتفاقية "كامب ديفيد"، فضلاً عن السماح للطائرات الحربية بالتحليق في المنطقة "ج" على الشريط الحدودي وهي إجراءات استثنائية جرى اعتمادها بشكل دائم للتصدي للمخاطر الأمنية في المنطقة، ونجحت في ملاحقة الجماعات الإرهابية عدة مرات، فضلاً عن دورها في عمليات الاستطلاع وتوجيه ضربات استباقية.
فتحت العريش التي جرى تهجير المسيحيين منها قبل سنوات مع تكرار استهدافهم بشكل فردي أبوابها أمام المواطنين المصريين شرط وجود حجز فندقي في أي من الفنادق العاملة في المدينة والتي عادت لاستقبال المصطافين عقب سنوات اقتصر إشغال مرافقها على رجال الأمن والجيش فقط، فيما قدمت الفنادق خدماتها بأسعار منخفضة مقارنة بباقي المصايف المصرية خاصة مع وجود مخاوف من التردد على المدينة التي ارتبط اسمها في نشرات الأخبار بالعمليات الإرهابية.
وبالرغم من أن العريش لا تزال آخر النقاط التي يسمح بالوصول إليها من دون تصاريح تصدر عن المخابرات الحربية على غرار الذاهبين إلى مدينة الشيخ زويد أو إلى الحدود مع رفح الفلسطينية، فإن المدينة باتت اليوم أكثر هدوءاً من أي وقت مضى مع استئناف الحركة الاعتيادية ورفع حالة الطوارئ وهي القرارات التي لاقت ترحيباً من الأهالي الذين بات لديهم أمل في عيش حياة طبيعية بعد سنوات من المعاناة.
وأعيد فتح عدد من المحال التجارية حتى المساء مع استمرار رفع حظر التجول الذي فرض لنحو 9 سنوات في المساء، فيما شهدت المدينة فعاليات فنية واجتماعية عدة من بينها حفلات غنائية وندوات ثقافية مع عودة الحياة بشكل تدريجي، سواء من خلال إعادة تشغيل قصر الثقافة والمسرح أو عبر المدينة الرياضية التي بدأت في استقبال طلاب الجامعات.
الانتشار الأمني في المدينة لا يزال مكثفاً، لكن قوات الشرطة أصبحت اليوم هي الأكثر حضوراً في داخل المدينة المطلة على ساحل البحر المتوسط، في مقابل تمركز قوات الجيش على الأطراف والطرق السريعة مع تدقيق في هويات الوافدين إلى المدينة وإجراءات تفتيش أكثر بقليل من المعتاد عند الدخول إلى الأماكن السياحية.
عملية إعادة فتح المدينة وعودتها إلى الحياة مجدداً، صاحبها رفع العديد من الكمائن في الداخل بجانب تجميل واجهات المباني التي تعرضت لأضرار نتيجة طلقات الرصاص، فضلاً عن الاستعداد لإعادة المسيحيين المهجرين إلى منازلهم مجدداً خلال الشهور المقبلة بعدما اضطر عدد ليس بالقليل منهم إلى بيع منازلهم والانتقال إلى منازل أخرى بناء على التعليمات الأمنية، مع انتظام العمل في البنوك وجميع الجهات الحكومية بشكل اعتيادي.
الاستقبال التجريبي للمصطافين بأعداد محدودة وبترتيبات مسبقة يأتي بالتزامن مع تسريع وتيرة الأعمال الإنشائية في قطاعات خدمية عدة؛ تمهيداً لاحتفالية كبرى يفترض أن يشهدها الرئيس المصري للإعلان عن القضاء على الإرهاب في شمال سيناء بشكل كامل وتطهيرها، مع بدء عملية تنموية واسعة تشمل الانتهاء من بناء مدينة رفح المصرية بموقعها الجديد وزراعة الأراضي بجانب استكمال مشروعات بنية تحتية في المديين المتوسط والبعيد.