تحديات أمنية كبيرة تنتظر الرئيس الجديد في نيجيريا
تصاعدت وتيرة أعمال العنف في نيجيريا بعد هدوء وجيز قبل الانتخابات، في وقتٍ سابق هذا العام، مذكرةً بالتحديات الأمنية الماثلة أمام الرئيس المنتخب بولا تينوبو.
ولا يكاد يمرّ أسبوع في الدولة الأكثر تعداداً للسكان في القارة الأفريقية، من دون وقوع هجمات أو عمليات خطف، ينفذها مجرمون يُعرفون بـ"العصابات" في شمال شرق البلاد ووسطها، أو مسلحون في شمال الشرق أو انفصاليون في جنوب الشرق.
وسادت مخاوف من أن تهدّد وتيرة أعمال العنف وشدتها، الانتخابات التي أجريت في شباط/فبراير وآذار/مارس. وأثار الهدوء النسبي الذي خيّم على الانتخابات دهشة العديد من المراقبين.
ومن المتوقع أن يؤدي تينوبو (71 عاماً) اليمين الدستورية في 29 أيار/مايو، خلفاً، لمحمد بخاري (81 عاماً) المنتمي للحزب نفسه، والمتهم بعدم الوفاء بوعده في مكافحة انعدام الأمن المتفشي خلال ولايتيه الرئاسيتين.
وعلى الرغم من اتهامات المعارضة بحصول تزوير، قال المسؤولون إنّ العملية الانتخابية كانت حرة ونزيهة وأعلنوا فوز تينوبو.
وستكون إحدى أكثر المهام إلحاحاً، المترتبة على الحكومة الجديدة، هي التصدي لانعدام الأمن الذي عاد بكل قوة منذ نيسان/أبريل.
وتكثر في الآونة الأخيرة عناوين صحف مثل "أكثر من 100 قتيل و3000 نازح عقب اشتباكات" و"خطف 25 شخصاً من كنيسة" و"قافلة أميركية تتعرض لهجوم مسلح".
مقاومة ضئيلة أو معدومة
من جهته، يرى إيميكا أوكورو، المحلل الأمني لدى مركز "إس بي إم إنتيليجنس" للاستشارات، ومقرّه في لاغوس، أنّ "الرئيس المنتخب سيواجه على الأرجح تحديات أمنية كبيرة لدى تولّي مهامه".
ويكمن التحدي الأكثر إلحاحاً بحسب ما قال أوكورو لوكالة "فرانس برس"، في وسط البلاد وشمال غربها، حيث تحولت توترات قديمة بين مربي ماشية ومزارعين إلى نزاع دموي تشارك فيه عصابات إجرامية مسلحة.
وسمح الإفلات من العقاب، لأعمال العنف بالتصاعد، وفق أوكورو، رغم بعض العمليات العسكرية المستمرة ضد الجماعات.
وقال محمد سعد أبو بكر الثالث، سلطان سوكوتو، إحدى الولايات المتضررة من أعمال العنف، إنّ العصابات "تقتحم تجمعاً سكنياً وتقتل الناس وتدمر مملكاتهم وسط مقاومة ضئيلة أو معدومة من المسؤولين الأمنيين".
وخلال الحملة الانتخابية، وعد تينوبو بالعمل على "تسريع الإصلاحات التي بدأت" خلال عهد بخاري "عن طريق بناء قوات مسلحة أقوى".
وقال إنّه سيعمل على "تجنيد وتدريب وتجهيز عناصر إضافيين من الجيش والشرطة والقوات شبه العسكرية وعناصر الاستخبارات".
لكن بالنسبة لإيدايات حسن من مركز الديمقراطية والتنمية ومقره أبوجا، فإنه يجب على الإدارة الجديدة أيضاً أن تنحى باتجاه مقاربة "غير عسكرية" والتصدي لبعض جذور أسباب العنف.
نزاع مسلح
ومن أكبر التحديات التي ستواجه إدارة تينوبو، التمرد المسلّح المستمر منذ 14 عاماً في شمال شرق البلاد، والذي أدى إلى مقتل 40.000 شخص ونزوح مليونين.
وخلال عهد بخاري استعاد الجيش مناطق كانت خاضعة لسيطرة حركة بوكو حرام المتطرفة. لكن مجموعات منافسة مرتبطة بتنظيم "داعش" في ولاية غرب أفريقيا، برزت كمصدر التهديد الأكبر.
واختيار تينوبو لكاشم شيتيما الحاكم السابق لولاية بورنو الأكثر تضرراً، نائباً له يمكن أن "يحدث فرقاً كبيراً" في إنهاء الصراع وفق حسن، علماً بأن البعض يحمّل شيتيما، مسؤولية تدهور الأمن عندما كان في منصبه.
ويواجه تينوبو في جنوب الشرق اضطرابات انفصالية، وهي مسألة بالغة الحساسية في نيجيريا، حيث قُتل قرابة مليون شخص خلال حرب أهلية، استمرت ثلاث سنوات في أواخر الستينيات بين القوات الفدرالية وانفصاليين من إثنية إيغبو.
وحتى اليوم يشعر كثيرون في جنوب الشرق بالتهميش، وشعروا بخيبة أمل إزاء هزيمة المرشح من الإيغبو بيتر أوبي أمام تينوبو.
ورأت حسن أنه "من غير المرجح أن يتحسن الأمن في جنوب الشرق" ما لم "تعمد إدارة تينوبو إلى بناء جسور".
كما يأمل العديد من النيجيريين أن تضع الحكومة الجديدة حداً لسنوات من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها، وفق تقارير، قوات الأمن في أنحاء البلاد.
وحضّت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إحدى المنظمات التي وثّقت انتهاكات حقوقية في هذا البلد، تينوبو على "تغيير مسار التراجع الكبير لحقوق الإنسان".