التوترات بين كوسوفو وصربيا مستمرة.. ما خلفية الأزمة المتكررة؟
اندلعت التوترات بين صربيا وكوسوفو من جديد نهاية الأسبوع الماضي، بعدما دهمت شرطة كوسوفو المناطق التي يسيطر عليها الصرب في شمال المنطقة، واستولت على مباني البلدية المحلية.
وفي التفاصيل، بعد مقاطعة الصرب للانتخابات المحلية التي جرت الشهر الماضي، شمال كوسوفو، حيث يمثل الصرب الأغلبية، انتقل رؤساء البلديات المنتخبون حديثاً من أصل ألباني إلى مكاتبهم، بمساعدة شرطة مكافحة الشغب في كوسوفو يوم الجمعة الماضي.
وحاول الصرب منعهم من الاستيلاء على المبنى، لكن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
ونظم الصرب، أمس الاثنين، احتجاجاً أمام مباني البلدية، ما تسبب في مواجهة متوترة أسفرت عن اشتباكات عنيفة بين الصرب وقوات "حفظ السلام" في كوسوفو والشرطة المحلية.
بعدها، حاولت قوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلسي إبعاد المتظاهرين عن الشرطة، ثم بدأت لاحقاً بتفريق الحشود باستخدام الدروع والهراوات. وأصيب أكثر من 30 عنصراً في قوات "حفظ السلام" خلال المواجهات.
بدوره، أعلن الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، إصابة 52 شخصاً في المواجهات التي دارت بين الشرطة في كوسوفو ومجموعة من صرب كوسوفو، رفضاً لتعيين 4 رؤساء بلديات من أصل ألباني في شمالي البلاد.
وقاطع الصرب، الذين غادر ممثلوهم السياسيون الإدارات المحلية في شمال كوسوفو في تشرين الثاني/نوفمبر في سياق مواجهة بين بلغراد وبريشتينا، الانتخابات البلدية التي نظمتها حكومة كوسوفو في نيسان/أبريل لإنهاء الفراغ المؤسسي.
وفاز رؤساء البلديات الألبان في انتخابات محلية نظمتها سلطات كوسوفو في 23 نيسان/أبريل في 4 بلديات، معظم سكانها من الصرب الذين قاطعوا هذه الانتخابات إلى حد كبير، إذ لم يشارك في الاقتراع سوى 1500 ناخب من أصل 45 ألفاً مسجلين.
ويعيش نحو 120 ألف صربي في كوسوفو، التي يبلغ عدد سكانها 1.8 مليون نسمة، غالبيتهم الساحقة من الألبان.
وفي إثر ذلك، رفعت صربيا الاستعداد القتالي لقواتها المتمركزة قرب الحدود، وحذّرت من أنّها لن تقف مكتوفة الأيدي إذا تعرض الصرب في كوسوفو للهجوم مرة أخرى.
هذا الوضع أثار مرة أخرى مخاوف من تجدد الصراع في الفترة 1998-1999 في كوسوفو الذي أودى بحياة أكثر من 10 آلاف شخص وتشريد أكثر من مليون شخص.
وتشهد كوسوفو، الإقليم الصربي السابق الذي أعلن استقلاله في 2008، مواجهات متكررة، وتستمر التوترات هناك بين حكومة كوسوفو والصرب الذين يعيشون بشكل رئيسي في شمال البلاد ويقيمون علاقات وثيقة مع بلغراد.
وعادة ما تقابل محاولات الحكومة المركزية لفرض المزيد من السيطرة في الشمال الذي يسيطر عليه الصرب بمقاومة من الصرب.
واعترفت نحو 100 دولة باستقلال كوسوفو، بما في ذلك الولايات المتحدة، لكن روسيا والصين وخمس دول من الاتحاد الأوروبي وقفت إلى جانب صربيا. أدى هذا المأزق إلى استمرار التوترات ومنع الاستقرار الكامل في منطقة البلقان بعد الحروب الدموية في التسعينيات.
وكانت هناك جهود دولية مستمرة لإيجاد أرضية مشتركة بين الخصمين السابقين في زمن الحرب، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل نهائي حتى الآن.
وتم طرح فكرة لتغييرات الحدود وتبادل الأراضي كطريق للمضي قدماً، لكن العديد من دول الاتحاد الأوروبي رفض ذلك بسبب مخاوف من تسببها برد فعل متسلسل في مناطق أخرى مختلطة عرقياً في البلقان، ووقوع المزيد من المشكلات في المنطقة.