"الغارديان": على بريطانيا الاعتراف بدورها في انقلاب عام 1953 في إيران
تحدّث تقرير في صحيفة "الغارديان" البريطانية، اليوم الثلاثاء، عن "ضرورة أن تعترف المملكة المتحدة بدورها في الانقلاب الذي حصل في إيران عام 1953، والذي أسقط حكومة محمد مصدق المنتخب ديمقراطياً، واستبدل بها حكومةً عسكرية سمحت للشاه باستعادة صلاحياته الديكتاتورية بشكل واسع في البلاد لعقدين ونصف العقد، قبل أن تطيح به الثورة الإسلامية عام 1979".
وفي السياق، قال وزير الخارجية البريطانية السابق، ديفيد أوين، إنّ "المملكة المتحدة يجب أن تعترف أخيراً بدورها في الانقلاب، من أجل مصداقية بريطانيا وحركة الإصلاح الإيرانية".
وكانت الولايات المتحدة اعترفت رسمياً بدورها الأساسي في الانقلاب قبل 10 سنوات، بعدما رفعت السرية عن عدد كبير من الوثائق الاستخباراتية، مما أوضح أنّ الإطاحة برئيس الوزراء المنتخب، محمد مصدق، قبل 70 عاماً في مثل هذا الأسبوع، كان مسعىً مشتركاً بين أجهزة الاستخبارات البريطانية والأميركية، الـCIA والـMI6.
وحتى الآن، فإنّ الموقف الرسمي لحكومة المملكة المتحدة هو "رفض التعليق على هذه المسألة الاستخباراتية".
وبحسب التقرير، فقد تمّت صياغة المؤامرة الأصلية، التي تحمل الاسم الرمزي "عملية بوت" أو "أجاكس"، بواسطة جهاز الاستخبارات البريطاني، بعد أن أصبح مصدق رئيساً للوزراء، وتمّ تأميم شركة النفط البريطانية المهيمنة في إيران.
ويوضح التقرير أنّ "إدارة هاري ترومان، الرئيس الأميركي، لم ترغب في أن يكون لها أيّ علاقة بهذه العملية، واعتبرت مصدق حصناً ضد الشيوعية، لكن ونستون تشرشل، رئيس الوزراء في المملكة المتحدة في ذلك الوقت، كان قادراً على إقناع خليفته دوايت أيزنهاور بأهمية تنفيذها".
وفي ربيع عام 1953، بدأت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بالتخطيط المشترك مع الاستخبارات البريطانية، وأعيدت تسمية العملية إلى أجاكس Ajax.
وفي الذكرى السبعين لبدء الانقلاب، اليوم الثلاثاء، قال ديفيد أوين، الذي كان وزيراً للخارجية من 1977 إلى 1979، لصحيفة "الغارديان"، إنّه "توجد أسباب وجيهة اليوم للاعتراف بدور المملكة المتحدة مع الولايات المتحدة في 1953 في الإطاحة بالتطورات الديمقراطية في إيران".
وأكّد أنّ ذلك يجب أن يحصل "من خلال الاعتراف بأننا كنا مخطئين في القيام بذلك، وألحقنا الضرر بالخطوات التي كانت تتطور نحو إيران ديمقراطية، ومن خلال ذلك يمكن أن نجعل الإصلاحات الآن أكثر احتمالاً"، بحسب قوله.
وخلال فترة عمل اللورد أوين في وزارة الخارجية، أسقطت الثورة الإسلامية في إيران نظام الشاه، وقال أوين تعقيباً على تلك الفترة: "لقد أوضحت للشاه أن أسلوب حكمه يجب أن يفسح المجال للإصلاحات الديمقراطية، لكنني كنت أتمنى لو كنت قد علمت بمرضه الخطير، وكان بإمكاني الضغط عليه قبل ذلك بكثير في عام 1978، للبقاء في سويسرا لتلقّي العلاج الطبي".
وأضاف أنه "اليوم، ستساعد الحكومة البريطانية قضية المعارضين في إيران، وتجعلها أكثر احتمالاً للنجاح مع عدم إهمالها، وذلك إذا اعترفنا بأخطائنا السابقة في عام 1953، وكذلك بالأخطاء التي ارتكبناها في الفترة من 1977 إلى 1979".
اقرأ أيضاً: إيران تُطالب أوروبا بالتوقف عن "دعم الإرهابيين وتشجيعهم"
فيلم وثائقي عن الانقلاب قمعته بريطانيا
وتطرق التقرير في "الغارديان" إلى فيلم جديد بعنوان "Coup 53"، يتتبع تاريخ الانقلاب في إيران، ويركّز على جاسوس بريطاني شاب أدّى دوراً محورياً فيه، اسمه نورمان داربيشاير.
وعلى الرغم من تلقّي مراجعات وتقييمات متحمسة، لم يتمكن المخرج تاغي أميراني، والمحرر المخضرم في هوليوود والتر مورتش، من العثور على موزع للفيلم، وهي حقيقة يعزوانها إلى استمرار عباءة السرية الرسمية في المملكة المتحدة بشأن هذا الموضوع، وفق التقرير.
إذ قال أميراني إنّهم تعرضوا "لأكثر المحاولات غرابة وشؤماً لقمع كلّ من محتويات الفيلم وفرص توزيعه، عبر العديد من الأحداث الملتوية"، فيما أكّد ريتشارد نورتون تيلور، مؤلف كتاب "دولة السرية"، وهو كتاب عن الاستخبارات البريطانية ووسائل الإعلام، إنّه "لأمر محزن وعبثي، بل إنه يأتي بنتائج عكسية، أن تواصل الحكومة البريطانية الاختباء وراء شعارها القديم المتمثّل في "لا تؤكّد ولا تنكر"، وتستمر برفض الاعتراف بدورها الرائد في الإطاحة بمصدق".
وعلى الرغم من إصرار السياسيين البريطانيين على تقديم الدور البريطاني في إيران كدور داعم للديمقراطية، لكنّ تقارير غربية عديدة وكتباً في تاريخ السياسة في المنطقة والعمليات الاستخبارية أكّد أنّ الأهداف الأساسية التي شكّلت دافع بريطانيا في إيران، هي الأطماع الاقتصادية بنفط إيران، والأطماع السياسية بموقعها الاستراتيجي في مواجهة الاتحاد السوفياتي.
وفي كانون الثاني/يناير الفائت، ألقت الاستخبارات الإيرانية القبض على عميل بريطاني رفيع المستوى، هو علي رضا أكبري (61 عاماً)، المعاون السابق لوزير الدفاع، على خلفية إدانته بالتجسس لمصلحة بريطانيا التي يحمل جنسيتها، وأعلنت السلطة القضائية الإيرانية لاحقاً تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه.