النيجر على صفيح ساخن.. إلى أين تتجه الأوضاع وما آفاق الحل السياسي؟

المجلس العسكري في النيجر أعلن حالة التأهّب القصوى بعد هجوم فرنسي على موقع للحرس الوطني واختراق المجال الجوي للبلاد، فهل ستشهد الدولة الأفريقية المزيد من التصعيد؟
  • تظاهرات في النيجر ضد التدخل الفرنسي

النيجر على صفيحٍ ساخن، قمّة أبوجا التي تعقدها "إيكواس" تضع على طاولة النقاش كل الخيارات لحلّ الأزمة، إذا مُنيَت الدبلوماسية بالفشل فهل تتّجه الأمور نحو التصعيد العسكري أم أنّ آفاق الحل السياسي لا تزال مفتوحة؟.. خاصةً وأنّ المجلس العسكري أعلن حالة التأهّب القصوى بعد هجوم فرنسي على موقع للحرس الوطني واختراق المجال الجوي للبلاد.

وتعليقاً على هذا الموضوع، قال محلل الميادين للشؤون السياسية والدولية، قاسم عزالدين، إنّ "الإيكواس"، منذ اللحظة الأولى، لا تملك القدرة على التدخل في النيجر، رغم التهويل والتهديد.

وأرجع ذلك لعدة أسباب، أولها أنّ نيجيريا التي من المعوَّل عليها أن تتدخل هي كـ "بالع الموس"، يعني الهدف ليس فقط الضغوطات الفرنسية أو الأميركية بل تخشى من امتداد موجة تغيير الحكم إلى نيجيريا، لكن إذا تدخلت عسكرياً تسرّع من موجة تغيير الحكم في نيجيريا ذاتها لسبب أنّ الجيش النيجيري وجيش النيجر هو من إثنية واحدة "الهوسا"، وهو من أكبر الإثنيات في غربي أفريقيا، لذلك لا يمكن أن تتدخل بشكلٍ خاص أن المجلس العسكري مستعد للدفاع، وهذا بحد ذاته مانع من تدخل عسكري نيجيري أو غير نيجيري.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

ورأى عز الدين أنّ فرنسا وأميركا تحاولان الإطاحة بالمجلس العسكري عبر عدّة طرق، أولها المراهنة على انقسامات في المجلس، إلا أنّه يبدو حتى الآن أنّ المجلس العسكري متماسك على الأقل ضد الوجود والنفوذ الفرنسي، إضافةً إلى ذلك هناك مراهنة والقيام بعمليات تخريبية بالدرجة الأولى عمليات استخبارية وعمليات أمنية ومحاولات اغتيال، وما إلى ذلك.

كذلك، أشار إلى أنّ فرنسا وأميركا تراهنان على بعض القبائل وبعض الإثنيات، كالطوارق على سبيل المثال الذي بدأ رئيسها أو جنرالها يتحرر، وقبائل أخرى للأسف قبائل تنتمي إلى قبائل عربية التي تُقاتل اليوم، هي من جماعة محمد بازوم وتقاتل مع حميدتي في السودان، ويُقال أن 4 آلاف جندي من هؤلاء المقاتلين ممكن أن يعودوا إلى النيجر أو إلى الحدود الشمالية. 

وأكّد أنه تبقى المسألة الأخيرة وهي ما يُسمى المجتمع المدني أو منظمات غير الحكومية، التي أصدرت اليوم بيانات دعت إلى "الديمقراطية" و"الجمهورية" طبعاً بتشجيع من المنظمات غير الحكومية مدفوعة الثمن من الاتّحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: مستشار بازوم: تدخل "إيكواس" عسكرياً في النيجر يعني حرباً أفريقية

بدوره، رأى محلل الميادين للشؤون الدولية والاستراتيجية، منذر سليمان، أنّ الولايات المتّحدة عادةً ما تقف وراء الانقلابات،  وكان يُفترَض أن تكون واشنطن على معرفة بهذا الانقلاب، ولكن من الواضح أنّ هناك استقلالية للمجلس العسكري، وواضح أيضاً التأييد الشعبي الذي تلقاه أيضاً، وهذا أيضاً كان أمراً مفاجئاً.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

ولفت سليمان إلى أنّ الخيار العسكري في النيجر، سيكون صعباً، ومن الواضح أن الولايات المتّحدة ليست في وارد أن تخوض في هذا الخيار العسكري حتى الآن. 

اقرأ أيضاً: "فورين بوليسي": التدخل العسكري في النيجر محكوم عليه بالفشل

من جهته، اعتبر محلل الميادين للشؤون الأقليمية والثقافية، سليم بوزيدي، أنّه من المفترض أن يتم التعامل بحذر بالنسبة لموضوع العملية والتدخل العسكري.

وأضاف أنّه من الواضح غياب إجماع داخل "إيكواس" بشأن التدخل العسكري، ومن الواضح الآن أنّ كلاً من البينين وغينيا من الدول التي أعلنت رفضها للعملية العسكرية، ومالي وبوركينا فاسو يدعمان بشكلٍ مباشر، وبالتالي سيناريو العملية العسكرية يبدو الآن تراجع بشكلٍ كبير جداً ونحن مقبلون على صيغة ثانية، هذا بالنسبة للإيكواس، وهي صيغة العقوبات الاقتصادية المشددة والقطيعة الدبلوماسية يبدو هذا الخيار الأكثر ترجيحاً خلال الفترة المقبلة.

وتابع أنّ المناورة الفرنسية ستبقى مرتبطة بحيثيات أخرى، واللاعب الرئيسي في التحرك الفرنسي هو بالتأكيد واشنطن التي فتحت مجالاً للتفاوض مع القادة العسكريين بعيداً عن فرنسا.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

وتطرق بوزيدي إلى أنّه يمكن الحديث عن الخطة (ب) للإيكواس والخطة (ب) لفرنسا، موضحاً أنّ العملية العسكرية ليست هي سيناريو الدامي والمؤلم الوحيد للنيجر وللمنطقة.

وبيّن أن الخطة (ب) لإيكواس تعتمد أولاً على تعزيز العزلة الدبلوماسية والسياسية للمجلس العسكري، وهذه طبعاً بالإمكان خاصةً على مستوى الاتّحاد الأفريقي وحتى بالنسبة للمنظمات الدولية. ولكن الخطة الأصعب على حد وصفه، هي ممارسة أيضاً العزلة الاقتصادية والعقوبات الاقتصادية المشددة، فاليوم أعلن البنك المركزي في نيجيريا فرض عقوبات اقتصادية. 

ولكن الخطة (ب) عند فرنسا هي الأخطر وربّما المرعبة لأن الحديث يجري الآن على تحريك ورقة الإثنيات، على حد ما قاله بوزيدي.

المجلس العسكري وطي صفحة فرنسا 

وتحدّث محلل الميادين للشؤون السياسية والدولية، قاسم عز الدين، أنّ المجلس العسكري مطمئن، وأنّ الاهم بالنسبة له الخطوة ضد فرنسا بالدرجة الأولى، مستنداً في ذلك إلى إدراكه عجز "إيكواس" على التدخل عسكرياً، والحاضنة الشعبية له، وحلفاؤه في مالي وبوركينا فاسو وكوناكري وحتى في عموم أفريقيا الغربية والجنوبية.

وأكّد سليمان في ختام حديثه أنّه من الواضح حتى الآن النزعة الوطنية النيجيرية هي الغالبة المؤيّدة للمجلس العسكري وإمكانية إيجاد سيناريو سودان، بمعنى القيادة العسكرية ضد قوات التدخل السريع والقوى الخاصة لن يتم هناك، ولذلك ستحاول فرنسا تحريك الوضع والتهديد، ولكن التماسك الداخلي قد يكون الأقوى.

بدوره، قال محلل الميادين للشؤون الأقليمية والثقافية، سليم بوزيدي، إنّ التنظيمات الإرهابية، "القاعدة" أو حتى "داعش" في المنطقة، قد تكون الآن في أسعد مراحلها لأنّ النيجر أساساً ومنطقة الساحل تحديداً هي من أكثر المناطق هشاشةً في الجانب الأمني.

المصدر: الميادين نت