"فورين بوليسي": أشباح دارفور تعاود مطاردة السودان
تطرّقت مجلّة "فورين بوليسي" الأميركية إلى الأحداث االأخيرة في إقليم دارفور، مشيرةً إلى أنّه "ليس هناك شك في أن أعمال العنف هي من بين الأسوأ منذ بدء الحرب في دارفور عام 2003".
وذكرت المجلة، في تقرير مفصل، أنّ الحرب الأهلية بدأت في دارفور عام 2003، ومنذ ذلك الحين "طوى العنف صفحاته بعزيمة، بصلابة قاتمة"، مضيفةً أنّ الحرب استدعت في لحظات بعثة حفظ سلام تابعة للاتحاد الأفريقي، وخوذات زرقاء تابعة للأمم المتحدة، ومشاهير دوليين، وخطاً من الأسلحة من جميع أنحاء أفريقيا.
ولفتت المجلة إلى أنّ دارفور في حاجة دائمة إلى رعاية دولية. ومع ذلك، فإن اندلاع القتال في الخرطوم "صب الزيت على جمر حرائق دارفور"، والتي لا تزال مشتعلة. وبعد 20 عاماً من الحرب في دارفور، أصبح هذا الفصل الجديد من الصراع ذا تداعيات عالمية، بسبب "مزيج قوي من التحالفات القبلية، وأمراء الحرب الذين لا يرحمون، والداعمين الدوليين، والمعادن المرغوب في الحصول عليها".
ووصفت المجلة ما يجري في الخرطوم بالـ"فوضى"، مضيفةً أنّه "يمكن القول إن ما هو أسوأ يجري حالياً في دارفور".
وأضافت: "كانت ثورة 2019 بمثابة فصل جديد من أعمال العنف في دارفور، ومع ذلك تجاهل الدبلوماسيون الصراع، إلى حد كبير، وساهم هذا التجاهل في الصراع الذي يلف السودان اليوم".
ووفق المجلة، فإنّ وضع دارفور الحالي عبارة عن "خليط من الفظائع المروِّعة، وروايات عن جرائم حرب" من المرجح أن تزداد سوءاً.
وحذّر مسؤولو الأمم المتحدة من احتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية، لكن بسبب المزيج المتفجر من التحالفات الإقليمية والعرقية في وسط أفريقيا وغربيها، فإن ما يحدث في "دارفور قد ينتشر عبر القارة".
اقرأ أيضاً: الاتحاد الأفريقي: السودان قد ينهار ويشهد حرباً أهلية في حال استمرار الاشتباكات
وأضافت المجلة أن لفهم عواقب الحرب العابرة للحدود في دارفور، وصعود قوات الدعم السريع، "من المفيد تعديل زاوية الرؤية".
ورأت المجلة أنّ حدود الدولة هي كالمعتاد: السودان إلى جوار تشاد، وإلى جوار النيجر. لكن، إذا تم النظر من زاوية العِرق، كما يفعل كثيرون من سكان دارفور، فمن الأسهل أن تفهم كيف نما "حميدتي" بهذه القوة، وكيف بدأ عدم الاستقرار في المنطقة.
وأوضحت المجلة أنّ الامتداد الديموغرافي للمنطقة يُظهر أن حميدتي هو الجناح الشرقي لشبكة قبلية تنتشر عبر القارة. وبطبيعة الحال، لا تعني الهوية العرقية دائماً الولاء، مضيفةً أنّ "حميدتي" كان مقنعاً جداً بـ"حشد الهوية القبلية عبر دارفور ووسط أفريقيا".
بدوره، قدّر مسؤول كبير في الأمم المتحدة أنّه تم إنفاق نحو 18 مليار دولار في بعثات حفظ السلام والمساعدات الإنسانية في دارفور منذ عام 2003. "ومع ذلك، لا تزال المظالم موجودة".
وأضافت المجلة أنّ هناك قليلاً من الروافع التي "تركها الغرب للحد من العنف في دارفور"، علماً بأن بعثتين لحفظ السلام في دارفور فشلتا في معالجة الأسباب الجذرية للعنف".
وأوضحت الأمم المتحدة مؤخراً أنّ 25 مليون شخص (أكثر من نصف سكان البلاد) يحتاجون إلى المساعدة والحماية في السودان، وأنّه جرى فقط تمويل 13% من حاجات المنظمة العالمية، حتى أواخر أيار/مايو الماضي، والتي تحتاج إلى 2.6 مليون دولار لمعالجة الأزمة.
وأعلنت الأمم المتحدة، أمس الأربعاء، أنّ القتال بين الفصائل المتناحرة في السودان رفع العدد الإجمالي للاجئين والنازحين، حول العالم، إلى نحو 110 ملايين شخص في أيار/مايو الماضي، وهو رقم قياسي، بزيادة نحو مليوني شخص شرّدتهم الحرب التي اندلعت في السودان.
وكانت الأمم المتحدة حذّرت، أواخر الشهر الماضي، من احتمال فرار نحو مليون شخص من السودان بحلول تشرين الأول/أكتوبر المقبل. ورأت أنّ الصراع في هذا البلد يُنذر بتزايد عمليات تهريب البشر وانتشار الأسلحة، في منطقة تصنَّف "هشةً"، وفق مختلف المعايير.