فرنسا: الشرطة تفتح تحقيقاً بشأن مشاركة مشاة البحرية في قمع "مثيري الشغب"
فتحت البحرية الفرنسية، تحقيقاً بشأن مشاركة جنود خارج الخدمة من مشاة البحرية، في قمع مثيري الشغب في مدينة لوريان الغربية، التي تضم قاعدة عسكرية كبيرة، وفق ما أفادت وزارة الدفاع الفرنسية، أمس الأربعاء.
وأفادت وزارة الدفاع في بيان لوكالة "فرانس برس"، بأنّ وحدة "فورفوسكو" البحرية المتمركزة في لوريان "فتحت تحقيقاً بدأ يأخذ مجراه"، وأضافت: "لن يكون هناك تعليق آخر حتى معرفة النتائج".
وكانت صحيفة "لو تيليغرام" المحلية، قد نشرت صوراً لأفراد ملثّمين من "مجموعات مناهضي الشغب"، كما تسمى، وهم يصدّون مرتكبي أعمال الشغب، ويضربونهم في المدينة، ليل الجمعة الماضية.
بدوره، قال رئيس بلدية لوريان، فابريس لوهير، لوكالة "فرانس برس" إنّه لم يتمكّن من الحصول على معلومات مؤكدة بشأن ما حدث، لكنّه قال إنّه "رأى أشخاصاً ملثمين، اعتقَد أنّهم من مثيري الشغب".
وأضاف لوهير: "المهم بالنسبة لي هو ما تقوله "فورفوسكو" (تتألف من رماة سلاح البحرية وقوات خاصة)"، مشيراً إلى قلقه بشأن تأثير الحادث على سمعة مدينته.
اقرأ أيضاً: "لوفيغارو": فرنسا لم تعد نموذجاً في أوروبا
وصرّح شاب عمره 25 عاماً لصحيفة "ويست فرانس"، بأنّه عضو في القوات المسلحة، وتدخّل لدعم الشرطة، مع نحو 30 من زملائه حتى "لا يتركوا البلد يحترق".
ونهاية الأسبوع الماضي، نقلت "لو تيليغرام"، عن ضابط شرطة لم تذكر اسمه قوله إنّ "الضباط سمحوا في البداية لمجموعات مناهضي الشغب بالتدخل، لأنّ ذلك كان يساعدهم"، قبل أن يدركوا "أنهم كانوا يقومون بذلك بقوة قليلاً".
وأضافت الصحيفة أنّ شاهد عيان ذكر أنّ الرجال وصفوا أنفسهم بأنّهم "وطنيون".
وقد ألقت السلطات الفرنسية القبض على أكثر من 3.500 شخص خلال الأسبوع الماضي، حيث شهدت البلاد أسوأ أعمال عنف منذ عام 2005، وذلك بعد مقتل الفتى نائل المرزوقي (17 عاماً)، وهو من أصول جزائرية برصاص الشرطة، في ضاحية نانتير، غربي العاصمة باريس، خلال عملية تفتيش.
اقرأ أيضاً: الاضطرابات في فرنسا.. ما هو أبعد من الفتى "نائل"
وقالت الشرطة إنّ نائل "كان يقود بسرعة كبيرة في ممر الحافلات، ورفض التوقف عند الإشارة الحمراء"، وهي تصريحات دانها محامي عائلة الضحية.
وقد امتدت الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد، في مدن مثل مرسيليا وليون وتولوز وستراسبورغ وليل، بالإضافة إلى باريس، حيث قُتل الفتى.
وأضرم مثيرو الشغب النار في أكثر من خمسة آلاف سيارة ونهبوا المراكز التجارية، واستهدفوا مقار البلديات والمدارس وممتلكات حكومية، تعتبر رمزاً للدولة.
وقال المرشح للرئاسة الفرنسية السابق، إريك زيمور، إنّ "الاضطرابات في فرنسا يمكن اعتبارها بداية حرب أهلية وعرقية".
وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها فرنسا أحداثاً كهذه، إذ كانت مسرحاً لأعمال عنف في مختلف المدن بسبب مقتل شبان يتحدّرون بغالبيتهم من أصول مغاربية، ومن دول أفريقية أخرى خلال عمليات تدخّل للشرطة.
انقسام اجتماعي حاد
من جهة أخرى، أدى مقتل الفتى نائل وأعمال العنف التي عمّت فرنسا، إلى إطلاق نقاش حاد بشأن دور العنصرية والهجرة والفقر، في تقويض النظام العام، ما يعكس الشروخ العميقة في المجتمع الفرنسي.
وعلى الرغم من توجيه السلطات الفرنسية تهمة القتل العمد إلى الشرطي الذي قتل نائل، أُطلقت دعوات لجمع التبرعات للشرطي، وقد تمكّنت حملة جماعية من جمع 1.4 مليون يورو (1.5 مليون دولار) عبر منصة "غو فند مي" الأميركية، ما يفوق كمية التبرعات التي جُمعت لصالح عائلة الضحية، التي بلغت 352 ألف يورو.
وقد أثار هذا الأمر، غضب قسم كبير من المجتمع الفرنسي، ووصف سياسيون يساريون حملة جمع الأموال بـ"المخزية"، في حين دافع اليمين المتطرف عن قوات الشرطة، التي تُعدُّ "هدفاً يومياً للعنف في الأحياء الشعبية، المحيطة بالمدن الفرنسية"، على حدّ قولهم.
وحثّ زعيم الحزب الاشتراكي في فرنسا، أوليفيه فور، المنصة الأميركية على وقف الحملة. وتوجّه إلى المشاركين فيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بقوله: "أنتم تزيدون هوّة تتّسع بالفعل، بدعمكم رجل شرطة يخضع للتحقيق في اتهام بالقتل العمد. أوقفوا هذا!"
في المقابل، قال وزير العدل، إريك دوبون موريتي، لإذاعة فرنسا الدولية إنّ "كل شخص له الحق في التبرع لصالح حملة جماعية"، لكنه أضاف "لا أعتقد أنّ (هذه الحملة) تسير في اتجاه تهدئة الأوضاع".
وكان الإعلامي الفرنسي اليميني المتطرف، جان مسيحة، قد بدأ جهود جمع الأموال للشرطي عبر "غو فند مي".
وكتب مسيحة في تغريدة على "تويتر" بعد تدشين الحملة: "هذا الشرطي ضحية لمطاردة محلية شريرة.. هذه فضيحة"، مضيفاً أنّ "جهود جمع الأموال هي رمز لفرنسا، التي تقول لا لهذه الخيانة".