20 عاماً على احتلال العراق.. أبرز أحداث الغزو الأميركي
كان يوم 20 آذار/مارس سنة 2003، يوماً استثنائياً، إذ أطلقت الولايات المتحدة الأميركية حربها ضد العراق تحت مزاعم شتى أبرزها كذبة الأسلحة المحركة دولياً وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين.
الولايات المتحدة لم تعمل منفردة، بل بمساعدةٍ بريطانية إذ شكّلت قوات بلغ تعدادها نحو 190 ألف جندي، مقسمين بين 150 ألف جندي أميركي، و40 ألف جندي بريطاني في عمليةٍ عسكرية أطلقا عليها "حريّة العراق" والتي تهدف "لجلب السلام والديمقراطية" المزعومة.
الدعم البريطاني للعملية كان يهدف إلى استغلال احتياطي النفط العراقي، فوق وثائق سرية، تمّت مناقشة الأمر بين مسؤولين حكوميين وبين كبريات الشركات النفطية العالمية، وخاصة البريطانية منها (شركات "شل" و"بي بي" و"بي جي") قبل عامٍ من تاريخ غزو العراق.
وأفادت الوثائق بأنّ الحكومة قالت لهذه الشركات إنّه من الضروري أن يكون للشركات البريطانية النفطية حصّتها من الاحتياطيات العراقية الهائلة من النفط والغاز، وذلك مكافأةً للدور الذي ستقوم به لندن والمتمثل في التزامها سياسياً وعسكرياً بالخطط الأميركية الساعية لإسقاط النظام في العراق.
أبرز أحداث الغزو الأميركي للعراق
أسابيعٌ ثلاثة كانت كافية من أجل حسم مصير الرئيس صدام حسين والسيطرة على بغداد في الـ 9 من نيسان/أبريل، وطبعاً جرى كعادة الولايات المتحدة الأميركية تبرير حربها بوجود أسلحة دمار شامل نووية وكيميائية على الأراضي العراقية، لكن في النهاية، لم يجر العثور على أيٍ من تلك الأسلحة.
- الخميس 20 آذار/مارس سنة 2003، وبعد انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الأميركي جورج بوش للرئيس العراقي صدام حسين بساعتين، للتخلي عن السلطة والرحيل عن العراق مع ولديه، بدأت القوات الأميركية والبريطانية هجوماً شاملاً على العراق.
هزّت بغداد انفجارات عشرات صواريخ الكروز والقنابل المحمولة جواً، في ضربةٍ أولى هدفت لاغتيال الرئيس العراقي، القوات العراقية ردّت على الغارات بالمضادات الأرضية وأطلقت 6 صواريخ سكود باتجاه القوات الأميركية في شمالي الكويت، إذ نجا الرئيس العراقي من الضربة. ووجّه الرئيس الأميركي خطاباً ببدء العملية العسكرية وردّ عليه نظيره العراقي بخطابٍ له بعد نحو ساعتين من بدء الهجوم، داعياً إلى مقاومة المحتلين.
- الجمعة 22 آذار/مارس، شنّت القوات الأميركية والبريطانية غاراتٍ وهجماتٍ صاروخية على بغداد والموصل وكركوك. وأعلنت القوات الأميركية أنّها توغّلت نحو 100 كلم في الأراضي العراقية وتحدّثت عن معارك مع القوات العراقية في الناصرية، فيما ذكرت القوات البريطانية أنّها عزلت البصرة وسيطرت على شبه جزيرة الفاو.
- بعدها بيومٍ تماماً، شهدت منطقة البصرة معارك عنيفة مع اندفاع قوات الاحتلال الأميركي-البريطاني في جنوب العراق، واعترف ناطق عسكري باسم قوات التحالف بوجود مقاومة عراقية في بعض أجزاء مدينة البصرة وميناء أم القصر، بعدما كان أعلن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد، سقوطهما إلى جانب منطقة الفاو. ونفت بغداد استسلام الفرقة 51 في الجيش العراقي، واتهمت القوات الأميركية باعتقال مدنيين عراقيين وتصويرهم كأسرى حرب.
- 24 آذار/مارس، القوات العراقية صدّت هجوماً بالدبابات في مدينة البصرة فيما تواصل القتال في أم قصر والناصرية والنجف التي بلغت القوات الأميركية مشارفها.
واعترفت القوات الأميركية بوقوع عدد من جنودها أسرى بيد القوات العراقية بعدما عرض التلفزيون العراقي صوراً لعدد من الأسرى وجثث القتلى. إلى ذلك، وصلت قوات أميركية بالطائرات إلى مطارات في الشمال من أربيل وأخرى قرب السليمانية لفتح جبهة في شمال العراق.
- 25 آذار/مارس، عبر 4 آلاف جندي من المارينز مدينة الناصرية، النقطة الأساسية في الطريق نحو بغداد التي لا تزال تبعد 370 كلم، عابرين نهر الفرات وسط قتالٍ عنيف.
- في اليوم التالي، شقّت القوات الأميركية طريقها وسط مدينة الناصرية بعد معاركٍ مع القوات العراقية واتجهت شمالاً لتخوض معركة بغداد التي اعتبرها صدام حسين "معركة الحواسم" وقد جرى تفجير دبابة أميركية في منطقة الفاو في هجومٍ انتحاري. كما قتل جنديان أميركيان بالقرب من حلبجة في هجومٍ انتحاري أعلنت جماعة "أنصار الإسلام" مسؤوليتها عنه.
- بعد 6 أيام، دخل العسكريون الأميركيون في معركةٍ برية مع وحدات من الحرس الجمهوري العراقي قرب مدينة كربلاء (وسط العراق).
- في 30 آذار/مارس، أوقفت القوات الأميركية زحفها باتجاه بغداد في انتظار فرقة المشاة الرابعة لتعزيز خطوط الإمداد ولتنظيم ساحة المعركة في ضوء مقاومة القوات العراقية. وأقرّت القوات الأميركية بمقتل 4 من جنودها في عملية تفجير سيارة مفخخة نفذها ضابط عراقي اسمه علي جعفر موسى حمادي النعماني بالقرب من النجف.
- استولى الأميركيون على مطار بغداد في الـ4 من نيسان/أبريل، فيما تحدّى صدام الغزاة بنزوله إلى حيّ سكني وإلقائه التحية على السكان.
- في 7 نيسان/أبريل، استولى التحالف الدولي على 3 قصور رئاسية في بغداد.
بعدها بيومٍ واحد، واصلت القوات الأميركية توغّلها وسط بغداد، فيما أعلنت القوات البريطانية أنّ معركة البصرة قد انتهت تقريباً على الرغم من وجود المقاومة.
- 9 نيسان/أبريل، استهدفت الطائرات الأميركية بـ 4 قنابل مُدمّرة زنة كل منها 2000 رطل مبنى في حي المنصورة في بغداد إثر تلقيها معلومات نقلتها المخابرات الأميركية حول وجود صدام حسين وولديه قصي وعدي في المبنى.
وقد دُمر المبنى تدميراً كاملاً وأثيرت تساؤلات حول الرئيس العراقي وولديه. واتجهت الأنظار نحو تكريت مسقط رأس الرئيس، حيث أعلنت القوات الأميركية أنّها تستعد لمهاجمة المدينة، فيما اعترفت هذه القوات بسقوط طائرة أميركية من نوع (أيه 10) بصاروخ أرض-جو عراقي.
وقصفت القوات الأميركية بالمدفعية فندق فلسطين وسط بغداد، حيث يحتشد الصحافيون ما أدّى إلى مقتل 3 منهم وإصابة عدد آخر بجروح.
- العاشر من نيسان/أبريل سنة 2003 سقطت بغداد في أيدي قوات الاحتلال الأميركية بعد 21 يوماً من الحملة العسكرية الأميركية البريطانية على العراق. إذ أقدمت القوات المحتلة على إسقاط تمثال ضخم للرئيس العراقي صدام حسين في ساحة الفردوس، وسط فوضى عارمة، إذ شبّه وزير الدفاع الأميركي دونالد رمسفيلد الحدث بـ"سقوط جدار برلين".
سقطت بعدها كركوك والموصل، أكبر مدن الشمال، بدون مقاومة بيد الكرد الذين انسحبوا بعد ذلك لصالح الأميركيين. وبعدها استسلمت تكريت (180 كلم شمال بغداد).
- في الأول من أيار/مايو سنة 2003، أعلن الرئيس الأميركي "نهاية المعارك"، وفي الوقت نفسه مواصلة ما أسماه "الحرب ضد الإرهاب"، من أمام حاملة طائرات في البحر قبالة كاليفورنيا. فوقه، رُفعت لافتة كتب عليها "المهمة انتهت".
وبين 2003 و2011، قتل آلاف العراقيين وفق منظمة "ضحايا حرب العراق". بينما أعلنت الولايات المتحدة عن 4500 قتيل في صفوف قواتها وطواقمها.
الأميركيون تعاملوا مع الشعب العراقي بنفس الوحشية التي تعامل بها أيّ دكتاتور، إن لم يكن أسوأ. وتعد حالات التعذيب التي شهدها سجن أبو غريب من أبرز الأمثلة على هذه الوحشية.
ليست نزهة
على الضفة الأخرى، تكلّفت الولايات المتحدة دماً ومالاً على مدار عام 2003 أكثر بكثير ممَّا خسرته طوال الفترة بين عامي 1991 إلى 2003.
فغزو العراق لم يكن نزهةً لواشنطن، فبعد أن قادت القوات الأميركية عملية الغزو على رأس تحالف وصل قوام قواتها فيه إلى 150 ألف عنصر عسكري، وتكبدت خسائر جسيمة، أعلنتها وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" انسحاب قواتها من العراق سنة 2011.
فقدت الولايات المتحدة، وفقاً لأرقام البنتاغون 4487 عنصراً في العراق منذ الغزو حتى الانسحاب، بينما تجاوز عدد الذين أصيبوا خلال العمليات العسكرية 32 ألف جندي.
أما بريطانيا، الشريك الرئيس لواشنطن في الغزو، فقد فقدت 179 عنصراً من عسكرييها، ووصل عدد قتلى بقية دول التحالف مجتمعين إلى 139 عنصراً، هذا غير الخسائر المادية التي تحمّلتها واشنطن.
وتصل الخسائر المادية التي تكبدتها الولايات المتحدة في عملية الغزو إلى 1.1 تريليون دولار حسب دراسة أعدتها جامعة براون الأميركية، والتي تعتقد أن الرقم سيصل إلى 2.2 تريليون بعد عام 2050، نظراً لدعم المحاربين القدامى والمصابين وتبعات أخرى، وهو ما يفوق بكثير تقديرات الحكومة الأميركية التي تراوحت بين 50 و60 مليار دولار.
وفقدت الولايات المتحدة منذ سنة 2003 حتى 2011 ما مجموعه 129 مروحية بين طائرات قتالية أو ناقلة، سقط معها أكثر من 277 قتيلاً وحدها، أما على الأرض فقد تكبّدت خسارة أكثر من 860 مركبة، تتوزع بين الدبابات والعجلات وناقلات الجنود.