الهجمات السيبرانية على "إسرائيل": معركة بين الحروب

"إسرائيل" تواجه حرب سيبرانية متعددة الجبهات، وتعدّها لكثرة مخاطرها، حرباً معقدة بشكل متزايد، وتعمل على خلق أساليب لصدّها.
  • الهجمات السيبرانية على "إسرائيل": معركة بين الحروب

دائماً ما توجّه "إسرائيل" أصابع الاتهام إلى إيران في ضلوعها وراء الهجمات السيبرانية المتصاعدة ضدها. لكن في المقابل، كشف الإعلام الإسرائيلي، أمس، عن أنّ جماعة تدعى "أنونيموس سودان" نفّذت هجوماً سيبرانياً واسعاً ضد عدة مواقع إلكترونية حكومية إسرائيلية على رأسها الموقع الإلكتروني لجهاز "الموساد".

صحيفة "معاريف" الإسرائيلية قالت إنّ مجموعة الهاكرز هذه، باتت تلعب مؤخراً دوراً ناشطاً في هجمات سيبرانية ضد "إسرائيل"، وتعمل إلى جانب مجموعتي "هاكرز" روسيتين، ومجموعة هجوم ماليزية، ومجموعة هجوم إندونيسية، وعدد من المجموعات الصغيرة الأخرى.

من كل حدب وصوب، تتوالى الهجمات السيبرانية على "إسرائيل"، وأدوات الحرب المستخدمة اليوم، لم تعد كتلك التي في الماضي، إذ تحوّل المجال السيبراني، أحد ميادين التنافس الجديدة، إلى سلاح فعال كالأسلحة العسكرية، وبات يشكّل تهديداً لأمن الدول القومي.

بدايةً، تحتل الولايات المتحدة، المركز الأول في عدد الشركات التي تعمل في مجال السايبر، إذ تحتوي على 354 شركة، تليها الشركات "الإسرائيلية" وعددها 42 شركة، ثم الشركات البريطانية ويبلغ عددها 21 شركة، وذلك بحسب دراسة أعدتها مجلة cyber security ventrune.

لكن بالإضافة إلى الشركالت الإسرائيلية الـ 42، تبيّن الدراسة أنّ 40 شركة إسرائيلية مسجلة في الولايات المتحدة الأميركية لأسباب ضريبية، وبذلك يصبح عدد شركات السايبر الإسرائيلية الفعلي 82 شركة من أصل 500، أي ما نسبته 16.4%. 

وعلى رغم هذا العدد الكبير من الشركات الإسرائيلية التي تعمل في مجال السايبر، إلا أنّ "تل أبيب" لم تستطع مواجهة هجمات سيبيرية تضاعفت في الآونة الأخيرة، بحسب المدير العام لمديرية السايبر الإسرائيلية (INCD) غابي بورتنوي. 

في الربع الأول من عام 2022، قفزت محاولات الهجوم السيبراني ضد "إسرائيل" بنسبة 137%، بحسب موقع "تيك مونيتور". وقد حدد جيش الاحتلال، زيادة بنسبة 70% في "النشاط العدائي السيبراني" في السنوات الأخيرة.

وبحسب زعم بورتنوي، فإن "هناك 200 هجوم شهرياً على إسرائيل من قبل إيران، ارتفاعاً من 88 هجوماً شهرياً في المتوسط العام الماضي"، معتبراً أنّ هذه الارقام تعكس عدداً متزايداً من الخصوم، وكشف أنّ "المجموعات المشاركة في هذا الهجمات ارتفعت من ست مجموعات إلى 14 مجموعة".

"قبة سيبرانية" على نسق القبة الحديدية

هذا الارتفاع الهائل بعدد الهجمات السيبرانية، دفع مديرية السايبر الإسرائيلية (INCD)، إلى بدء العمل على شبكة نظام إلكترونية شبيهة بنظام الدفاع الجوي "القبة الحديدية".

ويقول بورتنوي، إنّ ما يسمى بـ "القبة السيبرانية"، هي أمر "أساسي لصد الهجمات الإلكترونية المدعومة من إيران".

اقرأ أيضاً: "القبة الحديدية السيبرانية".. مشروع مشترك بين "إسرائيل" والدول العربية المطبعة

لكن "القبة السيبرانية" وحدها لم تنجح بالدفاع عن الكيان وتتالت الهجمات. ولذلك، عملت الاستخبارات الإسرائيلية على توسيع  "الوحدة 8200"، وهي وحدة في الاستخبارات الإسرائيلية مسؤولة عن التجسس الإلكتروني.

بدايةً تكونت من خمسة أشخاص، من بينهم سكرتير وسائق، لكن بعد الهجمات المتتالية، هذه الوحدة، هي الآن أهم لواء عسكري، وتضم بين صفوفها جنوداً وضباطاً أكثر من الموظفين والعملاء في الموساد والشاباك مجتمعين، وهي تتعاون مع نظيرتها الأميركية، "وكالة الأمن القومي".

"إسرائيل" تتهم إيران

تتهم "إسرائيل" إيران، بشن أغلب الهجمات السيبرانية، لكن غالباً ما تتكتم على الهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها، وترفض أن تفصح عن حجم الخسائر والإضرار التي تكبدتها.

ويأتي التكتم الإسرائيلي على الهجمات السيبرانية، خشيةً من كشف النقاب عن حجم قرصنة وسرقة المعلومات والبيانات المدنية أو العسكرية، واستخدامها كحرب مضادة.

هذ التكتم الرسمي، لم يشمل وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي كشفت أنّ الهجمات السيبرانية المتواصلة، استهدفت منشآت المياه والبنوك التجارية والمستشفيات، كما ضربت حسابات مسؤولين في جيش الاحتلال، وأجهزة الأمن وحتى بعض المسؤولين السياسيين.

كذلك، طالت الهجمات السيبرانية حواسيب وخوادم وزارات حكومية، وكذلك شبكات مياه الصرف الصحي، وشركات تأمين إسرائيلية، وهو ما عكس وتيرة محمومة من الهجمات التي تحدث في الفضاء السيبراني الإسرائيلي، وفق "هيئة السايبر" الإسرائيلية.

وفقاً لتقديرات إسرائيلية غير رسمية، فقد نفذ القراصنة الإيرانيون 3 آلاف هجمة إلكترونية ضد أهداف إسرائيلية، وذلك من أجل قرصنة معلومات حساسة والتشويش على منظومة عمل المؤسسات الإسرائيلية المستهدفة، وخلق إرباك وبلبلة في شبكة الإنترنت الإسرائيلية.

ونسبةً لتعاظم هذه الهجمات، وتحولها إلى بديل من المواجهة المباشرة واستخدام السلاح التقليدي في الحرب، وفق مركز أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، أطلق "جيش" الاحتلال عليها تسمية  "المعركة بين الحروب".

هذه المعركة، باتت تشكل تهديداً ومساساً للاقتصاد، بحسب الإعلام الإسرائيلي، الذي ذكر أيضاً، أنّ هناك مخاوف من محاولة طهران استهداف الجبهة الداخلية بالهجمات السيبرانية،  بحال نشوب حرب ومواجهة مباشرة. 

"الصراع مع إيران ليس له مثيل في عالم السايبر"، وفق قادة وحدات الدفاع والاستخبارات الإلكترونية الإسرائيلية، الذين يبدون قلقاً غير مسبوق، من القدرات المتقدمة التي تمتلكها طهران. ورغم إيضاحهم أنّ منذ اندلاع هذه الهجمات "أصبحت الحرب معقدة بشكل متزايد".

التعقيد بعدما كان محصوراً باستهداف المراكز العسكرية والأمنية والحكومية، انتقلت إلى مجالات مرتبطة بالمدنيين، وهو ما يفتح الباب على سيناريوهات أخطر وبلا قواعد.

إقرأ أيضاً: "إسرائيل" في مرمى هجمات السايبر: فشل في توفير الحماية

المصدر: الميادين نت + وكالات