بسبب الوضع الأمني.. المجلس العسكري النيجري يعلق أنشطة المنظمات الدولية وغير الحكومية

المجلس العسكري في النيجر يعلن تعليق كل أنشطة المنظمات الدولية وغير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة في "مناطق العمليات" العسكرية، عقب أمره تنفيذ قرار طرد السفير الفرنسي من البلاد.
  • قادة المجلس العسكري أكدوا عزمهم التصدي لأي تدخل عسكري خارجي

أعلن المجلس العسكري في النيجر، مساء الخميس، تعليق كل أنشطة المنظمات الدولية وغير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة في "مناطق العمليات" العسكرية بسبب "الوضع الأمني الحالي".

وقالت وزارة الداخلية في بيان نقلته الإذاعة الوطنية: "نظراً إلى الوضع الأمني الحالي والالتزام العملياتي الجاري للقوات المسلحة النيجرية، تبلغ الوزارة المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية ووكالات الأمم المتحدة الموجودة في النيجر بأنّ جميع الأنشطة و/أو التحركات في مناطق العمليات معلقة مؤقتاً"، فيما لم تحدد الوزارة المناطق المعنية بالقرار.

يأتي ذلك في وقتٍ اقترح رئيس نيجيريا بولا تينوبو مرحلة انتقالية من 9 أشهر "تمهّد لعودة الديمقراطية" في النيجر، على غرار ما فعلته نيجيريا في تسعينبات القرن الفائت. 

وأفاد بيان للرئاسة النيجيرية بأن "تينوبو لا يرى سبباً لعدم تكرار ذلك بعد الحكم العسكري في النيجر، إذا كانت السلطات العسكرية صادقة". 

وأكّد البيان أنّ "إكواس لن ترفع العقوبات التي فرضتها على هذا البلد حتى يقوم العسكريون بتعديلات إيجابية".

وقال تينبو: "كلما سارع المجلس العسكري إلى القيام بتعديلات إيجابية، سارعت إكواس إلى مراجعة العقوبات".

ورغم تلويح إكواس باللجوء إلى القوة لإعادة الانتظام الدستوري في النيجر، فلا تزال أطراف عدة تحبّذ الدبلوماسية لإيجاد حلّ للأزمة.

طرد السفير الفرنسي

بالتزامن مع ذلك، أمر النظام العسكري الحاكم في النيجر الخميس أجهزة الشرطة المحلية بتنفيذ قرار طرد السفير الفرنسي في نيامي، بعدما رفضت باريس الاستجابة لمهلة المجلس العسكري لسحب مبعوثها من العاصمة.

وكانت الخارجية النيجرية أعلنت مساء 25 آب/أغسطس إمهال السفير سيلفان إيتي 48 ساعة للمغادرة، في تصعيد إضافي بين السلطات العسكرية التي أطاحت الرئيس محمد بازوم في انقلاب 26 تموز/يوليو والقوة الاستعمارية السابقة فرنسا. 

لكن باريس رفضت المهلة، معتبرةً أنّ السلطات المنتخبة ديمقراطياً في الدولة الواقعة في غرب أفريقيا هي الوحيدة المخوّلة إصدار أمر كهذا.

وبعد انتهاء المهلة، أعلن العسكريون الحاكمون أنهم "أمروا أجهزة الشرطة" بالعمل على "طرد" السفير الفرنسي، وذلك في رسالة وجهت إلى باريس.

وجاء في الرسالة الصادرة عن الخارجية النيجرية أنّ قرار الطرد "لا عودة عنه"، مؤكدةً سحب الحصانة الدبلوماسية عن السفير الفرنسي سيلفان إيتي.

وأوردت الرسالة أنّ "بطاقات السفير وتأشيراته الدبلوماسية"، وكذلك بطاقات أفراد عائلته، "ألغيت"، مضيفةً أنّ أجهزة الشرطة في النيجر "تلقت تعليمات بتطبيق قرار طرد" إيتي كان الذي لا يزال في مركزه في نيامي.

بدوره، حذّر المتحدث باسم هيئة الأركان العامة الفرنسية الكولونيل بيير غوديير من أنّ "القوات العسكرية الفرنسية مستعدة للرد على أي تصعيد للتوتر من شأنه تقويض الوجود العسكري والدبلوماسي الفرنسي في النيجر"، وأنّ "الإجراءات اللازمة اتُخِذت لحماية" هذا الوجود.

اقرأ أيضاً: شهر على التحولات السياسية في النيجر.. ما أبرز المحطات؟

دعوات إلى اعتصام قرب القاعدة العسكرية الفرنسية

وكانت "الجبهة الوطنية لسيادة النيجر"، وهي هيئة أنشئت في أعقاب الانقلاب وتعارض الوجود العسكري الفرنسي، قد اعتبرت الأربعاء أن إيتي هو "مواطن فرنسي في وضع غير نظامي".

وقال المسؤول في الهيئة إبراهيم بانا إنّ السفير يمكنه "أن يبقى الوقت الذي يشاء في حرم السفارة، لأنّه مواطن فرنسي، والسفارة تابعة للأراضي الفرنسية، لكن متى خرج، أبلغوا سلطات الشرطة المكلفة قمع مخالفات الهجرة"، مشدداً على عدم وجود نيّة للإقدام "على أي خطوة" بحق السفير.

وتنشر فرنسا نحو 1500 جندي في النيجر. وفي مطلع آب/أغسطس، أعلن المجلس العسكري إبطال اتفاقات عسكرية مبرمة مع باريس، في خطوة رفضتها الأخيرة.

ودعت "الجبهة الوطنية" في النيجر إلى مشاركة "هائلة"، اليوم السبت، في مسيرة يليها اعتصام قرب القاعدة العسكرية الفرنسية في نيامي "إلى حين رحيل" الجنود الفرنسيين.

كتيبة من بوركينا فاسو 

وأثار عزل الرئيس محمد بازوم انتقادات واسعة على المستوى القاري والدولي، خصوصاً من الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) التي فرضت عقوبات قاسية على نيامي، ولوّحت باللجوء إلى القوة لإعادة الانتظام الدستوري.

واتهم المجلس العسكري، بقيادة الجنرال عبد الرحمن تياني، فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، بالرغبة في التدخل عسكرياً لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم إلى السلطة، كما اتهم الجماعة الاقتصادية لدول غربي أفريقيا بأنّها تابعة لفرنسا التي تنشر 1500 عسكري في النيجر. 

في المقابل، رفضت مالي وبوركينا فاسو اللتان يحكمهما العسكر أيضاً نتيجة انقلابات وقعت بين 2020 و2022، التلويح بالقوة ضد النيجر وأعربتا عن دعمهما لها في مواجهة التهديدات.

والخميس، وافقت حكومة بوركينا فاسو على مشروع قانون يجيز إرسال كتيبة عسكرية إلى النيجر، من دون تحديد تفاصيل ذلك.

في غضون ذلك، أجاز تياني لجيشي الجارتين بوركينا فاسو ومالي التدخّل في النيجر "في حال تعرّضت لعدوان". 

وأمر رئيس الأركان في النيجر موسى سالاو بارمو، الذي عينه المجلس العسكري، بوضع القوات المسلحة في البلاد في حالة تأهب قصوى.

وكان جيش النيجر قد أعلن عزل رئيس البلاد محمد بازوم في أواخر تموز/يوليو الماضي، وتشكيل "المجلس الوطني لحماية الوطن"، الذي ترأسه مجموعة من القيادات العليا في الجيش، وذلك على خلفية التدهور المستمر للوضع الأمني في النيجر والوضعين الاقتصادي والاجتماعي السيئين.

والرئيس محمد بازوم، الذي انتخب عام 2021، هو حليف وثيق لفرنسا؛ القوة الاستعمارية السابقة للنيجر. وقد شهدت البلاد محاولة انقلاب في 31 آذار/مارس 2021، قبل يومين فقط من تنصيبه.

وتثير الأوضاع في هذا البلد الأفريقي مخاوف بشأن مستقبل البلاد والمنطقة، في وقت تواجه النيجر تحديات أمنية متزايدة، بسبب تهديد الجماعات المسلحة المتنامية في منطقة الساحل، كما تثير قلق الغرب، وخصوصاً فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، ولا سيما أنّ الرئيس المعزول يُعدُّ رجل باريس الأول في دول الساحل الأفريقي.

اقرأ أيضاً: تقرير: انقلاب النيجر دقّ المسمار الأخير في نعش سياسة فرنسا في الساحل الأفريقي

المصدر: وكالات