بأمعاء خاوية وإرادة صلبة.. الأسير خضر عدنان يخوض الإضراب للمرة السادسة
يواصل الأسير خضر عدنان إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الثامن والسبعين على التوالي، رفضاً لاعتقاله الإداري، في ظل تدهور وضعه الصحي ومنع عائلته من زيارته، كعقوبة بسبب خوضه معركة الأمعاء الخاوية.
تفتقد رندة موسى وأطفالها التسعة زوجها خضر عدنان، الذي غاب جسداً عن مائدة الإفطار في رمضان، وغاب عن طقوس عيد الفطر، بينما يعدّ خضر عدنان الأيام والليالي، بأمعائه الخاوية، في سرير في عيادة مستشفى الرملة، من دون زوجته وأطفاله، سوى روحه التي تقاتل من أجل الحرية.
قالت رندة موسى، زوجة الأسير خضر عدنان، المضرب عن الطعام، في حديث إلى الميادين نت، إنّ زوجها يقبع في مستشفى سجن الرملة، ولم يتم نقله إلى المستشفى إلا بعد 76 يوماً من الإضراب عن الطعام.
الشيخ #خضر_عدنان لا يزال داخل السجن ولم يرى الشمس، منذ اللحظات الأولى لاعتقاله.
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) April 23, 2023
زوجة الأسير خضر عدنان رندة موسى لـ #الميادين.#فلسطين pic.twitter.com/XAJ2p8HUKz
وأضافت رندة موسى أن "الأسير خضر عدنان مضرب عن الطعام منذ أكثر من شهرين، ولا يتلقى المدعّمات الغذائية، ويرفض الفحوص الطبية". وأشارت إلى أن وضعه الصحي أخذ في التراجع، بحيث إنه يتعرض للتشنجات لارتفاع في مستوى دقات القلب والقيء، مضيفة أنه يتعرض لحالات من الإغماء، وعلى إثر ذلك تعرّض للإصابة في عينه اليسرى في أثناء فقدانه الوعي، في حين أن إدارة مصلحة السجن لم تكترث لوضعه الصحي.
ولفتت إلى أن إدارة مصلحة السجون منعتها وأطفالها من زيارة زوجها على الرغم من أن العائلة أجرت معاملات الزيارة عبر الصليب الأحمر. وأضافت أن "خضر عدنان معاقب من جانب إدارة مصلحة سجون الاحتلال بسبب مواصلته الإضراب المفتوح عن الطعام، والوسيلة الوحيدة للتواصل معه هي عبر المحامين". وقالت موسى: نتلقّى الرسائل منه ونرسلها إليه عبر المحامين، ولم نرَه منذ لحظة الاعتقال.
وأشارت إلى أن "شهر رمضان، هذا العام، كان صعباً للغاية. ومنذ عام 2018، يمارس الشيخ خضر عدنان طقوس شهر رمضان الروحانية، من خلال دعوة الأقرباء والأصدقاء إلى موائد الإفطار". وأضافت موسى: نفتقد الشيخ خضر عدنان عبر خوفنا وقلقنا عليه، بينما نصوم نحن امتثالاً لأوامر الله، وهو حُرم من هذه العبادة، مضيفةً أن الأسير خضر عدنان قال، خلال إضرابه عن الطعام: حرم الله من حرمه صوم شهر رمضان.
وأكدت موسى أنه كان "شعوراً صعباً للغاية أن نصوم عن الطعام حتى أذان المغرب في حين أن خضر مضرب عن الطعام منذ أكثر من شهرين".
وناشدت، عبر الميادين نت، كل الشعب الفلسطيني إسنادَ خضر عدنان في إضرابه المفتوح عن الطعام، مضيفةً: أين أنتم من إضراب الشيخ خضر عدنان وهو مضرب عن الطعام من أجل كرامة الشعب الفلسطيني؟
الشيخ #خضر_عدنان اليوم مُضرب عن الطعام ليس لنفسه، إنما لكرامة الشعب الفلسطيني.
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) April 23, 2023
زوجة الأسير خضر عدنان رندة موسى لـ #الميادين.
#فلسطين pic.twitter.com/8npcDCM4KG
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت الأسير خضر عدنان من منزله في بلدة عرابة في جنين، في 5 شباط/فبراير الماضي.
يُشار إلى أن الأسير خضر عدنان خاض سابقاً خمس معارك إضراب عن الطعام. وكان أول إضراب خاضه خلال عام 2005، لمدة 25 يوماً، عام 2011، لمدة 67 يوماً، وعام 2015 لمدة 58 يوماً، وعام 2018 لمدة 54 يوماً، وعام 2021 لمدة 25 يوماً.
يُذكَر أن الأسير خضر عدنان أمضى ما يقارب 8 أعوام داخل سجون الاعتقال، وتعرّض للاعتقال 12 مرة.
اعتقال من دون تهمة "ملف سري"
أصدرت سلطات الاحتلال عام 2022 نحو 2409 أوامر عسكرية، تنوَّعت بين الاعتقال الإداري والتجديد للأوامر السابقة، بحسب مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان. ومع حلول نهاية عام 2022، بلغ عدد الأسرى الإداريين 850، بينهم 7 أطفال، بينما وصل عدد المعتقلين الإداريين حتى نيسان/أبريل من العام الحالي 1016 معتقلاً إدارياً.
تمارس سلطات الاحتلال الاعتقال الإداري بصورة ممنهجة، استناداً إلى الأمر العسكري، رقم 1651 المادة 273. ويمنح الأمر قائد المنطقة "الإسرائيلي" "صلاحية" احتجاز فلسطينيّي الضفة الغربية، كما يمنح وزيرَ الأمن "الإسرائيلي "صلاحية" احتجاز فلسطينيّي القدس المحتلة، مدةً تصل إلى ستة أشهر، قابلة للتجديد.
يُعتقل الفلسطينيون إدارياً من دون معرفة أسباب الاعتقال، بناءً على وجود ملف سري نتيجة ادّعاء نيابة الاحتلال العسكرية. وبهذا الصدد، يُمنع المعتقل الفلسطيني ومحاميه من معرفة الملف السري أو الاطّلاع عليه. كما أن مصير المعتقل يظلّ رهناً لقائد المنطقة "الإسرائيلي"، أو لوزير الأمن لدى سلطات الاحتلال، بينما يصدر أمر الاعتقال الإداري في العادة 6 أشهر، والأمر قابل للتجديد عدداً غير محدَّد من المرات.
وفي السياق ذاته، تتصاعد أوامر الاعتقال الإداري في حالة الهبّات الشعبية والجماهيرية، ولدى حدوث مقاومة واسعة في المدن الفلسطينية، من أجل ردع الفلسطيني وثنيه عن القيام بالعمل المقاوم أو التحريض عليه.
الانتداب البريطاني يورث "إسرائيل" أوامر الاعتقال الإداري
الاعتقال الإداري الذي ورثته "إسرائيل" عن الانتداب البريطاني محظور ضمن القانون الدولي. لكن، منذ عام 1967، أصدرت "إسرائيل" ما يزيد على 50000 أمر اعتقال إداري، بينما وصل عدد المعتقلين الإداريين، بين عامي 2000 و2014، إلى 24 ألف معتقل. وفي أثناء انتفاضة الحجارة الفلسطينية عام 1989، وصل عدد المعتقلين الإداريين إلى ما يزيد على 1600 معتقل. وفي إبّان انتفاضة الأقصى بلغ عددهم 1140 معتقلاً. ومنذ بداية الهبّة الشعبية عام 2015 حتى عام 2018 بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري 5068.
الأمعاء الخاوية في مقابل الحرية
يلجأ الأسير الفلسطيني إلى الإضراب عن الطعام، باستثناء الماء، من أجل تحصيل حقوقهم وتحسين الظروف الحياتية والمعيشية داخل المعتقل، أو للضغط على إدارة مصلحة السجون واستخبارات الاحتلال من أجل الإفراج عن الأسرى الإداريين. كما حدث، خلال إضراب 28 كانون الأول/ديسمبر 1969، وإضراب عام 1970، والذي استُشهد خلاله الأسير عبد القادر أبو الفحم في سجن عسقلان، وهو أول شهداء الحركة الأسيرة الفلسطينية خلال الإضراب عن الطعام، مروراً بالشهيدين راسم حلاوة وعلي الجعفري، اللذين استُشهدا خلال إضراب سجن نفحة بتاريخ 24/7/1980، والشهيد محمود فريتخ، الذي استُشهد خلال إضراب سجن جنيد عام 1984، والشهيد حسين نمر عبيدات، الذي استُشهد بتاريخ 14/10/1992 خلال إضراب سجن عسقلان.
على الرغم من أن خطوة الإضراب عن الطعام خطيرة، وقد لا تعود صحة الأسير بعد فكّ الإضراب كما كانت قبله، فإن الأسرى آثَروا انتزاع حريتهم بالدماء والأمعاء الخاوية من الطعام، والمليئة بالكرامة والصمود.