الكونغرس يحقق بأخلاقيات قضاة المحكمة العليا الأميركية
تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها، التي سينظر فيها مجلس الشيوخ، اليوم الثلاثاء، حيث كانت المحكمة تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد.
وتنعقد جلسة الاستماع اليوم، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، حيث رأى 58 في المئة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيء.
ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ التي يسيطر عليها الديموقراطيون، جلسة الاستماع، بعد جدل طال قاضيَين محافظَين، أحدهما كلارنس توماس، بعد أن قَبل هبةً من رجل أعمال.
وأصبح توماس، الذي يعدّ من القضاة الأكثر محافظة في المحكمة العليا، وسط جدل كبير عندما كشف موقع "بروبابليكا" أنّه قبِل هدايا باهظة الثمن من دون الإعلان عنها، بما في ذلك رحلات طيران خاصّة، أو رحلات بحرية على متن يخت ضخم من الملياردير الجمهوري، هارلن كرو.
ودافع توماس عن نفسه مؤكداً أنّ "القواعد التي تحكم التصريح عن هذا النوع من الرحلات تغيّرت".
وكان هارلن كرو قد تبرّع بأكثر من عشرة ملايين دولار لمنظمات جمهورية، وفقاً لـ"بروبابليكا"، بما في ذلك 500 ألف دولار لمجموعة محافِظة أسّستها جيني توماس، زوجة القاضي كلارنس توماس. وكانت جيني، - وهي ناشطة ضمن جماعات ضغط -، قد أثارت جدلاً بسبب مشاركتها في حملة دونالد ترامب، لإثبات أنّ الانتخابات الرئاسية للعام 2020 كانت قد سُرقت منه.
القاضي كلارنس توماس لم يكن القاضي الوحيد الذي أُلقي الضوء على سلوكياته. فقد باع زميله المحافظ نيل غورسوش، مباشرةً بعد التصديق على تعيينه في المحكمة العليا في العام 2017، عقاراً كبيراً في كولورادوـ إلى المدير التنفيذي لشركة المحاماة "غرينبرغ توريغ"، التي ترافع بانتظام في قضايا أمام المحكمة العليا، وفقاً لصحيفة "بوليتيكو" الأميركية، التي حصلت على قرار بشأن الإجهاض الذي سمح لـ15 ولاية بحظره، قبل نشره.
من جهته، رفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الكونغرس، مشيراً إلى "مخاوف بشأن فصل السلطات وأهمية الحفاظ على استقلال القضاء".
بدوره، قال رئيس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، ديك دوربن، في رسالته التي دعا فيها رئيس المحكمة العليا للإدلاء بشهادته، إنّ "عمليات الكشف التي طالت قضاة لا يحترمون المعايير الأخلاقية المتوقّعة في ازدياد".
اقرأ أيضاً: تأثير عميق لهيمنة المحافظين على المحكمة العليا الأميركية
وتقوم أعلى هيئة قضائية أميركية، التي تتمثّل مهمّتها الأساسية في ضمان دستورية القوانين، بحسم نقاشات اجتماعية مهمّة في الولايات المتحدة، ومنها قضايا تتعلق بالإجهاض وزواج المثليين، والتمييز العنصري، وعقوبة الإعدام، والنزاعات الانتخابية، وحمل السلاح، وما إلى ذلك. ويعيَّن هؤلاء القضاة في مواقعهم مدى الحياة كما يتمتّعون بنوع من الحصانة.
وبدأ المسلسل القضائي في 7 نيسان/أبريل الماضي، عندما سحب قاضٍ فدرالي في تكساس، بناءً على شكوى قدمها نشطاء مناهضون للإجهاض، ترخيص تسويق عقار "ميفيبريستون" الممنوح من إدارة الأغذية والعقاقير، في انتصارٍ مدوٍّ لمعارضي الإجهاض، وذلك بعد نحو عام على قرار بإلغاء الحق في الإجهاض.
اقرأ أيضاً: هل يتحوّل "قانون الإجهاض" في الولايات المتحدة مادة للاستقطاب السياسي؟
وبينما تعدّ جلسة استماع برلمانية بشأن أخلاقيات المحكمة العليا أمراً غير مسبوق، إلّا أنّ من النادر أيضاً أن تكون المحكمة العليا في قلب الجدل الذي يطال "هذا العدد من القضاة وهذا العدد من المواضيع"، وفق ما يقول ستيفن شوين أستاذ القانون في جامعة إيلينوي في شيكاغو.
ويضيف شوين أنّ ذلك ينسحب أيضاً على "مستويات الثقة والشعبية" المنخفضة تاريخياً، كما يقوّض صورة المحكمة التي يُفترض أن تكون "فريدة" و"مستقلّة".