الحركة الأسيرة في فلسطين: الإحياء الحقيقي ليوم الأسير يكون بالسعي لتحرير الأسرى
يُحيي الفلسطينيون في كل أماكن وجودهم، اليوم الاثنين، ذكرى "يوم الأسير الفلسطيني"، الذي يصادف بتاريخ 17 نيسان/أبريل من كل عام بعد أن اعتمد هذا اليوم المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974 يوماً وطنياً من أجل حرية الأسرى، وتوحيد الجهود والفعاليات لنصرتهم، ودعم حقّهم المشروع في الحرية.
ومنذ ذلك التاريخ، كان وما زال يوم الأسير يوماً خالداً يحييه الشعب الفلسطيني سنوياً في كل أماكن وجوده في الأراضي الفلسطينة المحتلة والشتات، بوسائل وأشكال متعددة، ليذكّروا العالم أجمع بالأسرى الفلسطينيين، وما يتعرّضون له بشكل يومي من أبشع صنوف العذاب والانتهاكات والتجاوزات في سجون الاحتلال، التي فاقت وتجاوزت كل الأعراف والمواثيق الدولية والإنسانية، وفي مقدّمتها القانون الإنساني الدولي، و"اتفاقية جنيف الرابعة"، ومبادئ حقوق الإنسان، و"النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية".
واختير هذا التاريخ، للاحتفال بيوم الأسير، كونه شهد إطلاق سراح أول أسير فلسطيني "محمود بكر حجازي" في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.
وأقرّت القمة العربية العشرين أواخر آذار/مارس من عام 2008، في العاصمة السورية دمشق، اعتماد هذا اليوم من كل عام للاحتفاء به في الدول العربية كافة، تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين والعرب في المعتقلات الإسرائيلية.
نحو 4900 أسير بينهم 31 أسيرة و160 طفلاً
وقالت مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز وادي حلوة– القدس)، إنّ سلطات الاحتلال تواصل اعتقال نحو 4900 أسير وأسيرة، بينهم 31 أسيرة، و160 طفلاً بينهم طفلة، تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً، إضافةً إلى أكثر من 1000 معتقل إداريّ، بينهم 6 أطفال، وأسيرتان، وهما رغد الفني، وروضة أبو عجمية.
وأوضحت في تقرير أعدته، لمناسبة يوم الأسير، أنّ المتغيّر الوحيد القائم هو أنّ سلطات الاحتلال وبأجهزتها المختلفة، عملت على تطوير المزيد من أدوات التّنكيل، وتعمق انتهاكاتها عبر بنية العنف الهادفة إلى سلب الأسير الفلسطيني فاعليته وتقويض أي حالة نضالية متصاعدة ضده، بهدف تقرير مصيره، وحماية حقوقه الإنسانية.
ويبلغ عدد الأسرى القدامى المعتقلين قبل توقيع اتفاق "أوسلو"، 23 أسيراً، أقدمهم الأسير محمد الطوس المعتقل منذ 1985، إضافةً إلى ذلك، فإنّ هناك 11 أسيراً من المحرّرين في صفقة "تبادل الأسرى"، الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم وهم من قدامى الأسرى الذين اعتُقلوا منذ ما قبل "أوسلو" وحُرّروا عام 2011 وأُعيد اعتقالهم عام 2014.
أبرز هؤلاء الأسرى الأسير نائل البرغوثي الذي يقضي أطول فترة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة، والذي دخل عامه الـ43 في سجون الاحتلال، قضى منها 34 عاماً بشكل متواصل، ووصل عدد الأسرى الذين أمضَوا أكثر من 20 عاماً قرابة الـ400 أسير، وهم ما يعرفون بـ"عمداء الأسرى"، إضافةً إلى العشرات من المحرّرين الذين أُعيد اعتقالهم عام 2014، وأمضَوا أكثر من 20 عاماً على فترتين.
وبلغ عدد الأسرى الذين صدرت بحقّهم أحكام بالسّجن المؤبّد 554 أسيراً، وأعلى حكم أسير من بينهم الأسير عبد الله البرغوثي ومدته 67 مؤبداً. وبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة 236 شهيداً، وذلك منذ عام 1967، إضافةً إلى مئات من الأسرى استُشهدوا بعد تحرّرهم متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون.
أمّا عدد الأسرى الشهداء المحتجزة جثامينهم، فقد بلغ 12 أسيراً شهيداً، فيما بلغ عدد الأسرى المرضى أكثر من 700 أسير يعانون من أمراض بدرجات مختلفة، وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية حثيثتَين، منهم 24 أسيراً ومعتقلاً على الأقل مصابون بالسرطان، وبأورام بدرجات متفاوتة، أصعب هذه الحالات اليوم حالة الأسير القائد وليد دقّة المعتقل منذ 37 عاماً، والأسير عاصف الرفاعي.
الحركة الأسيرة: الأسير الفلسطيني هو أحد رموز قضيتنا
وفي هذه المناسبة، شدّدت لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة، على أنّ "الإحياء الحقيقي ليوم الأسير يتمثّل في السعي العملي لتحرير الأسرى"، مشيرةً إلى أنّ "مسار تحرير الأسرى معروف ومعلوم لكل حرٍّ من أبناء شعبنا وأمتنا".
وأكّدت اللجنة أنّ رسالة الأسرى إلى أطياف الشعب الفلسطيني كافة هي أنّ قضيتهم الجامعة ووحدتهم التي سطّروها داخل السجون في مواجهة السجان، "تتطلب من الكل الفلسطيني إنهاء الانقسام ومواجهة العدو موحدين في كل الساحات".
وأضافت: "سعى عدونا -ولا يزال يسعى- للاعتداء الدائم وبرابطٍ ملفت على الأسرى، ولكن نجح الأسرى بصمودهم وصبرهم ومساندة شعبنا في ردّ العدوان".
وأشارت الحركة الأسيرة إلى أنّ الأسير الفلسطيني هو "أحد رموز قضيتنا الحية، وهو يمثّل الركن الحي الصابر المصابر من هذه القضية، رغم الحرب الضروس التي يشنها الاحتلال عليه ومحاولاته الفاشلة لسلخه عن قضيته وإلقائه في غياهب النسيان".
ورأت أنّ "يوم الأسير ليس مجرد صور صماء وشعارات رنانة، بل هو يوم لدق ناقوس الخطر بأن نزف أعمارنا لم يتوقّف، فلسنا مجرد أرقام وكشوفات في أدراج المكاتب، وخيارنا الوحيد هو الحرية، فعلى كل من يصله صوتنا أن يسعى لإنقاذ 4900 أسير من غياهب السجون، من بينهم 31 امرأة، و160 طفلاً، وأكثر من 1000 معتقل إداري، ومنهم مئات المرضى وكبار السن".
اقرأ أيضاً: ارتفاع عدد الأسرى الفلسطينيين المحكومين بالسجن المؤبد إلى 553 أسيراً
حماس: قضية الأسرى هي قضية وطنية بامتياز
وفي السياق، أكّدت حركة حماس أنّ قضية تحرير الأسرى من سجون الاحتلال هي "قضية وطنية بامتياز، كانت وستبقى على رأس أولويات الحركة، التي لن تدّخر جهداً أو وسيلة لتحقيق الوفاء لهم وتحريرهم من السجون".
وحذّرت الحركة حكومة الاحتلال الفاشية من "تصعيد انتهاكاتها وجرائمها الممنهجة ضد الأسرى الأبطال في السجون"، وحمّلتها المسؤولية الكاملة عن حياتهم وسلامتهم، وخصوصاً الأسرى المرضى والأطفال والنساء، فتلك "جرائم لن تسقط بالتقادم، ولن تفلح في كسر إرادتهم وصمودهم".
ودعت "حماس" جماهير الشعب الفلسطيني وقواه الحيّة وفصائله الوطنية إلى "توحيد الجهود وحشد كل الطاقات لنصرة الأسرى بكل الوسائل"، كما دعت إلى "تعزيز التكافل والاهتمام بعوائل الأسرى وأبنائهم وفاءً يليق بمكانتهم وتضحياتهم".
كذلك دعت المؤسسات الحقوقية والإنسانية إلى "التحرّك الفاعل لوقف انتهاكات الاحتلال والضغط من أجل الإفراج الفوري عن الأسرى الأبطال، وفضح جرائم الاحتلال وملاحقة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية".
حركة "الجهاد": تحرير الأسرى هي مسؤولية كل أذرع المقاومة
بدورها، أكّدت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، أنّ الأسرى في سجون الاحتلال "يمثلون عنواناً كبيراً في مسيرة الشعب الفلسطيني، إذ إنّهم في جبهة متقدمة من المواجهة مع العدو الغاشم".
وأضافت حركة الجهاد في بيانٍ بمناسبة "يوم الأسير الفلسطيني"، أنَّ "مسؤولية خلاصهم وتحريرهم من سجون الاحتلال الفاشي هي مسؤولية تتشارك فيها كل أذرع المقاومة التي تضع هذا الهدف على رأس قائمة اهتماماتها وأولوياتها".
وأشار البيان إلى أنّ يوم الأسير الفلسطيني "يأتي في ظل ما يسطّره أبطالنا الأسرى والأسيرات من صمود عظيم، وهم يقفون بقوة وثبات في مواجهة سياسات الإرهاب والعدوان التي تنكسر أمام وحدتهم وعنادهم، فبرغم الألم والمعاناة، استطاع أسرانا كسر إجراءات الإرهابي المتطرف إيتمار بن غفير بحقهم".
اقرأ أيضاً: الحركة الأسيرة تعلن انتصار الأسرى في معركة "بركان الحرية أو الشهادة"
كما أكّدت الحركة أنّ المعركة التي يخوضها الشيخ خضر عدنان "تجسّد روح التحدي والإصرار ورفض الخنوع والاستسلام أمام محتل إرهابي، يمارس القمع والانتهاكات، ويلاحق أحرار شعبنا ورموزه، محاولاً إسكات صوت المقاومة الذي سيظل يصدح ويقاتل في كل أرجاء فلسطين، مهما بلغت التضحيات".
وأضافت: "إنّنا نقف إلى جانب الشيخ خضر عدنان وإلى جانب المناضل وليد دقة و كل أسير وأسيرة داخل سجون الاحتلال وفي مقدمتهم الأسرى المرضى وكبار السن والأسرى القدامى وذوو الأحكام العالية، والقابعون في زنازين العزل".
وفي هذا السياق، أفاد مراسل الميادين بأنّ محكمة الاحتلال الإسرائيلية "أجّلت إصدار قرارها في طلب الإفراج بكفالة عن الأسير الشيخ عدنان برغم خطورة وضعه الصحي".
وقال الناطق باسم مؤسسة مهجة القدس محمد الشقاقي إنّ "وضع الشيخ الأسير خضر عدنان الصحي يزداد تدهوراً، وكذلك الأسير وليد دقة في وضع صحي خطر نتيجة إصابته بالسرطان".
ومطلع هذا الشهر، أجّلت محكمة الاحتلال الإسرائيلي، محاكمة الأسير المضرب عن الطعام الشيخ خضر عدنان حتى 29 أيار/مايو المقبل.
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت الشيخ عدنان في 5 شباط/فبراير الماضي، بعد مداهمة منزله في بلدة عرابة جنوب جنين وما زال موقوفاً، علماً أنّه خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام مرّات عديدة رفضاً للاعتقال الإداري.
يُذكر أن الأسير عدنان تعرّض للاعتقال 12 مرة، وأمضى ما مجموعه نحو 8 سنوات في معتقلات الاحتلال، معظمها رهن الاعتقال الإداري، وخلال هذه السنوات خاض 5 إضرابات سابقة، منها 4 إضرابات رفضاً لاعتقاله الإداري.