هل هذه هي اللحظات الأخيرة لليسار العلماني في "إسرائيل"؟
ذكر موقع "UNHERD" البريطاني أنّ من المرجح أن تشهد "إسرائيل" صعود محور جديد يركّز على القضايا الدينية - العلمانية، التي "ستوحد المعتدلين والمتشددين من اليسار والوسط وحتى الإسرائيليين العلمانيين من يمين الوسط تحت راية مقاومة جديدة لتدين إسرائيل".
وأوضح الموقع، في هذا الخصوص، أنّ اليسار العلماني في "إسرائيل" شهد للمرة الأولى أعمق مخاوفه الديمغرافية "مع بلوغ معدلات المواليد الأرثوذكسية المتطرفة (الحريديم) ما يقارب 7 ولادات لكل امرأة، أي ما يقارب 3 أضعاف معدل المواليد الإسرائيليين العلمانيين".
وأضاف "UNHERD" أنّ "التفوق الانتخابي للفصيل الديني في إسرائيل تبعاً للبيانات السابقة هو نتيجة محتومة فعلياً، في حين أنّ اليسار العلماني يعرف هذا منذ بعض الوقت، إلا أنّ ذلك لم يكن حقيقة سياسية من قبل كما هو الآن".
ووصف الموقع هذا الواقع بأنّه "يمثل تغييراً جذرياً كبيراً"، إذ إنّه في معظم السنوات السبعين الماضية "حكم حزب العمل الإسرائيلي سياسياً واقتصادياً وثقافياً، لكن بدأت هذه الهيمنة في التصدع في السنوات التي أعقبت الانتفاضة الأولى، وتحطمت أخيراً مع سقوط حزب العمل من حزب كبير إلى فكرة سياسية".
وأشار إلى أنّ "المحكمة تُمثّل بالنسبة إلى معظم العلمانيين الإسرائيليين الحصن الأخير ضد ما يرون أنّه إعادة كتابة كاملة للقانون من قبل الناخبين المتدينين".
لكنّ التعديلات القضائية "ستحوّل ميزان القوى بشكل ملحوظ لمصلحة الهيئة التشريعية، غير أنّ ما يعنيه هذا حقاً هو أنّ التحول يمكن أن يضع سياسة إسرائيل، فضلاً عن الظروف الثقافية والاقتصادية التي تنتج منها، في أيدي الأحزاب الدينية والقومية"، وفق الموقع.
وبحسب الموقع، فإنّ "الإسرائيليين العلمانيين الذين ما زالوا يشكلون نحو 45% من المجتمع الإسرائيلي، لن يقفوا مكتوفي الأيدي فيما يتكشف هذا الاتجاه طويل الأمد، فمن الممكن رؤية إعادة تنظيم سياسي يغير المحور السياسي التقليدي".
وأضاف: "من خلال تحقيق هذه القفزة بالتحديد إلى الوسط، قد يعاود اليسار الإسرائيلي الظهور كقوة سياسية"، مشيراً إلى أنّها "لحظة فاصلة، إذ يرى الإسرائيليون العلمانيون في حركة الاحتجاج دليلاً على أنه عندما يتم توحيدهم سياسياً، قد تظل قوتهم الديموغرافية سليمة".
من هم الحريديم؟
الحريديم طائفة يهودية متطرّفة تُطبّق الطقوس الدينية من خلال التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية. وقد سمتها الصحافة الإسرائيلية "أمهات الطالبان".
وكلمة "حريديم" هي جمع لكلمة "حريدي" وتعني "التقي". والحريديم يرتدون عادةً أزياء يهود شرقي أوروبا، وهي معطف أسود طويل وقبعة، إضافةً إلى "الطاليت"، وهو شال خاص بصلاة اليهود غالباً ما يكون أبيض اللون.
ويُطلق رجال الحرديم ذقونهم حتى تصل إلى صدورهم، ويُرسلون شعورهم، وتتدلى من خلف آذانهم خصلات شعر مجدولة. أما نساء الحريديم، فيرتدين لباساً يكاد يطابق البرقع.
ووفقاً لبيانات دائرة الإحصاء المركزية لعامي 2018-2019، فقد بلغ عدد اليهود المتدينين في "إسرائيل" مليوناً و250 ألفاً، وتسكن في القدس المحتلة النسبة الكبرى منهم بواقع 36%.
وتبلغ نسبة الحريديم 13.6% من سكان كيان الاحتلال، ويتضاعف عددهم كل 10 أعوام، ومن المرجّح أن تكون نسبتهم عام 2028 أكثر من الخمس، وفي عام 2059 ستتخطى نسبتهم 34.6% من إجمالي عدد السكان.
ويبلغ متوسط عدد المواليد في الأسرة الحريدية 10 أطفال فما فوق. ويتزوج 85% من الرجال الحريديم من المجتمع نفسه، ولا يعمل 50% من هؤلاء، بل يقضون معظم أوقاتهم في المدارس الدينية. أمّا النساء، فيخرجن للعمل في أماكن قريبة من سكنهن في المجالات المختلفة.
ويقول روغل آلفر في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إنّ نسبة الولادات الحريدية مشكلة تُهدّد وجود "إسرائيل"، ويرى أنّ "إسرائيل" الليبرالية والعلمانية، الطامحة إلى "ازدهارٍ اقتصادي كبير وإلى نظامٍ ديمقراطي"، لن تصمد مع نسبة الولادات الحريدية في العقود المقبلة.
ويردف آلفر أنّ "الجمهور الحريدي يستخدم الولادات سلاحاً في حربه على الجمهور العلماني للسيطرة على إسرائيل. لذلك، يخشى الجمهور العلماني التمدد الحريدي الحثيث".