بعد الحكم الجمهوري شهدت تركيا أربعة انقلابات.. ما هي أبرز أحداثها؟
منذ بداية الحكم الجمهوري في تركيا عام 1923، أي خلال 6 عقود، شهدت تركيا 4 انقلابات عسكرية ومحاولة خامسة باءت بالفشل.
1. انقلاب عام 1960
شهدت الجمهورية التركية، أوّل انقلاب عسكري ضد حكومة منتخبة برئاسة عدنان مندريس، بعد استيلاء 37 ضابطاً متدنيي الرتبة على قيادة الجيش، بقيادة الجنرال المتقاعد جمال غورسيل، بتاريخ 27 أيار/مايو 1960.
أبرز الأحداث:
- اعتقال مندريس وإعدامه: وجّهت لمندريس تهم بتقويض النظام العلماني للدولة، بسبب "سماحه للقوى الدينية بالعمل بحريّة" مخالفاً الحكومات العلمانية السابقة التي منعتها تماماً. وبرغم أنّ مندريس لم يكن بالأصل إسلامياً، إلا أنّ محاولته تخطّي شكل العلمانية التي شرّعها أتاتورك، كان كفيلاً بمحاكمته وإعدامه مع 3 من وزرائه في أيلول/سبتمبر 1961، في جزيرة "ياسي أدا" في بحر مرمرة.
وفي 11 نيسان/أبريل 1990، صادق البرلمان التركي، على قانون يقضي بنقل رفات مندريس ودفنه بمراسم رسمية، لإعادة الاعتبار له. ودفن في ذكرى إعدامه يوم 17 أيلول/سبتمبر 1990، في شارع الوطن في إسطنبول.
- اعتقال رئيس الجمهورية جلال بيار: حكم عليه لاحقاً بالإعدام، ولكن في عام 1966، أُعلن العفو الرسمي، ورفع حكم الإعدام عنه، لظروفه الصحية.
- فصل أعداد كبيرة من الجنرالات والضباط والقضاة بتهمة "الخيانة العظمى وسوء استخدام المال العام".
- حلَّ البرلمان وإلغاء العمل بالدستور
2. انقلاب عام 1971.. "انقلاب المذكرة"
شهدت تركيا انقلاباً عسكرياً من نوع آخر في 12 آذار/مارس 1971، عُرف بـ "انقلاب المذكّرة"، في إشارة إلى المذكّرة العسكرية التي أرسلها قادة الجيش (ذوي رتب رفيعة على عكس انقلاب 1960) إلى رئيس الدولة حينها، وفيها دعوه للاستقالة.
أبرز الأحداث:
- قرّرت حكومة سليمان دميرل الاستقالة برغم أن "المذكرة لا تتوافق مع الدستور"، وتحوّلت البلاد بعدها إلى ما عرف بـ "نظام 12 أذار/مارس"، دون أن يتم حل البرلمان والدستور، أو إغلاق الأحزاب السياسية.
- أقيمت حكومة "تكنوقراط" تحت وصاية الجيش بقيادة نهاد أريم.
3. انقلاب عام 1980
في 12 أيلول/سبتمبر 1980، شهدت تركيا انقلابها الـ 3، الذي يعتبره الأتراك من الانقلابات "الأكثر دموية"، بزعامة الجنرال كنعان أورن مع مجموعة من الضباط في الجيش التركي.
وقاد أورن الانقلاب بذرئع عدة أبرزها عدم الاستقرار السياسي من جهة، ومن جهة أخرى، الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت البلاد مع الأحداث الأمنية المتوترة، التي رافقتها اغتيالات طالت سياسيين وإعلاميين ورجال أمن، منهم رئيس الوزراء الأسبق نهاد أريم.
ومن تداعيات هذا الانقلاب، محاكمة 230 ألفاً، صدر بحق 517 منهم حكم الإعدام، لكنّه طبق على 50 فرداً فقط، وطرد 30 ألف موظف من أعمالهم، كما سحبت الجنسية من 14 ألف مواطن.
وقدّر عدد الضحايا المقتولين في ظروف غامضة 300 شخص، وآخرين قضوا تحت التعذيب.
يذكر أن هذا الانقلاب دعمته الولايات المتحدة الأميركية، بعد أن فقدت حليفها الرئيسي في المنطقة محمد رضا بهلوي، والذي أسقطته الثورة الإيرانية عام 1979. وبعد الانقلاب، تلقّت تركيا مبالغ كبيرة من المساعدات الاقتصادية، من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمساعدات العسكرية من حلف شمال الأطلسي (الناتو).
أبرز الأحداث:
- حلّ البرلمان
- إيقاف العمل بالدستور
- حل كل الأحزاب السياسية
- نُفي دميرل وعدد من الشخصيات السياسية التركية البارزة.
4. انقلاب عام 1997.. "انقلاب ما بعد الحداثة"
وقع الانقلاب الـ 4، الذي سمّي أيضاً "الانقلاب الأبيض" في 28 فبراير/شباط 1997، بذريعة "حماية علمانية الدولة من الرجعية"، حيث أصدر مجلس الأمن القومي سلسلة قرارات بضغوط من قادة الجيش، أدّت إلى الإطاحة بحكومة نجم الدين أربكان.
بدأ الصراع بداية السبعينيات من القرن الماضي، بعدما ظهرت رموز وشخصيات سياسية إسلامية، أبرزها أربكان، الذي بدأ مشواره السياسي بتأسيس حزب "النظام الوطني".
ووصلت ذروة الصراع، بعد تمكّن "حزب الرفاه" من الوصول للسلطة عام 1995، وتولّي أربكان رئاسة الوزراء، ليصبح أوّل رجل ذو توجه إسلامي صريح يصل للسلطة منذ قيام الجمهورية، الأمر الذي أغضب العلمانيين وجعلهم يتحركون لإسقاط الحكومة المنتخبة.
أبرز الأحداث:
- حل حزب أربكان (حزب الرفاه).
- فرض حظر سياسي لمدة 5 سنوات على أربكان، وعدد من قيادات حزبه.
ردّاً على الانقلاب، شُكّل "حزب العدالة والتنمية"، واستطاع تحقيق الفوز في انتخابات 2002، على الرغم من أنّ القضاء منع أربكان وآخرين من حزبه (منهم رجب طيب إردوغان عمدة إسطنبول حينها) من ممارسة السياسة 5 سنوات، لكنّ الشعب رفض هيمنة الجيش على الحياة السياسية والدينية والاجتماعية، فدعم الأحزاب التي انبثقت عن "حزب الرفاه".
5. الانقلاب الفاشل عام 2016
تعرضت تركيا في 15 تموز/يوليو 2016، لمحاولة انقلاب خطّط لها ونفذها عناصر من الجيش، لكنّها باءت بالفشل.
مساء يوم الانقلاب، أغلق الانقلابيون شوارع أنقرة وإسطنبول، وكلّفوا القوات الخاصة باعتقال الرئيس التركي إردوغان، فهجمت القوات على فندق "كلوب توربان" جنوبي تركيا بالنيران والقنابل اليدوية وقتلت 2 من حراسه،لكنّه كان يمكث في ملحق تابع للفندق.
وعلى إثر التطورات وقتها، دعا إردوغان سريعاً، في حديث له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، الناس، للنزول إلى الشوارع لصدّ محاولة الانقلاب.
وشكّلت الاستجابة الشعبية الواسعة لنداء إرودغان تحوّلاً مفصلياً في مسار الأحداث، حيث ملأ الآلاف من مؤيديه الشوارع، واستعادوا السيطرة على بعض المطارات التي كانت عناصر من الجيش (الإنقلابيين) قد تحكمت بها.
كما توالت تصريحات قيادات الجيش الكبرى معلنةً أنّ المحاولة الانقلابية تزعمتها مجموعات داخل الجيش، بالتزامن مع نجاح قوات الأمن والقوات الخاصة في إلقاء القبض على كثير من الانقلابيين، معلنةً بداية فشل الانقلاب.
وفي صباح اليوم التالي، وصل إردوغان إلى مطار إسطنبول الدولي، وسط ترحيب شعبي، وأعلن عن إنهاء محاولة الانقلاب، متوعداً المتورطين، بالعقاب، بغض النظر عن المؤسسات التي ينتمون إليها.
أبرز الأحداث:
- سقوط نحو 251 قتيل وأكثر من 2200 جريح.
- فشل محاولة اعتقال إردوغان.
- حملات اعتقال واسعة طالت الآلاف من عسكريين ومدنيين بعد فشل الانقلاب.
- مهّدت هذه المحاولة الفاشلة لتغيير النظام السياسي في تركيا من برلماني إلى رئاسي.
وبعد الانتقال إلى النظام الرئاسي، أصبح مجلس الشورى العسكري الأعلى يُعقد برئاسة رئيس الجمهورية وحضور مساعده ووزير الدفاع والخارجية والداخلية والمالية والعدل والتعليم، بالإضافة إلى رئيس الأركان وقادة القوات البرية والبحرية والجوية، ونُقلت الأمانة العامة من رئاسة الأركان إلى وزارة الدفاع.
كما أُلحقت قيادات القوات البرية والبحرية والجوية بوزارة الدفاع، وأُلحقت القيادة العامة لقوات الدرك وقيادة خفر السواحل بوزارة الداخلية، ضمن قرارات متتابعة خلال السنوات الأخيرة في إطار إعادة هيكلة الجيش.