فرار أكثر من 200 ألف شخص من السودان.. وتعطل الصادرات يعمق الأزمة
أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أنّ نحو 200 ألف شخص فروا من السودان هرباً من القتال الذي اندلع في منتصف نيسان/أبريل، بالإضافة إلى مئات الآلاف الذين نزحوا داخل البلاد.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أولغا سارادو، للصحافيين في جنيف، إنّ "الاستجابة الإنسانية صعبة ومكلفة"، مشيرةً إلى أنّ "الفارين يصلون إلى مناطق حدودية نائية حيث الخدمات والبنية التحتية شحيحة أو غير موجودة، في حين أن سكان هذه المناطق يعانون بالفعل من تغير المناخ وندرة الغذاء".
وأشارت إلى أن "موسم الأمطار المقبل سيجعل الخدمات اللوجستية أكثر صعوبة حيث ستصبح العديد من الطرق غير ممهدة".
وأوضحت أن نحو 30 ألف لاجئ وصلوا في الأيام الأخيرة إلى تشاد، وبذلك يصل العدد الإجمالي إلى 60 ألفاً، لافتةً إلى أن ما يقرب من 90% من اللاجئين هم من الأطفال والنساء ويعانون من سوء تغذية حاد.
تعطل صادرات السودان يعمق الأزمة الإنسانية
في سياق متصل، قال تجّار في دبي إنّ الاندلاع المفاجئ للقتال في السودان تسبب في اختناقات لصادرات سلع مهمة على رأسها الذهب والسمسم والفول السوداني واللحوم مما حرم البلاد من العملة الصعبة التي تحتاجها لاستيراد سلع أساسية.
وتدور رحى أعنف اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وتسببت في إغلاق المطار والمصارف وانقطاع الكهرباء عن الشركات وتعطيل الشحن بعد تعرض مكاتب ومصانع ومخازن للنهب على يد مسلحين.
وتحتاج البلاد بشدة للعملة الصعبة التي تجنيها من الصادرات، وخاصة تجارة الذهب عبر دبي التي تقدر قيمتها بنحو ملياري دولار، لتتمكن من استيراد الوقود والقمح والأدوية والأغذية في ظل ما تشهده من كارثة إنسانية.
وتسبب القتال حتى الآن في مقتل المئات ودفع 850 ألفاً للنزوح عن منازلهم. وستفاقم المشكلات التي تواجهها التجارة مأساة بلاد يعتمد نحو ربع سكانها على المساعدات الغذائية حتى من قبل اندلاع القتال الشهر الماضي.
وبالنسبة لمن بقوا في الخرطوم، مركز الأعمال في البلاد، فإنّهم يعانون من توقف الخدمات الأساسية وشح السيولة وإمدادات الغذاء فضلاً عن التزايد الحاد في أسعار الوقود.
وقال أحد وكلاء الشحن إن "أيّ شيء يمر عبر الخرطوم لا يمكنك القيام به"، مشيراً إلى أنّ البنوك تعرضت للنهب كما تعطلت الأنظمة المصرفية والجمركية المركزية، فيما لم تعد عمليات السحب والإيداع متاحة إلا في الضواحي.
وأوضح مسؤول في ميناء بورتسودان، وهو مركز الملاحة البحرية الرئيسي بالبلاد، أن عمليات الشحن التجارية عبر الميناء توقفت بالكامل مع وقف شركات الشحن الكبرى للحجوزات الجديدة.
وقال وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم إنّ مسؤولين من كل من الحكومة والميناء والقطاع المصرفي في بورتسودان يحاولون حل المشكلة.
وبلغ العجز التجاري في السودان 6.7 مليار دولار العام الماضي، وتسببت إصلاحات كانت تهدف لجذب التمويل الأجنبي في انهيار سريع في قيمة الجنيه مع ارتفاع التضخم لأحد أعلى المعدلات في العالم.
يأتي ذلك فيما وقّع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اتفاق مبادئ أوّلي في جدة، نصّ على "امتناع الجيش السوداني والدعم السريع عن أي هجوم من شأنه أن يتسبب بأضرار مدنية، السماح لجميع المدنيين في السودان بمغادرة مناطق الأعمال العدائية والمحاصرة".
وأكد الاتفاق الالتزام بالإجلاء، واحترام "المرافق العامة والخاصة في السودان، والالتزام بحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة بالبلاد"، إضافة إلى "اعتماد إجراءات بسيطة وسريعة لعمليات الإغاثة الإنسانية، والالتزام بحماية الاحتياجات والضروريات لبقاء المدنيين على قيد الحياة في السودان".