ما هي "إيكواس" ولماذا تُتهم بتماهيها مع السياسات الغربية في غرب أفريقيا؟

تأسست المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، "إيكواس" عام 1975 على أساس مبدأ "تعزيز الديمقراطية".. لماذا تتهمها دول أفريقية شهدت انقلابات بأنها أداة في يد "الاستعمار الجديد" إذاً؟
  • ما هي "إيكواس" ولماذا تُتهم بتماهيها مع السياسات الغربية في غرب أفريقيا؟

في أيار/مايو 1975، وقّع رؤساء 16 دولةً وحكومةً أفريقية "معاهدة لاغوس"، في نيجيريا، معلنةً بذلك ولادة "المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، المعروفة اختصاراً بـ"إيكواس". لاحقاً، راجعت المجموعة المعاهدة الأصلية، ووقّع قادة 15 دولةً، في تموز/يوليو 1993، المعاهدة المحدّثة، في مدينة كوتونو ببنين. 

تشمل "منطقة إيكواس" مساحةً تُقدَّر بـ5.2 مليون كلم مربع. والدول الأعضاء في المجموعة هي: بنين، بوركينا فاسو، كابو فيردي، كوت ديفوار، غامبيا، غانا، غينيا، غينيا بيساو، ليبيريا، مالي النيجر، نيجيريا، سيراليون، السنغال والتوغو، ومقرها أبوجا، عاصمة نيجيريا.

والمجموعة هي "اتحاد تجاري"، يهدف إلى التعاون الاقتصادي بين دوله، وتتمثل رؤيتها في إنشاء منطقة "بلا حدود"، يتمكّن السكان فيها من الوصول إلى مواردها الوفيرة واستغلالها، كما تورد في موقعها الرسمي.

وتضيف "إيكواس" أنّها من المفترض أن تكون منطقةً تحكمها مبادئ "الديمقراطية وسيادة القانون والحوكمة الرشيدة"، وهي تشمل  عدة مديريات ومؤسسات، ولها ثلاث لغات رسمية: الإنكليزية، الفرنسية والبرتغالية، وهي لغات دول استعمرت أخرى من القارة الأفريقية.

شبهات تحيط عمل منظمة "إيكواس" 

ظاهرياً، يُعزى تمسّك "إيكواس" بطرحها إلى حرصها على تحقيق هدف تحصين إقليم غربي أفريقيا - الذي يُعرف باسم "حزام الانقلابات" - من الاستبداد العسكري، والعمل على تحوّل دول المنطقة نحو الديمقراطية، وهو الهدف الذي سطّرته المنظمة لنفسها منذ تسعينيات القرن الماضي.

غير أنّ شبهة تبعيتها لمصلحة فرنسا والاتحاد الأوروبي، وتنفيذ أجندتيهما في المنطقة، تشوب عمل "إيكواس"، كما يجري اتهامها من جانب حكومات الدول المعاقَبة بأنها أداة في يد المستعمر القديم يستخدمها لكبح كل محاولات الانفكاك من هيمنته. 

يمكن ملاحظة تقارب المنظمة مع الغرب من خلال الأحداث التي شهدتها عدة دول في القارة السمراء في السنوات الأخيرة، وصولاً إلى ما يحدث حالياً في النيجر، بعد الانقلاب العسكري الذي نفّذه قادة من الجيش.

وبالعودة إلى السنوات الماضية، فإنّ "إيكواس" فرضت عقوبات على كل من مالي وبوركينا فاسو، اللتين شهدتا انقلابات عسكرية، مناهضة للحكومات الموالية للغرب. وعلى الرغم من أنّ العقوبات كانت آثارها متفاوتة في البلدين، فإنّ الضرر الذي تسببت فيه العقوبات طال الشعبين، لا القادة في الحكم، وهو أسلوب اعتمدته الدول الغربية، في محاولة لإضعاف الحكومات غير الموالية لها، كما هي الحال في سوريا وإيران وروسيا والصين.

في مالي، قاد الكولونيل أسيمي غويتا انقلاباً ضد الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، في 18 آب/أغسطس 2020، بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية. وفي 4 أيار/مايو 2022، أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي أنّ فرنسا لم يعد لديها "أساس قانوني" لتنفيذ عمليات عسكرية في أراضي الدولة، بعد انسحاب باماكو من اتفاقيات الدفاع الرئيسية، وشهدت البلاد عدة تظاهرات رافضة للوجود الفرنسي.

هذا المجلس الذي أجبر القوات الفرنسية لاحقاً على الخروج من مالي، كان عرضةً لعقوبات وصفت بـ"القاسية جداً"، قرر قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا فرضها، في 9 كانون الثاني/يناير 2022، بسبب "عدم احترام المجلس العسكري الموعد النهائي لإجراء الانتخابات، من أجل إعادة المدنيين إلى السلطة". وهذا الإجراء جاء بعد 5 أيام فقط من خطاب للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، "طلب" فيه من المنظمة اتخاذ "التدابير اللازمة" "لاستعادة الديمقراطية" في مالي.

وبوركينا فاسو، حيث توقّف العمل رسمياً بـ"اتفاق المساعدة العسكرية" الموقّع عام 1961 مع فرنسا، في مطلع آذار/مارس الماضي، وتظاهر الآلاف دعماً للنظام المنبثق من الانقلاب العسكري مطالبين بالحرية في اختيار شراكاته، مطلع الشهر الماضي،تعرّضت لعقوبات من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أيضاً. 

ولم يختلف الأمر في النيجر، التي شكّل الانقلاب العسكري فيها مصدر قلق للغرب، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، إذ إنّ الرئيس المعزول، محمد بازوم، هو رجل باريس الأول في الساحل الأفريقي، حيث يتراجع نفوذها. فقبل أيام، أعلنت "إيكواس" فرض عقوبات على نيامي، وإيقاف جميع المعاملات التجارية والمالية بين الجمهورية الأفريقية وجميع الدول الأعضاء فيها، بالإضافة إلى تجميد أصولها في البنوك المركزية لدول المجموعة.

كما جمّدت المجموعة أصول المسؤولين العسكريين الضالعين في الانقلاب بالنيجر، وحظر السفر عليهم وعلى أفراد عائلاتهم، إلى جانب المدنيين الذين سيشاركون في أي حكومة يؤسسها هؤلاء المسؤولون العسكريون، داعيةً إلى إعادة النظام السابق، ومعتبرةً أنّ الرئيس المعزول هو "الرئيس الشرعي" للبلاد.

ولم يقتصر الأمر على العقوبات، فقد هدّدت المجموعة باتخاذ إجراءات، تشمل استخدام القوة، في حال لم يتم الامتثال لذلك في غضون أسبوع (أي حتى 6 آب/أغسطس الحالي). وعلى الرغم من أنّ مسؤولاً في المجموعة قال إنّ التدخل العسكري في النيجر سيكون "الخيار الأخير" الذي ستطرحه الهيئة لاستعادة النظام السابق، فإنّه أكد وجوب "الاستعداد لهذا الاحتمال".

هذا التصريح جاء بالتوازي مع اتّهام  العسكريين الانقلابيين في النيجر فرنسا بالرغبة في التدخل عسكرياً لإعادة الرئيس محمد بازوم إلى مهامه.

وفي حين انضمت الدول الغربية والمنظمات الدولية إلى "إيكواس" للتنديد بالانقلاب الذي أزاح بازوم المقرب من فرنسا، فإنّ بوركينا فاسو ومالي، الدولتين الأفريقيتين اللتين طردتا الاستعمار، وتستمران بمحاربة "الاستعمار الجديد"، شددتا على أنّ أي تدخل عسكري يستهدف النيجر  إعلان حرب ضدهما.

اقرأ أيضاً: انقلاب النيجر.. لماذا يُقلق فرنسا والولايات المتحدة الأميركية؟

المصدر: الميادين نت