بعد مرور شتاء الأزمة.. أوروبا تدخل فترة حاسمة لتجديد مخزونات الغاز
قالت صحيفة "بلومبرغ" إنّ المسؤولين الأوروبيين لا يزالون يصدرون تحذيرات من أنّ الضغط قد لا ينتهي بعد، على الرغم من مرور شتاء الأزمة التي هدّدت بخنق إمدادات الطاقة والإطاحة بالاقتصاد الأوروبي.
وأضافت الصحيفة في مقال أنّ المنطقة تدخل فترة حاسمة لتجديد مخزونات الغاز، وتجنُّب أزمة الشتاء المقبل يتوقّف على نجاحها. ولن تكون أوروبا قادرة على الاعتماد على الإمداد الهائل لغاز خط الأنابيب من روسيا، في حين يعتمد مسؤولو الاتحاد الأوروبي على الشركات لإنهاء واردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا.
ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس شركة "Cheniere Energy Inc" أندرو ووكر، قوله إنّ السوق لا يزال على أهبة الاستعداد في حالة تكرار الأشياء التي حدثت العام الماضي، وقلب الموازين.
ووفقاً لووكر، فإنّ هناك مخاوف جديدة بشأن ارتفاع الطلب الصيني، إضافة إلى مزيد من الانخفاض في خط الأنابيب الروسي وإمدادات الغاز الطبيعي المسال.
ومع حلول فصل الصيف وبدء إرسال كميات صغيرة من الغاز إلى مواقع التخزين، تبرز أكبر المخاوف التي قد تواجهها القارة، وهي تشمل الصين والقتال من أجل الغاز الطبيعي المسال، فقد شكّلت واردات الغاز الطبيعي المسال القياسية العمود الفقري لجهود أوروبا لمعالجة الأزمة خلال العام الماضي. لكن التدافع على البضائع يمكن أن يبدأ في الازدياد.
وقد حذّرت وكالة الطاقة الدولية من أنّ أوروبا لا تزال تواجه خطر نقص الإمدادات هذا العام، ما لم تقيّد الاستهلاك بشكل أكبر، في وقت يعدّ فيه الطلب الصيني على الغاز الطبيعي المسال المجهول الأكبر.
ولدى الوكالة فرق 40 مليار متر مكعب بين أعلى وأدنى تقديراتها لصافي واردات الغاز الطبيعي المسال في البلاد هذا العام. هذا يعادل نحو 8% من إجمالي الطلب في أوروبا العام الماضي.
كذلك، حذّر المحللون في "Goldman Sachs Group Inc" و"SEB" من أنّ أسعار الغاز قد تتضاعف أكثر من المستويات الحالية إذا عاد الطلب الصناعي.
وتظهر علامات أن استخدام الغاز من قبل الصناعة، الذي شكّل ما يقرب من نصف إجمالي خفض الطلب في أوروبا العام الماضي، آخذ في الانتعاش، وهذا يظهر في صناعات تكرير النفط والبتروكيماويات في إسبانيا وهولندا وفرنسا، حيث من الأسهل تبديل الوقود مقارنة بالقطاعات الأخرى.
وتخشى أوروبا تبديل الوقود، إذ يجذب انحفاض أسعار الغاز، مقارنة ببدائل مثل الفحم أو النفط، محطات الطاقة في أوروبا.
وقد زاد توليد الطاقة بالفحم في أوروبا العام الماضي، منهياً سلسلة من الانخفاضات المطردة. إلا أنّه انخفض، حتى الآن، هذا العام بسبب ارتفاع إنتاج مصادر الطاقة المتجددة، وخاصة الرياح.
وتجاوز استخدام الغاز في الكهرباء الفحم في بعض الأحيان خلال الشهر الماضي، وهذا التحوّل مدعوم بارتفاع كلفة تصاريح الكربون، والتي تحتاجها محطات الطاقة لإطلاق الانبعاثات.
وأصبحت مشكلات شركة "Electricite de France SA" إحدى أكبر المخاطر على أوروبا لتجنُّب أزمة أخرى في الشتاء المقبل، توقّف عدد قياسي من المفاعلات النووية العام الماضي في البلاد ودفع الإنتاج الذري إلى أدنى مستوى له منذ 30 عاماً، بسبب أخطاء فنية عانت منها.
ونتيجة لذلك، كانت الطاقة هي القطاع الوحيد في أوروبا الذي ظل استهلاك الغاز فيه ثابتاً نسبياً العام الماضي على الرغم من انخفاض الطلب الإجمالي على الكهرباء، بينما قفز إنتاج الرياح والطاقة الشمسية.
وتبرز مخاوف من الجفاف بسبب التغير المناخي، حيث يُظهر التوازن الهيدرولوجي في جبال الألب - أو كمية الطاقة المخزنة في الخزانات والتجمعات الثلجية مقارنة بالمعايير الموسمية - أكبر نقص منذ عام 2017، في هذا الوقت من العام.
وقد يؤدي الطقس الحار إلى زيادة الطلب على الغاز للتبريد ،وإذا جف نهر الراين مرة أخرى، قد تتعطّل حركة الفحم ومنتجات النفط إلى ألمانيا.
وتواجه القارة الأوروبية احتمال انقطاع إمدادات الطاقة التام من موسكو، إضافة إلى مخاطر تخريب البنى التحتية أو الانقطاعات المفاجئة في مشروعات رئيسية، قد تضع سوق الغاز تحت الضغط مجدداً، بحسب ما قال نائب مدير عام دائرة الطاقة في المفوضية الأوروبية ماثيو بالدوين.