محذراً من الفوضى.. حجار للميادين نت: لا تلعبوا بالنار في ملف النازحين السوريين

يتحدث وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني للميادين نت حول ملف عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، في خضم تطورات وجدل كبير، وخصوصاً مع التلكؤ الغربي في معالجة هذا الموضوع.
  • حجار للميادين نت: الأجواء تتجه نحو فوضى من أجل استثمارها داخلياً وخارجياً (غرافيك: هادي شمبس)

لا يألو وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، هكتور حجار، جهداً في سبيل حل أزمة عصيبة أرخت بظلالها في أتون أقسى أزمة اقتصادية اجتماعية خانقة تمرّ بها البلاد.

قضية النازحين السوريين كانت محور اهتمام حجار الحثيث منذ أن تولى هذا الملف الشائك، وآخرها كان أمس الأربعاء في اجتماع اللجنة الوزارية التي تُعنى بشؤون النازحين برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. الميادين نت واكب الاجتماع وحرص على استقاء معلوماته من الوزير المعنيّ.

يبلغ عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان بسبب الأزمة في بلادهم 1.5 مليون تقريباً، وما يقارب 900 ألف منهم مسجّلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ويعاني معظمهم أوضاعاً معيشية صعبة.

اقرأ أيضاً: ملف النازحين على طاولة حجار وممثل المفوضية السامية

هذا العدد الضخم مقارنةً بعدد سكان لبنان (5 ملايين و500 ألف نسمة في حزيران/يونيو 2022) ومساحته الجغرافية (تبلغ 10452 كلم) وتفاقم الأوضاع المعيشية قد يؤديان، بحسب متابعين، إلى تداعيات لا تُحمد عقباها في المستقبل القريب، وخصوصاً مع "تراخي" المجتمع الدولي ودول الغرب في معالجة هذا الأمر بجدية وسرعة، ورمي كرة النزوح كـ"قنبلة موقوتة" في لبنان.

إسقاط صفة النازح... و"خطوة متقدمة"

يؤكد حجار، بعد اجتماع وزاري في مقر رئاسة الحكومة اللبنانية، قرارَي مجلس الوزراء، رقم 38 تاريخ 2014/10/23 المتعلق بورقة سياسة النزوح السوري إلى لبنان، والثاني رقم 2 تاريخ 2020/7/1 المتعلق بعرض وزارة الشؤون الاجتماعية لورقة السياسة العامة لعودة النازحين.

حجار يوضح أن السلطات اللبنانية "ستطلب من المفوضية العليا لشؤون النازحين، وضمن مهلة أقصاها أسبوع من تاريخه، تزويد وزارة الداخلية والبلديات بالداتا الخاصة بالنازحين السوريين على أنواعها، على أن تسقط صفة النازح عن كل شخص يغادر الأراضي اللبنانية، والطلب من الأجهزة الأمنية التشدد في ملاحقة المخالفين ومنع دخول السوريين بالطرق غير الشرعية".

يذكر أنّ "37 ألف سوري دخلوا سوريا خلال فترة عيد الفطر، ثم عادوا إلى لبنان بعد انقضاء عطلة الأعياد، بما ينفي عنهم صفة النازح"، كما كشف وزير العمل اللبناني في الاجتماع الوزاري عينه.

وإذ طلب من الأجهزة الأمنية التشدّد في ملاحقة المخالفين ومنع دخول السوريين بالطرق غير الشرعية، وطلب من وزارتي الداخلية والبلديات والشؤون الاجتماعية إجراء المقتضى القانوني لناحية تسجيل ولادات السوريين على الأراضي اللبنانية بالتنسيق مع المفوضية العليا لشؤون النازحين، لفت حجار إلى أنّ على الدول الأجنبية المشاركة في تحمل أعباء النزوح السوري، وخصوصاً مع تزايد أعداد النازحين في ضوء تفاقم الأزمة الاقتصادية.

الوزير اللبناني الذي زار سوريا مع وفد وزاري  والتقى الرئيس السوري  بشار الأسد بعد الزلزال المدمر في شباط/فبراير الماضي، قال يومها: "خلال حرب تموز عام 2006، فتح السوريون أبوابهم أمام النازحين اللبنانيين، واستقبلوهم بحفاوة. وبعد الحرب التي اندلعت في سوريا عام 2011، استقبل اللبنانيون في كل المناطق النازحين السوريين من دون قيد أو شرط وفتحوا لهم كل الأبواب".

  • حجار والوفد الوزاري خلال زيارة الرئيس الأسد بعد الزلزال 

وفي الإطار ذاته، كان وزير المهجرين اللبناني عصام شرف الدين أكد للميادين نت في حزيران/يونيو 2022 أنه أرسل مذكرة أخطر فيها مجلس الوزراء اللبناني بمضمون زيارته دمشق في أواخر نيسان/أبريل من العام نفسه ونتائجها، كاشفاً عن سلسلة إجراءات سورية مهمة في هذا المضمار، منها ما يزيل أيّ شكوك في نيّة السلطات السورية إعادة اللاجئين، وأولها إصدار مراسيم العفو، وطريقة التعامل مع المطلوبين لخدمة العلم، واستخراج الوثائق المفقودة، وتسجيل الولادات الجديدة... مع رفد ذلك بحزمة جديدة من التدابير الحياتية واليومية التي تؤمن حياة كريمة للعائدين.

اقرأ أيضاً: وزير المهجرين اللبناني للميادين نت: نملك خطة لترحيل النازحين السوريين.. وكلام ميقاتي مرتجل

حجّار  يقول اليوم: "لم نقطع التواصل مع سوريا، وباقي الدول سبقتنا بمراحل، ونحن لم نقفل السفارة، ما يعني أن التواصل لا يزال موجوداً"، مؤكداً أن "لا خلاص للـUNHCR (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) من دون التعاون الصريح مع المعنيين في موضوع النازحين".

وفي ظل المعمعة التي ضجّت بها وسائل الإعلام والتواصل عن التعرّض لنازحين في لبنان، يضيف: "لا يتم ترحيل النازحين السوريين، إنما يتم ترحيل أشخاص مخلّين بالأمن، دخلوا إلى لبنان خلسة، وليسوا مسجلّين لدى الـUNHCR"، ويتابع: "ليس كلّ سوري على الأراضي اللبنانية نازحاً، وما يعمل عليه الجيش والقوى الأمنية هو متابعة مثيري الشغب والمشكلات والسرقات التي تمتد على كل الأراضي اللبنانية".

يُذكر أن البيان الوزاري لحكومة ميقاتي يؤكد "الإصرار على عودة النازحين الآمنة إلى بلدهم، ورفض أي شكل من أشكال إدماجهم أو توطينهم".

أحذّر من يلعب بالنار.. والأجواء تتجه نحو الفوضى!

يقول حجار: "أحذّر من يلعب بالنار في هذا الملف بأن يخفّف الوتيرة"، مؤكداً أنّ "التصاعد السريع يجعلنا أمام علامة استفهام كبيرة، ولا سيّما أنّ ملف النازحين السوريين في موقع متابعة من قبل الحكومة منذ فترة، فالأجواء تتجه نحو فوضى من أجل استثمارها داخلياً وخارجياً".ـ يطلق حجار كلماته بكل توجّسٍ وقلق.

ويدعو في هذا الشأن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى التنسيق مع الحكومة وعدم إطلاق التصاريح عبر الإعلام، مشيراً إلى أنّ "الجيش اللبناني لا يتعدَى على أحد، بل يوقف من دخل خِلسة إلى لبنان"، ويلفت إلى "توكيل المدير العام للأمن العام بالوكالة العميد الياس البيسري متابعة الملف التقني في ملف النازحين"، مضيفاً: "كما تم تسجيل خطوة متقدمة عبر توكيلي مع وزير العمل مصطفى بيرم للمتابعة السياسية مع الحكومة السورية وزيارة دمشق".

  • ملف النازحين السوريين يرخي بظلاله على الوضع في لبنان

حجار: أتمنى على المنظمات ألا تتحوّل إلى بوق

وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون قالت "إنها تلقّت تقارير عن ترحيل سوريين مسجلين لديها، وهي تتابع ذلك مع أصحاب المصلحة المعنيين"، داعية إلى "احترام القانون الدولي". ويرد حجار على طلب المفوضة متمنياً "على المنظمات الدولية القليل من الموضوعية، وألا يتحوّلوا إلى بوق، وأن يتحلوا بالحكمة والهدوء".

وإذ يشير د. حجار إلى أنَّ "على لبنان أن يشرح للجميع وللعرب في اجتماع الجامعة العربية المقبل في 19 أيار/مايو من دون خوفٍ أو وجل أننا قمنا بواجباتنا في الشق الإنساني، وأن ما قمنا به هو عن العرب كلّهم".

وعمّن ينتقد أسلوب لبنان في المجتمع الدولي لجهة التعاطي مع أزمة النازحين، يقول حجار: "إن قلبنا مفتوح، والعمالة السورية في بلدنا مشكورة. وفي حال إعادة إعمار سوريا، سيكون للبنان وشركاته ومؤسساته دور في ذلك، لكن المشكلة تكمن في أن لا نستبدل الأوطان وأسماء هذه الأوطان تحت رعاية دولية وتحت رعاية القانون الدولي... وهذا أمرٌ مرفوض إلى أبد الآبدين".

ويحذّر الوزير النشط والفاعل في هذا الملف الذي يجري يومياً اجتماعات مع معنيين ودبلوماسيين من تداعيات ما يجري في لبنان على الغرب، فالأمن فيه هو مدعاة استقرار للبناني وللنازح السوري أيضاً.

مصلحة أوروبا أن يبقى لبنان آمناً

ويردف قائلاً: "أسأل كل الدول الأجنبية والمفوضية: إلى أين سيذهب النازحون السوريون إذا اختل الأمن في لبنان؟ المصلحة القومية العليا لأوروبا تكمن في أن يبقى لبنان آمناً. وفي ظل انتفاء الأمن في لبنان، سيذهبون سباحة إلى أوروبا".

وعلى هذا المنوال، فهو يقترح بشكلٍ جدي استكمال عودة النازحين السوريين التي بدأت مع رئيس الجمهورية السابق ميشال عون ومدير الأمن العام السابق اللواء عباس إبراهيم.

  • حجار للميادين نت: يجب استمرار الضغط للعودة

يجب أن نكون جزءاً من التسوية في المنطقة

وإذّ يشدد على ضرورة ضغط لبنان الرسمي وغيره من أجل عودة النازحين، يوضح حجار: "في ظلّ كل التغييرات الإقليمية التي نشهدها، أصبحت "العودة الآمنة" أمراً طبيعياً وحتميّاً"، من منطلق وجوب أن" نركّز الآن على "العودة السريعة"، وبأعداد كبيرة، إلى محافظات معيّنة في سوريا.

وفي ظل ما يحيق بلبنان من مخاطر، هناك تطورات مهمة تحيط به، وخصوصاً الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية. من هنا تأتي دعوة حجار إلى " أن يكون اللبنانيون جزءاً من التسوية الكبيرة التي تجري في المنطقة، أو  أنها ستكون على حسابهم. يجب علينا أن نكون من دون خوف أو تردد جزءاً من التسوية، لا بل المبادرين إلى هذه التسوية، وهذا سيكون من مصلحة لبنان ومصلحة النازحين السوريين أيضاً".

المصدر: الميادين نت