"فورين بوليسي": تخفيض إنتاج النفط يكشف الطموحات الجيوسياسية للسعودية
تتوقع صحيفة "فورين بوليسي"، بأنّ الانخفاض المفاجئ لإنتاج النفط هذا الأسبوع من قبل "أوبك" وحلفائها سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، في وقتٍ يُكافح مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بالفعل، لخفض التضخم من دون إحداث ركود أو مزيد من الفوضى في الأسواق المالية.
وذكرت "فورين بوليسي" أنّ خطوة خفض الإنتاج تبيّن حجم "الهوّة السياسية" بين الولايات المتحدة والسعودية، وذلك من خلال إعادة النظر في احتمال وصول سعر برميل النفط إلى 100 دولار بعد أن انخفض إلى نحو 70 دولاراً.
خفض الإنتاج هذا يُعزز وجهة النظر القائلة إنّ "السعودية بمساعدة روسيا وشركائها الآخرين في أوبك، ستسعى جاهدةً لاستعادة مكانتها كقوّة في تحديد أسعار النفط".
ولفتت الصحيفة إلى أنّ شعور السعودية بالحاجة إلى تنظيم مثل هذا التخفيض الكبير بأسعار النفط، عند هذه المستويات يوضح مدى ضخامة احتياجاتها من الإيرادات من أجل رؤية 2030، والتي تخطط لاستثمار 3.2 تريليون دولار لتنويع الاقتصاد السعودي بحلول عام 2030.
كما أشارت الصحيفة إلى أنّ خفض إنتاج النفط "يزعج المسؤولين" في واشنطن. كما أن الاعتراف المتزايد بأنّ السعودية تتبع استراتيجية دبلوماسية غير مُنحازة من قبل الولايات المتحدة، تشير إلى أنّ العلاقة بين واشنطن والرياض، مهمة لكلا الجانبين لأسبابٍ أمنية واقتصادية.
وأكّدت "فورين بوليسي" أنّ خفض الإمدادات يعدّ دليلاً إضافياً على أنّ الصفقة التاريخية النفط مقابل الأمن بين البلدين، والتي عززتها الولايات المتحدة منذ زمن بعيد، تقوم اليوم على سياسة "السعودية أولاً".
وهذا الأمر سيشمل إعطاء الأولوية للسياسة المالية المحلية أيضاً، فضلاً عن التواصل الدبلوماسي، خارج المظلة الأمنية الأميركية.
وشدّدت الصحيفة على أنّ خفض إنتاج النفط "يبسط يد السعودية الجيوسياسية من خلال زيادة طاقتها الفائضة المتاحة"، ما يمنح البلاد "قدرةً فريدة على تخفيف ارتفاع أسعار النفط في المستقبل".
كذلك، يُعزز خفض إنتاج "أوبك+" مكانة روسيا، في وقتٍ تحاول الدول الغربية فرض مصاعب اقتصادية عليها من خلال العقوبات التي تُقيّد عائداتها من النفط والغاز.
ويُظهر قرار "أوبك+" بخفض إمدادات النفط، أنّ الشراكة بين السعودية وروسيا بشأن استراتيجية أسعار النفط لا تزال قوية، حتى لو كانت تعكس مواءمة حالية للمصالح، بدلاً من تحالف استراتيجي دائم، وفق صحيفة "فورين بوليسي".
وقبل أيام، قلّل الرئيس الأميركي، جو بايدن، من شأن الخطوة التي اتّخذتها دول نفطية رئيسية، الأحد الماضي، وقرّرت بموجبها خفض إنتاجها بشكلٍ حادّ، بعدما كان البيت الأبيض قد انتقد الخطوة مؤكداً في الوقت نفسه أيضاً محدودية تأثيرها في الاقتصاد الأميركي.
يُذكر أنّ أسعار النفط العالمية ارتفعت أكثر من 5%، على خلفية تخفيضات الإنتاج التي أعلنها عدد من دول "أوبك+"، أبرزها روسيا والسعودية، وفقاً لبيانات التداول.
وكانت السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان والجزائر قرّرت، بشكلٍ مُنسّق خفض إنتاجها اليومي بأكثر من مليون برميل يومياً بالإجمال، بدءاً من أيار/مايو المقبل وحتى نهاية العام الجاري، في أكبر خفضٍ للإنتاج مُنذ قرار منظمة الدول المصدّرة للنفط وشركائها في تحالف "أوبك+" في تشرين الأول/أكتوبر 2022 خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً.