وساطة تشاد في أزمة النيجر.. هل تنجح في إيجاد حل للانقلاب العسكري؟
بعد 6 أيام على الانقلاب العسكري في النيجر، لا يزال التوتر سائداً بين داعمي النظام المخلوع والعسكريين الانقلابيين.
وبينما هدّدت المجموعة الاقتصادية لدول غربي أفريقيا، ''إيكواس"، باستخدام القوّة إذا لم يُطلق سراح الرئيس محمد بازوم وعائلته، اتهم الانقلابيون فرنسا بالرغبة في "التدخل عسكرياً"، من أجل إعادة بازوم إلى السلطة.
في هذا الوقت، بدأت تشاد، جارة النيجر، الأحد الماضي، محاولة وساطة في مسعى لإيجاد مخرج للأزمة.
والتقى رئيس تشاد، محمد إدريس ديبي، خلال زيارته نيامي، قائدَ الانقلاب الجنرال عبد الرحمن تشياني، والرئيس المعزول محمد بازوم، بالإضافة إلى سلَفه محمد إيسوفو، الذي حاول بنفسه التوسط مع العسكريين، من دون جدوى.
ورحّب الرئيس التشادي بـ"المحادثات المعمقة" مع مختلف الأطراف، ودافع عن ''مقاربة أخوية" تهدف إلى "البحث عن وسائل تؤدي إلى مخرج سلمي للأزمة".
Après avoir effectué ce matin un séjour éclair de consultation à Abuja au Nigeria sur l’invitation du président Nigérian, Président en exercice de la CEDEAO, j’ai bouclé mon déplacement par une visite au #Niger qui traverse une crise politique majeure.
— Mahamat Idriss Deby Itno (@GmahamatIdi) July 30, 2023
À Niamey, j’ai eu des… pic.twitter.com/jxiM0TCiXS
علاقات وثيقة
على الرغم من أنّ عدداً من المراقبين انتقد الرسالة السياسية لمهمة تشاد، فإنّ القوى الأفريقية، بما فيها النيجر، رحّبت بالمبادرة التشادية، بحيث عدّ أوحمودو محمدو، رئيس وزراء الحكومة التي تمت إطاحتها، أنّ هذه الوساطة يمكن أن "تؤدي إلى حل للمشكلة التي نواجهها البلاد".
ويقول الباحث في الشؤون السياسة والمتخصص بشؤون تشاد، رولاند مارشال، إنّ "السلطتين في النيجر وتشاد، تعرف إحداهما الأخرى جيداً، وتربطهما علاقات ودية".
ويُعرف عن الرئيس التشادي قربه من محمد بازوم، وأيضاً من العسكريين الذين تولوا السلطة، إذ نفذ البلدان الجاران مهمات مشتركة في منطقة بحيرة تشاد، وهما عضوان في "مجموعة دول الساحل الخمس"، وهي قوة إقليمية تأسست عام 2017 لمكافحة تمدد الجماعات الإرهابية.
لا مصلحة لتشاد في تدهور وضع النيجر
بدأت الوساطة التشادية بعد اجتماع لمجموعة "إيكواس"، الذي أُعلنت خلاله عقوبات صارمة ضد النيجر، بينها إغلاق الحدود الجوية والبرية وتعليق المعاملات التجارية والمالية، وتجميد أملاك الانقلابيين وعائلاتهم، ومنعهم من السفر.
وينظر إلى هذا الخط الصارم على أنّه صادر عن الرئيس الجديد للمجموعة، وهو رئيس نيجيريا بولا تينوبو، الذي جعل الدفاع عن الديمقراطية في المنطقة ضمن أولوياته، وهو هدف لم يمنعه من دعم مهمة محمد إدريس ديبي، فاستقبله في أبوجا.
في هذا السياق، يقول المحلل السياسي والاقتصادي النيجري، أمين إدريس، لوكالة "فرانس برس"، إنّه لم يكن هناك نتائج ملموسة لعقوبات "إيكواس" "في مالي وغينيا وبوركينا فاسو.
وبشأن أبعاد وساطة تشاد في أزمة النيجر، أوضح إدريس أنّ "تشاد تشهد انتقالاً سياسياً صعباً، وتعاني أيضاً تداعيات الحرب في السودان شرقاً، وانعدام الاستقرار في ليبيا شمالاً، وليس لها أي مصلحة في أن يتدهور وضع جارتها وحليفتها النيجر".
وأضاف أنّه "يبقى معرفة الاتجاه الذي ستأخذه المفاوضات، التي يمكن أن تكون إمّا نحو عودة الرئيس بازوم إلى السلطة، وإمّا تعيين العسكريين حكومة انتقالية".
حمزة للميادين: فقدان النيجر ضربة موجعة لفرنسا
في هذا السياق، قال الخبير في الدراسات الأمنية، حسام حمزة، للميادين، إنّ "الربط بين أمن مالي وبوركينا فاسو والنيجر دليل على أنّ رقعة الحرب لن تتوقف عند النيجر".
لماذا تَعُدّ #بوركينا_فاسو و #مالي التدخلَ العسكري في #النيجر إعلانَ حرب عليهما؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) August 1, 2023
الخبير في الدراسات الأمنية والاستراتيجية حسام حمزة في #المشهدية. pic.twitter.com/ZDJ3bEHRm3
وأضاف حمزة أنّ "مجموعة الإيكواس تتماهى في خطابها الآن مع فرنسا، وهي ذراع باريس في أفريقيا الغربية"، مشيراً إلى أنّ "التحرك الأميركي دليل على أنّ النيجر متباينة عن مالي وبوركينا فاسو، من الناحية الجيوسياسية".
"التحرك الأميركي دليل على أن #النيجر متباينة عن #مالي و #بوركينا_فاسو من الناجية الجيوسياسية".
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) August 1, 2023
الخبير في الدراسات الأمنية والاستراتيجية حسام حمزة في #المشهدية. pic.twitter.com/zD7htD5M0U
وأشار إلى أنّ الحشد الغربي في إثر انقلاب النيجر "أكبر من الحشد الذي أعقب انقلابي مالي وبوركينا فاسو"، مضيفاً أنّه "سيكون هناك حزم غربي أكبر في التعامل مع النيجر، بينما التدخل العسكري في النيجر سيكون صعباً من الناحية الجغرافية".
"التدخل العسكري في #النيجر سيكون صعباً من الناحية الجغرافية".
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) August 1, 2023
الخبير في الدراسات الأمنية والاستراتيجية حسام حمزة في #المشهدية pic.twitter.com/5NxxqSuc3S
وأكّد حمزة للميادين أنّ "فقدان النيجر ضربة موجعة لفرنسا، أكثر من مالي وبوركينا فاسوـ، كونها مركزاً للأمن الطاقوي".
من جهتهم، حذّر قادة الانقلاب في النيجر من أي تدخل عسكري في بلادهم، في بيان نُشر، في 30 تموز/يوليو الفائت، عبر التلفزيون الرسمي.
وقالوا إنّ قمة "إيكواس" تهدف إلى "المصادقة على خطة عدوان ضد النيجر، من خلال القيام بتدخل عسكري وشيك في العاصمة نيامي، بالتعاون مع دول أفريقية، ليست أعضاء في المنظمة، وبعض الدول الغربية".
وأكّد القادة العسكريون في النيجر أنّ "أي تدخل عسكري في نيامي سيجعلنا مضطرين إلى الدفاع عن أنفسنا حتى آخر رمق".
وأضافوا: "نريد أن نذكّر مرةً أخرى، المجموعة الاقتصادية لدول غربي أفريقيا، أو أي مغامر آخر، بعزمنا الراسخ على الدفاع عن وطننا".
وكان جيش النيجر أعلن، الخميس الماضي، عزل بازوم، وتشكيل "المجلس الوطني لحماية الوطن"، والذي تَرئِسه مجموعة من القيادات العليا في الجيش.
والرئيس محمد بازوم، الذي انتُخب عام 2021، هو حليف وثيق لفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للنيجر. وشهدت البلاد محاولة انقلاب في 31 آذار/مارس 2021، قبل يومين فقط من تنصيبه.
وتُعدُّ النيجر، وهي دولة غير ساحلية في غربي أفريقيا، من أكثر البلدان التي تعاني انعدام الاستقرار في العالم، وهي شهدت أربعة انقلابات منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1960، بالإضافة إلى عدد من محاولات الانقلاب. وكان آخر الانقلابات في شباط/فبراير 2010 ضد الرئيس مامادو تانجا.
وتثير الأوضاع في هذا البلد الأفريقي مخاوف بشأن مستقبل البلاد والمنطقة، في وقت تواجه النيجر تحديات أمنية متزايدة، بسبب تهديد الجماعات المسلحة المتنامية في منطقة الساحل، كما تثير قلق الغرب، وخصوصاً فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، ولا سيما أنّ الرئيس المعزول يُعدُّ رجل باريس الأول في دول الساحل الأفريقي.
وتحدث موقع صحيفة "لو بوان" الفرنسية عن الضرر الذي ألحقه الانقلاب العسكري في النيجر بسياسة فرنسا في الساحل الأفريقي.
وأشار الموقع إلى أنّ فرنسا تدفع ثمن "فشلها في اتخاذ القرار المفجع بالتقاعد مرفوعة الرأس عندما حان الوقت، بعد نجاح عملية سيرفال في عام 2013، والتي حرّر خلالها الجيش الفرنسي مدن شمالي مالي التي وقعت تحت نير المسلحين"، مؤكداً أنه "لم يتمّ التعلّم من دروس العراق وأفغانستان وليبيا".
وشدّد أيضاً على أنّ "مماطلة باريس مدة عشرة أعوام تترك فرنسا الآن مع خيارات مهينة في منطقة الساحل"، موضحةً أنّ "التواصل مع سلطات الانقلاب الجديدة أمر لا يمكن تصوّره".
وأكد الموقع الفرنسي أنّ "من شأن مواصلة التدخّل العسكري أن يمهّد الطريق لمزيد من الإخفاقات"، مشيراً إلى أنّ "الأمر بالانسحاب الكامل يعني الاعتراف بالهزيمة".