انتخابات "الجهاد الإسلامي".. لماذا جرى تعتيمها في الإعلام الغربي؟
يُعبّر حدث انتخاب حركة الجهاد الإسلامي لمكتبها السياسي، ومشاركة نحو 94% من الكوادر الناخبة، عن التزام هذا الفصيل الفلسطيني المقاوِم، كغيره من حركات المقاومة المسلّحة في فلسطين، بصناديق الاقتراع لاختيار القيادات العليا، وهو التزامٌ فكريٌ واستراتيجيٌ وأخلاقي، في إطار تنظيم وبناء الحركة لمواجهةٍ أكثر فعاليةً وتأثيراً مع الاحتلال.
تعزّز هذه الخطوة حياة الديمقراطية داخل حركةٍ مقاوِمة، وتنظّم إمكاناتها، ولا سيّما في ظلّ الأوضاع الأمنية الضاغطة التي تتحرّك فيها، واحتدام الصراع مع حكومةٍ إسرائيلية قد تكون الأخطر والأشرس.
وتمثّل هذه الانتخابات التي نجحت بتنظيمها حركة الجهاد، النقيض للصراع الانتحاري الذي تعيشه "إسرائيل"، في أعقاب انتخاباتٍ فضحت الديمقراطية المزعومة لأحزاب الاحتلال، ودفعت المجتمع الإسرائيلي لاحتمال حربٍ داخلية باعتراف قادته ونخبه.
طبيعيٌ أن ترصد أجهزة مخابرات الغرب والدول التابعة له التحوّل في تنظيم وبناء حركة الجهاد، كغيرها من فصائل المقاومة، لكنّ مؤسساته السياسية ومراصده الديمقراطية إضافةً لإعلامه، تغيّب وتمحو أيّ أثرٍ لحدث الانتخابات بوصفه عمليةً ديمقراطيةً سياسية، بل تشكّك بشرعيّتها وتمثيلها، انطلاقاً من نفي وجود وحيثية المقاومة، تماماً كالموقف من الدول المناهِضة للهيمنة.
واقع الخطاب الرسمي الغربي الأطلسي، وإعلامه الفاقد للتوازن والموضوعيّة والمهنيّة يُفضي حكماً للتعتيم على أيّ بقعة ضوء، كالانتخابات الحرّة لأيّ حركةٍ مقاوِمة في فلسطين أو في خارجها، مقابل التركيز على برامج تشويهها وذمّها واتّهامها بالإرهاب والتطرّف.
انتخابات الجهاد.. نجاحٌ في أصعب الظروف
أكّد مراسل الميادين فن غزّة، أكرم دلّول، أنّنا أمام تجربة فريدة من نوعها لحركات المقاومة، وتحديداً المقاومة الفلسطينية التي تعيش على وقع احتلال إسرائيلي متغطرس، وبالتالي فإن حركة الجهاد الإسلامي توّجت حقبةً جديدة من تاريخها.
وأشار دلّول أنّه على اعتبار أنّ الظروف السياسية والميدانية التي تعيشها القضية الفلسطينية ربّما تكون هي الظروف الأخطر، وبالتالي أن تنجح حركة الجهاد الإسلامي في إبراز هويّتها عبر صناديق الاقتراع، وأن تحتكم لرأي قواعدها، هذا أمر له الكثير من الأهميّة.
ولفتَ دلّول، إلى أنّ إجراء الانتخابات في مثل هذه الظروف يؤكّد أنّ الحركة قوية ومتماسكة وتلتفت إلى قواعدها، وأنّها تقوى يوماً بعد آخر، وأنّ خيار المقاومة كان واضحاً بشكل لا يدع مجال للشكّ خلال نتائج الانتخابات، خصوصاً حينما يتّمّ تجديد الثقة بالأمين العام زياد النخّالة، وهو الرجل الذي يمثّل إجماعاً وطنياً فلسطينياً.
إلى أي مدى نجحت انتخابات الجهاد الإسلامي في ضخ دم جديد في الحركة؟ وأي تأثير لها على الحالة السياسية الراهنة؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) March 5, 2023
-مراسل #الميادين أكرم دلول في #التحليلية-@alaa_tarshishi1 pic.twitter.com/lKE7hPdW11
ازدواجية المعايير لا تغادر سلوك الإعلام الغربي
وأوضح محلّل الميادين لشؤون أميركا والأمم المتّحدة، نزار عبّود، أن الإعلام الغربي يتحرّك بإيعازاتٍ معروفة من الدوائر الرسمية، ربما وفقاً لموقف يُملى عليه من قبَل دوائر استخباراتية معيّنة، ليتجاهل ما لا يريدون للعالم أن يراه.
وأشار عبّود إلى تعاطي الإعلام الغربي، وتحديداً الأميركي اليوم مع حالة الانقسام في "إسرائيل"، والتي تمثّل لهم جوهرة التاج، والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، فلا يريدون أن تهبط في المسار نفسه الذي وصلت إليه جنوب أفريقيا في زمن التمييز العنصري، وبالتالي "إسرائيل" بالنسبة لهم يجب المحافَظة عليها والخوف من طيشها على نفسها.
ما دلالات تعتيم الإعلام الغربي على أنباء انتخابات حركة الجهاد الإسلامي؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) March 5, 2023
-محلل #الميادين لشؤون أميركا والأمم المتحدة نزار عبود في #التحليلية- @alaa_tarshishi1 pic.twitter.com/M6mqsozYKD
قال محلّل الميادين للشؤون السياسية والدوليّة، قاسم عز الدين، إنّ الانتخابات عندما تتعلّق بحركات المقاومة فستتجاهلها الدول الغربية والإعلام الغربي، لإنها تتعلق بالخط المقاوِم نفسه بالنسبة للجهاد أو حماس أو الجبهة الشعبية أو أي فصيل من فصيل المقاومة، فاللعبة الانتخابية في عالم الجنوب مطلوب بأنّ تُطبّق وتنفّذ سياسات التبعيّة والهيمنة الأميركية.
وأشار محلل الميادين، إلى أنّ حركات المقاوِمة لها هدف من الإصرار على إجراء هذه الانتخابات، أوّلاً تجديد الشرعيّة، وثانياً المحاسبة، وثالثاً تقويم السياسات باتّجاه الاستمرارية.