"فيتش" تضع تصنيف الولايات المتحدة تحت المراقبة السلبية

وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، تضع تصنيف ائتمان الولايات المتحدة تحت المراقبة من أجل خفض محتمل، مما يزيد المخاطر مع اقتراب مفاوضات رفع سقف الدين الأميركي من اللحظات الحاسمة.
  • بورصة نيويورك (أرشيف).

أعلنت وكالة "فيتش"، الأربعاء، أنّها وضعت التصنيف الائتماني الممتاز للولايات المتّحدة (إيه إيه إيه)، تحت المراقبة، تمهيداً لاحتمال خفضه بسبب خطر تخلّف واشنطن عن سداد ديونها، إذا لم يتمّ رفع سقف الدين العام الأميركي.

وقالت الوكالة في بيان إنّ قرارها هذا "يعكس التوترات السياسية المتزايدة التي تعيق حلّ المشكلة عبر رفع سقف الدين العام أو تعليق العمل به"، في وقت يدنو فيه بسرعة الموعد النهائي لبلوغ الدين العام الأميركي السقف المحدّد له قانوناً.

وفي بيانها، أكّدت "فيتش" أنّها "تتوقّع قراراً صائباً من جانب الولايات المتّحدة في الوقت المناسب"، لكن مع ذلك فإنّ الخبراء يعتقدون أنّ هناك "ارتفاعاً في مخاطر عدم رفع سقف الدين أو تعليقه في الوقت المناسب، وأن تبدأ الحكومة بالفشل في سداد بعض المدفوعات".

وحذّرت فيتش من أن "الفشل في التوصّل إلى اتّفاق سيكون علامة سلبية على صعيد الحوكمة بشكل عام، ورغبة الولايات المتّحدة بالوفاء بالتزاماتها في آجالها المحدّدة".

وأكّدت الوكالة أنّها ستراقب عن كثب تطورات وضع سقف الدين العام الأميركي، مشيرةً إلى أنه إذا لم تدفع الولايات المتّحدة ديوناً تستحقّ في 1 أو 2 حزيران/يونيو، فسيتم اعتبارها متخلّفة عن السداد، وستصبح الديون اللاحقة التي تستحقّ في غضون 30 يوماً "بالغة المخاطر"، ما يعني أنّ درجة هذه الديون ستصبح "سي سي سي".

أمّا بالنسبة إلى بقية الديون فقالت "فيتش" إنّ تصنيفها سيظل بدون تغيير، إذ إن الولايات المتحدة تمتلك أكبر احتياطي من الأموال في العالم.

ويتعيّن على الكونغرس أن يرفع في أسرع وقت ممكن، سقف الدين العام أو أن يعلّق العمل به لتجنّب وقوع الولايات المتحدة، لأول مرة في تاريخها، في أزمة التخلّف عن السداد.

وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، فإن الدين العام يمكن أن يبلغ السقف المحدّد له قانوناً في غضون 9 أيام لا أكثر، ويبلغ سقف الدين العام الأميركي حالياً 31 ألف مليار دولار. 

وتتفاقم أزمة توقعات التخلف الأميركي عن سداد الديون مع الاقتراب من آجال السداد.

وكشف مصدر أميركي قبل ساعات أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، يستعد لعقد صفقة مع الكتلة الجمهورية في الكونغرس لوضع حدٍ للأزمة.

ويتوقع محللون أن تعاني أسواق الأسهم الأميركية من صدمة حادة مؤقتة، في حال عجزت وزارة الخزانة الأميركية عن الوفاء بجميع التزاماتها المالية.

وكذلك، يُتوقّع أن ترتفع بشكلٍ حادّ أسعار الفائدة التي يفرضها المستثمرون على السندات التي تصدرها الولايات المتحدة.

يذكر أنّ هذه الزيادة في تكلفة الائتمان، ستؤدي إلى انخفاض في الاستثمارات التجارية والأسرية، وكذلك في الاستهلاك، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى ركودٍ حاد في الولايات المتحدة، وربما سيطال هذا الركود اقتصادات أوروبا وأماكن أخرى.

واعتباراً من الأول من حزيران/يونيو المقبل، يمكن أن تجد الولايات المتحدة نفسها في وضعية التخلف عن السداد، أي أنّها لن تكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية، وذلك سواءً على مستوى الأجور والرواتب التقاعدية أو تسديد متوجّباتها المالية للجهات الدائنة.

اقرأ أيضاً: "النقد الدولي": الاقتصاد العالمي "بغِنى" عن أزمة سقف الدين الأميركي

أزمة مشابهة عام 2011

بعد عملية مخاض صعبة، أقر الكونغرس في اللحظات الأخيرة، في 2 آب/ أغسطس عام 2011، اتفاق ينص على رفع سقف الدين العام بمبلغ 2.1 تريليون دولار، مما يسمح للخزانة الأميركية بتلبية مدفوعاتها حتى عام 2013 وتخفيض الإنفاق بمقدار 2.4 تريليونات دولار على مرحلتين على مدى عشر سنوات.

غير أن هذا الاتفاق لم يتح تجنب تخفيض التصنيف السيادي للولايات المتحدة، حيث خفضت وكالة "ستاندرد آند بوز" للتصنيف الائتماني في 5 آب/ أغسطس 2011 التصنيف الائتماني للولايات المتحدة على المدى الطويل من الدرجة الممتازة (AAA) إلى الدرجة (AA+)، وذلك للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة بسبب مخاوف بشأن العجز المتفاقم في الميزانية الحكومية وارتفاع أعباء الدين.

واعتبرت أن هذا الاتفاق غير كاف، وسيكون له تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي وعلى الاستثمارات الأجنبية، وبالأخص على سندات الخزانة الأميركية.

وأدت سياسة حافة الهاوية حول رفع سقف الدين خلال 2011، في ارتفاع تكلفة التأمين ضد مخاطر التخلف عن السداد لتصل إلى 80 نقطة أساس على سندات الخزانة لمدة عام واحد و65 نقطة أساس على سندات الخزانة لمدة خمس سنوات، في حين أنها في الأوقات العادية تكون أقل من 5 نقاط أساس و30 نقطة أساس لكليهما على التوالي.

وبما أن سندات الخزانة الأميركية اعتُبرت خلال العقود الثلاثة الماضية ضمن أكثر أشكال الاستثمار سلامة وعائداً ثابتاً، فإن كافة البلدان الغنية والبنوك المركزية في العالم تقريباً استثمرت مئات المليارات في هذه السندات التي لم تكن محلّ شك في يوم من الأيام.

من هنا تكمن خطورة تخفيض التصنيف السيادي للولايات المتحدة الأميركية أو عجزها عن سداد هذه القروض؛ إذ إن ذلك سيؤثر على كافة الاقتصادات الفاعلة في العالم، الأمر الذي دفع المديرة السابقة لصندوق النقد الدولي "كريستين لاغارد" في ذلك الوقت إلى وصف ذلك التطور "بالحدث الخطير جداً جداً".

اقرأ أيضاً: ماذا سيحدث إذا فشلت الولايات المتحدة في رفع سقف دينها العام؟

المصدر: وكالات