كيف انعكس أداء المقاومة الجديد في عملية "ثأر الأحرار" على الاحتلال؟

ردّ المقاومة لم تتوقّعه "إسرائيل"، فقد راهنت على ترسيخ معادلة الهدوء بالهدوء، لكنّ المقاومة كان لها رأيٌ آخر، فتجاوزت صواريخ ثأر الأحرار منظومة القبّة الحديدية زرافاتٍ ووحداناً.
  • ما الذي أدخلته عملية ثأر الأحرار إلى المعادلة؟

"لم تؤدِّ العملية في غزّة إلى كسر أيّ معادلة أو تغيير أيّ شيء أساسي. ننصح بقول ذلك لسكّان غلاف غزّة". حقيقة تعترف بها وسائل الإعلام الإسرائيلية، فيما أحبطت عملية "ثأر الأحرار" الممهورة بتوقيع غرفة العمليات المشتركة محاولة الاحتلال إحداث شرخ بين الفصائل، وبدّدت أوهامه بتغيير قواعد الاشتباك ومعادلات الردع. 

ردّ المقاومة لم تتوقّعه "إسرائيل"، فقد راهنت على ترسيخ معادلة الهدوء بالهدوء، لكنّ المقاومة كان لها رأيٌ آخر، فتجاوزت صواريخ "ثأر الأحرار" منظومة القبّة الحديدية. 

الرهان الإسرائيلي أمس واليوم هو على بثّ الخلاف بين فصائل المقاومة، واتّباع سياسة الاستفراد من خلال الادّعاء بأن حماس لم تشارك في الردّ، وهذا ما نفته الحركة بالتشديد على أنّ المقاومة تدافع عن شعبها على نحوٍ موحّد، وأنّ الأداء المنسّق عبر غرفة العمليات يزيد قوّة الإنجاز على مختلف الصعد. 

اقرأ أيضاً: المقاومة تمطر المستوطنات بالصواريخ.. و"سرايا القدس": إنّهم مغرقون

هل حقّقت "ثأر الأحرار" التراكم المطلوب فعلاً وبَنَت عليه؟

تعليقاً على ذلك، قال محلل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحام، إنّ تراكم التجارب، وخصوصاً التكتيكات الجديدة والرغبة في القتال، موجود دائماً، لكنّ طريقة الأداء فيها نمط جديد، وعملية الانتظار 34 ساعة جعلت "إسرائيل" تشعر بأنّها خسرت المعركة قبل أن تبدأ، وجعلت المقاومة تشعر بأنّها انتصرت لدماء الشهداء قبل أن يطلقوا أي صاروخ.

وأضاف اللحام أنّ "متحدثّين باسم الاحتلال يخرجون ويسألون: أين حماس؟ ولماذا لا تشارك؟ وهذا جزء من البروباغندا، وجزء من سيكولوجيا العسكر عند الاحتلال، لكن في النهاية الصمت أفضل من الانجرار إلى الردود عليهم. كيف بدأت؟ بخسارة! كيف سارت؟ بخسارة!".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

ما الّذي أدخلته عملية "ثأر الأحرار" إلى المعادلة؟

من جهته، قال محلل الميادين للشؤون الأمنية والعسكري شارل أبي نادر إنّ الجميع تكلم عن نجاح الصواريخ في تجاوز منظومة الدفاع الجوي. هذا الموضوع ليس عنواناً أو تفصيلاً فحسب، بل هو لبّ أو نواة المعركة والمواجهة بين العدو والمقاومة. 

وأضاف: "عندما تستطيع أن تفرض صواريخ وقدرات تتجاوز، ولو بنسبة معقولة، منظومة الدفاع الجوي والقبة الحديدية تكون قد كسبت المعركة على الأقلّ في مستوى مرتفع من الردع".

أما في البعد الآخر، فأوضح شارل أبي نادر أنّ النقطة المهمة اليوم التي فرضتها المقاومة في "ثأر الأحرار" هي المساهمة المشتركة وغرفة عمليات مشتركة.

وأكّد أنّ "كل فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية لديه الإمكانية لكي يشترك في هذه الغرفة، ويقدّم خبراته وتجاربه بمواجهة العدو، وأيضاً ليدير ويقدّم إدارة ومتابعة وسير عمليات كل فصيل لفصيله، من دون أن يكون هناك تعلّق بالفصيل الآخر. وهذا هو البُعد الحساس الذي لم تستطع إسرائيل أن تكتشفه أو أن تواجهه". 

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

ما الذي أفشلته عملية "ثأر الأحرار" كمناورة للكيان؟

وأوضح أبي نادر أنّ "ثأر الأحرار هي عملية رد فعل على الاغتيال الإجرامي في قتل القادة الشهداء، لأن الهدف ليس قتل الشهداء واستهدافهم فحسب، بل إن الهدف الأساسي للعدو الإسرائيلي هو تكبيل المقاومة. وقد برهنت عملية ثأر الأحرار مباشرة للعدو أنّه فشل في تحقيق هذا الهدف". 

وعن طبيعة العملية، قال أبي نادر إنّ "العدد الكبير من الصواريخ التي توزّعت قواعد إطلاقها على كل غزة يدلّ على أنّ هناك كوادر موزّعة"، مشدداً على أنّ "عملية ثأر الأحرار هي عملية كاملة وصاعقة ومدروسة، رغم كل الصعوبات الشعبية والسياسية والعسكرية".

 ما الذي تريده إدارة بايدن من هذه العملية؟ 

وبشأن هدف إدارة بايدن من هذه العملية، قال محلل الميادين للشؤون الدولية والإستراتيجية منذر سليمان إنّ هناك طرحاً من حكومة نتنياهو بأنّها بصدد تنفيذ عملية أمنية ستُفيد كل المعسكر الأميركي الإسرائيلي، في ظلّ مناخ إقليمي يُشير إلى تصاعد موقف معسكر المقاومة ومؤيّديه.

وأوضح سليمان أنّ "إنقاذ حكومة نتنياهو من الانفراط الداخلي وإبعاد الانقسامات الداخلية وإشغال الإسرائيليين بأمنهم وحتى الخلافات في الداخل... هذه النقطة كانت، ولا تزال، نقطة التقاء تغطيها الولايات المتّحدة في المحافل الدولية وتقدّم المعونات العسكرية الضرورية للقيام بهذه العملية".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

وأشار إلى أنّ "الافتراق يبدأ عندما تطول هذه المسألة. عندما يكون هناك صمود وبطولة في المواجهة، تجعل الأمر معقّداً، وتجعل الولايات المتّحدة غير قادرة على دعم حرب طويلة في المنطقة".

وأوضح سليمان أنّ العلاقة المعقدة وغير السوية بين إدارة بايدن وإدارة نتنياهو أيضاً تجعل الولايات المتّحدة إلى حدٍّ ما ترغب في توريط الأخير لكي يلجأ إليها حتى تجد مخرجاً له"، لكنها في الوقت نفسه تُدرك أنّ الحكومات الإسرائيلية دائماً ما تلجأ إليها لإيجاد مخارج.

اقرأ أيضاً: صواريخ المقاومة الفلسطينية تواصل ثأرها للأحرار.. مقتل مستوطنة وجرح آخرين

الإعلام الأميركي والتأييد لـ"إسرائيل"

وأضاف سليمان أن بايدن يوازن بين ألّا يجعل موضوع التأييد لـ"إسرائيل" مسألة في الصراع الداخلي الأميركي، ولكن في الوقت نفسه، هناك تململ داخل الحزب الديمقراطي، إذ إن هناك نحو 11% إلى 12% من داخل الحزب بدؤوا يتحولون في مواقفهم، وخصوصاً العناصر الشابة.

وأوضح أنّ هناك تعاطفاً شعبياً ينمو في الداخل الأميركي لم يترجم حتى الآن، ولكن الأصوات المؤيّدة للفلسطينيين بدأت تعلو أكثر.

كذلك، قال سليمان: "من المحتمل أن يعود هناك نشاط على مستوى الأمم المتّحدة لتأكيد بيان بوقف إطلاق النار، والدعوة إلى حماية المدنيين ومحاولة تشجيع الدور المصري ليكون دوراً فعّالاً أكثر مع بعض الضمانات بإيجاد هدنة". 

اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي: العملية في غزة لم تكسر أي معادلة 

وقال شارل أبي نادر إنّ "إسرائيل ربما تلجأ اليوم إلى المهادنة لكي تخفي ما حصل لها من هذه الصفعة في عملية ثأر الأحرار بعد عملية الاغتيال التي كان ردّ فعل المقاومة صاعقاً عليها".

اقرأ أيضاً: أبو حمزة: جاهزون لتوسيع دائرة النار.. و"الغرفة المشتركة": لن نتراجع

 عمليات مقاومة مستمرة في الضفة الغربية

لعلّ من المفارقات في هذه الساعات الأخيرة الماضية أنّ "إسرائيل" كانت تغرق بصليات صواريخ غزة من كافّة فصائل المقاومة، فيما كانت هناك عمليات مقاومة أيضاً مستمرة في الضفة الغربية.

وفي هذا السياق، أشار اللحام إلى أنّ الضفة الغربية هي أهم جبهة عند الاحتلال منذ سنة ونصف سنة، فهي التي تستطيع أن تغيّر حكومات في إطار صمود مخيّم جنين أولاً، ثمّ عرين الأسود، ثمّ كتائب المدن، وصولاً إلى كتيبة طولكرم.

ورأى اللحام أنّ هذا "أكبر فشل عسكري في تاريخ إسرائيل وأكبر فشل سياسي، فالمراهنة على أنّ الجبهات الأخرى تغيّر سلّم الأولويات عند الشعب الفلسطيني لن تنجح، كما أعتقد".

وأضاف أنّ تسخين الساحات ومحاولة نتنياهو قصف سوريا أو تهديد إيران أو غيرها لم يؤدِّ إلى أي نتيجة.

وقال: "في الضفة الغربية، لا يوجد حل سياسي. يوجد مستوطنون يريدون أخذ منازل مواطنين والسكن فيها ومصادرتها، وبالتالي فإنّ الصراع حتمي". 

ووفق اللحام، "لا يمكن لأي مهدّئات أن تجعل هذا الصراع مؤجَّلاً، وإسرائيل إذ دفعت بنحو 60% من الجيش وقواتها إلى الضفة الغربية، فإنها لا تزال عاجزة عن السيطرة على أصغر مخيّم أو أصغر بلدة في الضفة، وصولاً إلى الربط مع معركة غزة".

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.
المصدر: الميادين نت