"إسرائيل" وخيارات مواجهة إيران: السيئ والأسوأ
ارتفع منسوب القلق في "إسرائيل" مع تزايد الحديث عن تجدّد المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، بحيث أفادت تقارير إسرائيلية بأنّ "إسرائيل" تبذل جهوداً من أجل عرقلة هذه المفاوضات، على الرغم من أنّ المستوى السياسي فيها يخشى أنّه لم يتبقَ لها أيّ قدرة تأثير حقيقية في الولايات المتحدة الأميركية بشأن الملف الإيراني.
تزامنت هذه الخشية مع تحديث شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، "أمان"، تقديرها بشأن الوضع الاستراتيجي لإيران، فرأت أنّه تحسّن بصورةٍ مُدهشة فاجأت "إسرائيل".
"إسرائيل" فقدت تأثيرها في مفاوضات "النووي الإيراني"
وأفاد مراسل الشؤون الخارجية في موقع "واينت"، إيتمار آيخنر، بأنّه في ظلّ الخشية الإسرائيلية من توقيع اتفاقٍ بين واشنطن وطهران، سيعقد وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، بعد أيامٍ قليلة، اجتماعاً مع نظيره الأميركي، وزير الدفاع، لويد أوستن، في أوروبا، قد يكون "المحاولة الإسرائيلية الأخيرة للتأثير في الاتفاق المتشكّل (بين طهران وواشنطن)".
وفي هذا السياق، أشار محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عاموس هرئِل، إلى أنّ المستوى السياسي الإسرائيلي يخشى أنّه لم يتبقَّ لـ"إسرائيل" أيّ قدرة تأثير حقيقية في الولايات المتحدة، على صعيد المحادثات مع إيران، والتي كانت على موعدٍ مع جولةٍ جديدة، في الثامن من شهر أيار/مايو الماضي في سلطنة عُمان، وفقاً لموقع "والاه" الإلكتروني، بحيث جرت بين الطرفين محادثاتٌ غير مباشرة.
وبحسب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، طال لِف رام، فإنّ الأميركيين لم يُطْلعوا "إسرائيل" على المفاوضات الجارية مع إيران.
وأشار لِف رام إلى أنّ القيادة السياسية في "إسرائيل" مقتنعة بأنّ اتفاقاً مرحلياً في قضية النووي يُنسج بين إيران والولايات المتحدة من وراء الكواليس. كما أنّ الحوار، بحسب تقدير مصادر رسمية إسرائيلية، هو في مرحلةٍ مُتقدّمةٍ نسبياً.
ولفت لِف رام إلى أنّ المسؤولين في المؤسستين الأمنية والعسكرية في "إسرائيل" قلقون جداً من برودة منظومة العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، عشيةَ استئنافٍ المفاوضات بشأن الاتفاق النووي.
ونقل لِف رام، عن مصادرٍ إسرائيلية مُطّلعة، تأكيدها أنّ قُدرة تأثير "إسرائيل" في الاتفاقات المتبلورة منخفضة جداً، أكثر من أيّ وقتٍ سابق.
تقدير "أمان" المحدّث بشأن إيران
القلق الإسرائيلي من إمكان التوصل إلى اتفاقٍ بين طهران وواشنطن أتى في وقتٍ تحدّث محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، عاموس هرئِل، عن تحديث شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، "أمان"، تقديرها بشأن الوضع الاستراتيجي لإيران، في الآونة الأخيرة، فرأت أنّه تحسّن بصورةٍ مُدهشة، وبطريقةٍ باغت فيها الواقع الشرق أوسطي "إسرائيل"، وهذه "ليست أخباراً جيدة" لها.
وكانت "أمان" قدّمت، قبل ذلك، وتحديداً في مطلع العام الميلادي الحالي، تقديراً للقادة، زُعم فيه أنّ إيران تدخل عام 2023 في "زاوية دخول سلبية"، بسبب "احتجاج الحجاب"؛ صعوبة الاتصالات بالغرب؛ وغضب الإدارة الأميركية على طهران بسبب استمرار تخصيب اليورانيوم لمستوياتٍ عالية، ونقلها طائرات مسيّرة إلى روسيا.
ولفتت التقارير الإسرائيلية إلى أنّ هذا التغيير الحاد في التقدير استند إلى عدّة تطوراتٍ مركزية:
· الاحتجاجات ضعُفت كثيراً.
· الحلف بين إيران وروسيا توثّق، إلى درجة أنّ إيران تأمل الحصول من الكرملين على طائرات حربية حديثة وأنظمة دفاع جوي، تحسّن حماية مواقعها النووية.
· حدوث تحولات في مقاربة دول الغرب تجاه إيران، بحيث بدأ تقدّم حقيقي في المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، بشأن اتفاقٍ محدود في مجال النووي.
· توقيع إيران والسعودية على اتفاق مُصالحة بعد قطيعة دامت سبعة أعوام، بوساطة الصين. ومصر انضمت لاحقاً إلى الاتفاق. وحتى شريك إيران، الرئيس السوري بشار الأسد، عاد إلى حِضن الجامعة العربية.
إيران "النووية" خطر وجودي على "إسرائيل"
في مقابلة أجرتها مراسلة الشؤون الدبلوماسية في موقع "ماكور ريشون"، هوديا كاريش حزوني، مع رئيس قسم الدراسات في حركة "الأمنيين"، أور يسّاخر، قال الأخير إنّ إيران نووية تُشكل خطراً وجودياً على "إسرائيل"، لأن أيّ سلاح كاسر للتوازن يُمكن أن يمنحها ميزة مُزدوجة: وسيلة ردع، ووسيلة هجوم، في آن واحد، بحيث تكون الأولى بمثابة "بطاقة تأمين" أو "مظلة نووية" لإيران وحلفائها، أمّا الثانية فيمكن أن تُشكّل تهديداً وجودياً على "إسرائيل".
وحذّر يسّاخر من أنّه "لا يمكن العمل ضد دولة نووية"، كما لا يمكن لـ"إسرائيل" المجازفة في أن يكون لإيران إمكان الوصول إلى قنبلة نووية. لذلك، فإنّ كل الخيارات الممكنة لـ"إسرائيل" حالياً سيئة، لأنّه مطروح عليها الاختيار بين سيئ وأسوأ. فشن هجوم هو خيار سيئ، وإيران نووية خيار أسوأ.