نقص في الماء والغذاء واستهداف الأطباء.. كيف ترخي الحرب ظلالها على السودانيين؟
مع تواصل الحرب في السودان، وارتفاع وتيرة الاقتتال، تتواصل المخاوف الحياتية التي تسيطر على المواطنين، من نقصٍ في الغذاء والأدوية وارتفاع الأسعار، إلى إقفال المستشفيات والجامعات، والانقطاع في الكهرباء والاتصالات.
وبالإضافة إلى ذلك، تتجلى مخاوف بين الأطباء، بعد سلسلة اغتيالات طالت الطاقم الطبي، بينما تراقب المنظمات الإنسانية الأوضاع في البلاد. وهنا يُطرح التساؤل: هل من خطوات سريعة تساعد على تخطّي الأزمة الإنسانية، وتجنُّب المأساة الأكبر؟
تؤكّد الأمم المتحدة، ووكالتها العاملة في الخرطوم، صعوبة الوضع الإنساني في البلاد، وحاجة 15 مليون نسمة إلى الدعم، مشيرةً إلى أنّ عملها مستمر في السودان.
وأعلنت إنشاء مركز موقت للمنظمة في مدينة بورتسودان، مشددةً على أنّ هناك نقصاً حاداً في الماء والغذاء في البلاد، نتيجة الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وفي حديث إلى الميادين نت، قال مدير الإعلام في هيئة مياه ولاية الخرطوم، حيدر أحمد، إنّ قطاع المياه الآن في حال أفضل بعد "الجهود المضنية" التى بذلها المهندسون والفنيون من أجل تشغيل محطات المياه في جنوبي ووسط وشرقي الخرطوم وأم درمان.
وأوضح أحمد أنّ جهود المختصين تكللت بالنجاح فى ظلّ أوضاع أمنية معقدة في بعض المناطق، مؤكداً أنّه، على الرغم من كل هذه الجهود، فإن محطة مياه بحري، أكبر المحطات في الخرطوم، لا تزال متوقفة عن العمل، منذ اندلاع الحرب، لأسباب أمنية.
اقرأ أيضاً: "نيويورك تايمز": العنف في السودان ذنب واشنطن
وأضاف المسؤول في هيئة المياه للميادين نت أنّ الاقتتال يمنع المهندسين من الدخول من أجل تشغيل المحطة، لافتاً إلى أنّ هناك مخاوف عند المشغلين من "استهدافهم من جانب القناصة. وعلى إثر هذا الوضع المأسَوي، يعاني المواطنون في مدينة بحري انقطاعاً كاملاً للمياه".
وتابع أنّه إزاء هذا الوضع، قامت هيئة مياه الخرطوم بتشغيل أكثر من 40 بئراً احتياطية لمعالجة انقطاع المياه في المنطقة، ولا تزال الجهود جارية لمحاولة تشغيل المحطة. وأوضح أنّ الأزمات في السودان طالت كل مناحي الحياة، والتي ظهرت منذ اليوم الأول لاندلاع شرارة الحرب، ومنها أزمات في المياه، وفي القطاع الصحي، وفي قطاع النقل، مع ارتفاع تكاليف المعيشة، وارتفاع الأسعار بصورة تفوق إمكانات المواطنين.
كارثة صحية تلوح في الأفق
لم تقتصر آثار الحرب على الاقتتال العسكري، إذ إن آثارها امتدت لتهدد حياة الناس، من ناحية استهداف المستشفيات والطواقم الطبية. وفي هذا السياق، يقول الصحافي السوداني، عبد الله النصيح، للميادين نت، إنّ مجموعة من المستشفيات خرجت عن الخدمة، وإنّها تُعاني نقصاً في الكادر الطبي، وفي المعدات الطبية، بالإضافة إلى حاجة المرضى والكوادر الصحية إلى توفير مسارات آمنة، في ظلّ هذه المواجهات.
وأشار الصحافي السوداني إلى الجهود المبذولة من جانب وزارة الصحة، وبعض الجهات المسؤولة، من أجل تقديم ما استطاعت من الخدمات، بهدف تخفيف حدّة هذه الأزمة.
من جهتها، حذّرت نقابة أطباء السودان من كارثة صحية تلوح في الأفق، نتيجة استمرار الاشتباكات في البلاد. وطالبت بفتح مسارات آمنة لإيصال الوقود إلى المستشفيات، من أج تشغيل المولدات الكهربائية، بهدف ضمان عمل الأجهزة والمعدات الطبية.
وأعلنت النقابة، أمس الثلاثاء، ارتفاع عدد الضحايا المدنيين، من جراء الاشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، إلى 291 قتيلاً، و1699 مصاباً.
وأشارت في بيان اليوم، إلى أنّ 72% من المستشفيات القريبة من مناطق الاشتباكات "متوقفة عن الخدمة"، لافتةً إلى قصف "14 مستشفىً، وأنّ 19 مستشفىً آخر تعرّضت للإخلاء القسري نتيجة للاشتباكات".
أمّا فيما يتعلّق بالجانب الاقتصادي، فأشار الصحافي السوداني، عبد الله النصيح، إلى أنّ هناك "ارتفاعاً غير مسبوق" في أسعار بعض السلع الضرورية، وشحّ وانقطاع لبعض المواد الغذائية، بسبب توقف عدد من المصانع، وصعوبة نقل البضائع إلى المستهلكين، مضيفاً أنّ بعض الأحياء السكنية يعاني أيضاً انقطاعَ الكهرباء.
أمّا على الصعيد الاجتماعي، فأكد النصيح للميادين نت أنّ هذه المواجهات أدّت إلى مغادرة كثير من الأُسر السودانية الخرطوم إلى مدن أخرى، أكثر أماناً، مشيراً إلى أنّ بعض الأسر استطاع المغادرة، بينما حُرم بعضُها نتيجة النقص الكبير في وسائل النقل، وبسبب عدم توافر الوقود، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار تذاكر السفر.
وتُركَن المئات من حافلات النقل العام والسيارات الخاصة أمام محطات الوقود في عدة مناطق في انتظار تزويدها به.
إلى جانب ما سبق، قدّرت مفوضية اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أنّ 800 ألف لاجئ من جنوبي السودان، يعيشون في السودان، سيعتمدون على أنفسهم في العودة إلى وطنهم، الذي فرّوا منه، هرباً من الحرب خلال أعوام ماضية.
اقرأ أيضاً: بين الميدان ومواقع التواصل الاجتماعي.. المواجهة مفتوحة في السودان
وفي 15 نيسان/أبريل، اندلع القتال في الخرطوم وعدد من الولايات السودانية، بين قوات الجيش، بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو، الأمر الذي أدّى حتى الآن إلى مقتل المئات.
وفي ضوء هدنة نسبية بعد أيام، بدأ سكان الخرطوم، من سودانيين وأجانب، يفرّون إلى أمكنة أكثر أمناً، كما بدأت دول عربية وأجنبية إجلاء مواطنيها.
وفي وقت سابق اليوم، أعلنت قوات الدعم السريع في السودان سيطرة قواتها "بصورة كاملة على كلّ منطقة بحري وشرقي النيل، وأن المناطق، التي ادعى الانقلابيون التحرّك نحوها للسيطرة عليها، هي في الأصل ضمن مناطق سيطرتها".
وبدوره، اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع بتنفيذ عددٍ من الخروقات للهدنة، ومحاولة "احتلال" مواقع داخل الخرطوم وخارجها.