وزير المهجرين اللبناني: هكذا نواجه قرار البرلمان الأوروبي التعسفي حول النازحين
عام بالتمام انقضى على مقابلة "الميادين نت" مع وزير شؤون المهجرين، المكلّف بملف النزوح السوري، في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، عصام شرف الدين، حول قضية عودة النازحين السوريين في لبنان إلى بلدهم.
يمكننا الجزم، أن الأوضاع في لبنان ازدادت تردّياً في الجانب الاقتصادي، وترافق ذلك مع أعداد النازحين الكبيرة، وإصرار الغرب على عدم المضي في حل هذه القضية، من خلال قرار البرلمان الأوروبي الأخير الذي أكد "عدم تلبية شروط العودة الطوعية والكريمة إلى سوريا" وحض على "استمرار تقديم المساعدات إلى اللاجئين في لبنان".
يكاد يكون شرف الدين، مع زميله وزير الشؤون الاجتماعية، هكتور حجار، الوحيدين اللذين يحرصان على جعل هذه القضية أولوية على جدول أعمال مجلس الوزراء اللبناني، وهما يتوليان الرد على البيانات الأوروبية، و"التصدّي" لتصريحات المنظمات الدولية التي تحذّر لبنان: "إياكم وعودة النازحين"!
مساعي شرف الدين وحجار تتقاطع، وهنالك تواصل دائم بين الوزيرين، كما علم "الميادين نت"، الذي التقى الوزير حجار سابقاً وأكد أن "أوروبا تريد النازح السوري ورقة تفاوض".
قرار أوروبي تعسفي
الوزير شرف الدين الذي التقاه الميادين نت خلال لقاء حواري في بلدة شملان - جبل لبنان أكد أن " قرار البرلمان الأوروبي (بخصوص اللاجئين السوريين في لبنان) قرار تعسّفي ومرفوض، وهو أتى للضغط على لبنان لعدم الذهاب بوفد وزاري رسمي إلى سوريا بهدف البدء بوضع بروتوكول، وتنفيذ آلية للإعادة الآمنة للنازحين إلى ديارهم".
ويكشف أن دقّ ناقوس الخطر يأتي اليوم بعدما تجاوز عدد النازحين المليونين و200 ألف نازح سوري، مع التزايد الكبير في أعداد الولادات (200 ولادة في الشهر).
اقرأ أيضاً: محذراً من الفوضى.. حجار للميادين نت: لا تلعبوا بالنار في ملف النازحين السوريين
يكشف الوزير المعنيّ "أن مجموعة في الحكومة اللبنانية تتعمّد عدم طرح موضوع النازحين، ففي في أول زيارة لي إلى سوريا، قمت بتحضير تقرير لطرحه في الجلسة، عندما قام أحد الوزراء بمقاطعتي في محاولة لتأجيل الجلسة لمدة شهر، فلجأت إلى الضغط عبر وسائل الإعلام، من أجل عقد جلسة لا تهمّش موضوع النازحين".
ويضيف "التقرير الذي تقدّمت به يتضمّن إعادة النازحين بوسيلة منطقية وعملية، وهي إعادة 15 ألف نازح بشكلٍ طوعي كلّ شهر، لكي يعود النازح بشكلٍ كريم ولائق".
شرف الدين: الغرب يعرقل لأن نتيجة الحرب السورية لم تأتِ كما يشتهي
وعن تفاصيل الزيارات إلى سوريا يوضح الوزير اللبناني أنه تم إنجاز ورقة تفاهم خلال الزيارات، وكان وزير الإدارة المحلية السوري حسين مخلوف متجاوباً جداً، وقدّم سلة من المعطيات المساعدة، مثل: العفو العام حتى عن الذين حملوا السلاح، مساعدات في السكن، مراكز إيواء، سلة من المساعدات العينية، (وكل هذا أتى معطوفاً على العفو الرئاسي السوري)، "لكن للأسف الحكومة في لبنان أمست حكومة تصريف أعمال، ورغم ذلك أصريت على فتح الملف منذ 4 أشهر".
وعن أسباب الحراك الأخير المستجد في ملف النازحين يفنّد شرف الدين الأسباب بالقول: "في الحقيقة أننا لمسنا تطورات إيجابية، من أهمها المؤتمر الخماسي في عمّان والقمة العربية في جدة، التي كانت إيجابية جداً تجاه سوريا من ناحية عودة النازحين وأمن سوريا وخروج القوات الأجنبية كافة منها"، يعقّب الوزير اللبناني، "وهذا الأمر جعلنا نستبشر بالخير لإعادة إحياء الملف الذي لم أتركه يوماً واحداً، في هذه الفترة ساءت علاقتي بالحكومة وقاطعتها".
وهنا ينوّه شرف الدين إلى أن "ورقة القوة الأساسية هي أن نتيجة الحرب السورية أتت كما لا يشتهي الغرب ومن يدور في فلكه، ومن هنا تأتي محاولات إحياء المربّع الأول، أي الإرهاب، انطلاقاً من شمال شرق سوريا. نحن نعرف أن الدولة السورية قوية ولا يوجد عليها ديون، ولا يزال هناك دعم. لكن الوضع الاقتصادي في سوريا ضعيف من جرّاء الحصار الأميركي. وهذا الحصار يؤثر على لبنان اقتصادياً عبر قانون قيصر، وقد تجلى مثلاً في استجرار الكهرباء من الأردن".
اقرأ أيضاً: الوزير اللبناني هكتور حجار للميادين نت: أوروبا تريد النازح السوري ورقة تفاوض
ويؤكد الوزير وجود "قرار غربي لعدم تسهيل عملية العودة". وفي اللقاء مع المفوضية الأوروبية، يكشف شرف الدين: "طلبت دفع المساعدات للنازح حينما يعود إلى وطنه، وجاء الرد بوضوح أن الدول المانحة لا تقبل هذا مع أن المفوضية لا ترى ذلك. الغرب يدّعي أن لا أمان في سوريا، ونحن نعرف أن 11 % من الأراضي فقط لا تتحكّم بها الدولة السورية، وهي تحت سيطرة الأميركيين".
تسويف حول زيارة الوفد الرسمي إلى سوريا
وحول صدى تحرّكاته المواكبة لذلك محلياً، يكشف أنه "ثابر على التواصل مع الرئيس ميقاتي لسؤاله عن زيارة سوريا بنفسه"، و"كنت في كل مرة أسمع جواباً مختلفاً يحمل بعضاً من التسويف وتحميل المسؤولية لوزير الخارجية عبد الله بو حبيب لجهة عدم ترؤس وفد رسمي إلى سوريا".
ويتأسف لأن الأخير قرّر أن يتنحّى، ولم يستفد من الجوّ العربي المساعد والتّضامن من كلّ الكتل النّيابيّة، وموافقة البرلمان والحكومة، "لقد ضيّع بو حبيب علينا فرصةً ويجب محاسبته".
الوزير الذي قطع شوطاً كبيراً في تحريك ملف النازحين باندفاعة شخصية ووطنية يكشف حيثيات ما جرى: "اتصل بي بو حبيب ليبلغني أنه قرّر التنحّي عن الملف، فقلت له" بارك الله بك"!
لا عذر مقنع لممثل الدبلوماسية اللبنانية
ورغم وصف بو حبيب له بـ "الحشري" يردّ شرف الدين أنه رغم تناوله بالشخصي، فإن ذلك لن يوقفه عن سعيه... وبالفعل فقد فرض الوزير تجديد مجلس الوزراء المستقيل مهمته أمس الاثنين للتواصل مع الحكومة السورية.
شرف الدين يؤكد أن " لا عذر مقنع لممثل الدبلوماسية اللبنانية بأن يتنحى عن الوفد الذي سيزور سوريا، وهو لديه توجه عام، ويبدو أن هناك املاءات قد تكون خارجية".
وفي ردّ على سؤال يوضح شرف الدين أن "رئيس التيار الوطني الحر في لبنان النائب جبران باسيل يقول: إن قرارات بو حبيب لم تنسّق مع التيار، وأرى أنه يتصرف بارتجالية وانفعالية، ومثال على ذلك تصريحه عن الحرب الروسية الأوكرانية" في شباط/ فبراير 2022.
ويدق ناقوس الخطر، "موضوع النازحين أو اللاجئين يستعمل كثمن يدفعه لبنان في التوطين، أو يمكن أن يشكّل مشروعاً للتعبئة الطائفية والسياسية للاستثمار في توليد فتنة وفوضى داخلية"، لافتاً إلى "تجميع قوى في شمال شرق سوريا بقيادات جديدة، ولذلك نرى أن هناك مشروعاً أمنياً خطراً على أولادنا، ومن هنا ضرورة تحريك هذا الملف والبدء بإعادة النازحين".
حلّ "الترحيل الآمن" ودعوة للتحرّك الشعبي
ومن ضمن سلة الحلول المتعددة التي يطرحها شرف الدين يقول: "نحن قادرون على أن نبدأ بالمخيمات التي فيها 600 ألف نازح، نفكّك الخيم على قاعدة إعداد استمارات. من منطلق أن لا عائق أمام عودة النازح السوري الذي يحوز بيتاً صالحاً للسكن، وقريته مرمّمة وفيها بنى تحتية، ومع العفو الرئاسي تكون هناك أولوية لترحيله".
يضيف "من هنا، لجأت إلى تغيير تسمية الملف من (العودة الطوعية) إلى (الترحيل الآمن)، بشكلٍ منظّم تحت إشراف المديرية العامة للأمن العام في لبنان".
اقرأ أيضاً: دفعة جديدة من النازحين السوريين تعود إلى سوريا اليوم عبر الحدود مع عرسال
وإذ يستغرب وهن ردود الفعل السياسية والنيابية والشعبية على قرار البرلمان الأوروبي، يستنهض شرف الدين اللبنانيين، عبر الدعوة إلى تحرّك القواعد الشعبية أمام المفوضية الأوروبية وغيرها، وصولاً إلى استثمار حكومي وسياسي لرفض إيطاليا وبلغاريا وغيرها للقرار، وكذلك لكلام النائب عن حزب "التجمّع الوطني" الفرنسي تيري مارياني الذي رفض قرار المفوضية، "الذي يمكن أن يبنى عليه، فلماذا لا نتوجّه إلى البرلمانيين الدوليين عبر البرلمان اللبناني"؟