"ذا إيكونوميست": ماذا لو أصبحت الصين والهند صديقتين؟
تناولت مجلّة "ذا إيكونوميست" البريطانية آفاق العلاقة بين الصين والهند، في تقريرٍ لها، جاء تحت عنوانٍ تساءلت فيه المجلّة: "ماذا لو أصبحت الصين والهند صديقتين؟".
وأكّدت المجلّة أنّ تنحية البلدين خلافاتهما والنزاع الحدودي بينهما جانباً، قد تؤدي إلى تغيير علاقتهما، وتغيير الجغرافيا السياسية أيضاً.
وأشارت المجلّة إلى أنّه على الرغم من وجود خلافات بين الصين والهند، تعود إلى فترةٍ سابقة طويلة، فإنّ أساسيات العلاقات العسكرية والاقتصادية بين البلدين "تتغير الآن، عبر وسائل تجبرهما على إعادة تقويم كيفية تعاملهما، إحداهما مع الأخرى، ومع سائر العالم".
ولفتت إلى وجود أملٍ بين المسؤولين الأميركيين وحلفائهم باستمرار الخلاف الحدودي بين الهند والصين، وأن يدفع نيودلهي، بصورة لا رجعة فيها، إلى "تحالفٍ مُصَمّم على تقييد القوة الصينية".
آمال أميركية بتقييد الصين.. يهدمها حل الخلافات البينية
"ماذا لو وجدت الصين والهند طريقةً لإلغاء النزاع الحدودي بينهما؟"، تساءلت المجلة، لافتةً إلى أنّه، في حال حدوث ذلك، سيتم هدم الآمال الأميركية بتقييد القوة الصينية.
وتطرقت إلى ما سجّله عام 2020 من ارتفاعٍ ملموسٍ في تجارة السلع بين البلدين إلى 88 مليار دولار، مع تمتع الصين بفائض قدره 46 مليار دولار، وتصنيفها كأكبر شريكٍ تجاري للهند، بحيث كانت التجارة بين الصين والهند ضئيلةً بالنسبة إلى معظم تاريخهما الحديث.
وأصبحت الصين مصدراً كبيراً للاستثمار في الهند، ولا سيما في التكنولوجيا والعقارات والبُنى التحتية. واشتهرت العلامات التجارية الصينية بشدّة، بحيث تُعد "Oppo" و"Xiaomi" بين الهواتف المحمولة الأكثر مبيعاً في الهند.
وفي عام 2020، عرَّضت المناوشات الحدودية كل ذلك للخطر، بحيث حظرت الهند نحو 320 تطبيقاً صينياً، وفرضت موجةً من الضرائب على عدد من الشركات الصينية، وأدخلت قواعد جديدةـ تتطلب موافقة الحكومة الهندية على الاستثمارات الصينية.
يُشار إلى أنّه، على رغم هذه الأزمة، فإن تجارة السلع الثنائية نمت بنسبة 43% في عام 2021، وازدادات 8.6% العام الماضي.
ووجد الاستثمار الصيني أساليب متعددة أيضاً، كانت أحياناً عبر سنغافورة، في إشارةٍ إلى شركة الأزياء الصينية عبر الإنترنت "Shein"، التي حظرت الهند تطبيقها في عام 2020، لتعيد إطلاقها بالشراكة مع "Reliance Industries"، وهي أكبر شركة خاصة في الهند.
من جهتهم، يتوقع عدد من رواد الأعمال في الهند، بصورة خاصة، اعتمادهم على الواردات الصينية لأعوام مقبلة، وفق المجلة.
ولفتت المجلة إلى أنّ الحكومة الهندية تريد تحقيق أهدافها في تطوير البنية التحتية والتصنيع بالتعاون مع الصين. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تعتمد صناعة الأدوية في الهند على الصين فيما يقرب من 70% من مكوناتها النشطة.
كما أوضحت "ذا إيكونوميست" أنّ العلاقات التجارية المزدهرة تساهم بصورة أكبر في صنع قرار "مُتزن لدى كِلا الجانبين"، وتحقيق استقرارٍ في قضية الحدود، شبيهٍ بالاستقرار الذي صمد مدة ثلاثة عقود، والذي حقّقته زيارة رئيس الوزراء الهندي الأسبق، راجيف غاندي، للصين، في عام 1988.
ونبّهت المجلّة إلى أنّ البلدين يريدان دوراً أكبر "في الحوكمة العالمية"، ويرفضان الانتقادات الغربية لحقوق الإنسان وتغير المناخ، و"يتشاركان في المخاوف بشأن التطرف".
واختتمت المجلّة تقريرها بالإشارة إلى أنّ هذا الاحتمال لن يُرضي الأميركيين، ولا حلفاءهم ممن يرون الهند على "أنّها ثِقلٌ موازن للصين"، في حين أنّ احتمال صداقةٍ صينية هندية قد يكون الطريق الأكثر واقعية "نحو علاقةٍ مستدامة ومفيدة للطرفين بين عمالقة آسيا".