الشروط الأميركية الصعبة تقلق صانعي الرقائق الإلكترونية في كوريا الجنوبية

بعد تعرض هولندا ودول أوروبية عديدة للضغوط الأميركية على صناعة أشباه الموصلات، صحيفة "فايننشال تايمز" الأميركية تقول إنّ صانعي الرقائق في كوريا الجنوبية قلقون بسبب الشروط الأميركية الصعبة.
  • كوريا الجنوبية قلقة بسبب مطالبة الشركات بمشاركة بعض أرباحها الزائدة غير المتوقعة مع الحكومة الأميركية

ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" الأميركية، إنّ صانعي الرقائق الإلكترونية في كوريا الجنوبية، أعربوا عن قلقهم من "الشروط الصعبة" التي تمّ الكشف عنها هذا الأسبوع، للشركات التي تستفيد من صندوق فيدرالي أميركي بقيمة 39 مليار دولار، مصمم لتشجيع تصنيع الرقائق المتقدمة في الولايات المتحدة.

وأضافت الصحيفة: "مما يثير القلق بشكل خاص مطالبة الشركات، بمشاركة بعض أرباحها الزائدة غير المتوقعة مع الحكومة الأميركية".

وأوضحت أن الإعانات الجديدة تهدف إلى بناء "صناعة رائدة في مجال أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، كجزء من الجهود المبذولة لمواجهة الصين"، مشيرةً إلى أنّ صانعي الرقائق الكوريين الجنوبيين "قلقون بشأن الآثار المترتبة على ذلك لأنهم يخططون لبناء مصانع في الولايات المتحدة، ولا يزالون يعتمدون بشدة على عملياتهم في صناعة الرقائق في الصين".

وكانت مجلة "إيكونوميست" الأميركية، قد سلطّت الضوء في تقرير لها على "العراقيل التي تواجه الولايات المتحدة في محاولاتها لكبح جماح الصين في صناعة أشباه الموصلات"، بسبب القلق من هيمنة الصين على أشباه الموصلات.

وقال وزير التجارة السابق في سيؤول، يو هان كو، إنّ "البند المتعلق بتقاسم الأرباح الزائدة يبدو إشكالياً"، و"قد ترفع العديد من الشركات الصوت على هذا الأمر".

كما صرّح الوزير الكوري الجنوبي لصحيفة "فاينانشال تايمز" إنه "قد يشكل هذا الأمر سابقة مقلقة للدول الأخرى التي قد تحذو حذوها".

وقال مسؤول تنفيذي في الصناعة: "نحن في حيرةٍ من أمرنا بسبب هذه الظروف غير المتوقعة"، مضيفاً: "لم نر قط شيئاً كهذا لحوافز الدولة، ومن غير الواضح كيف سيحسبون فائض الأرباح. إنهم يريدون جني بعض أرباحنا عندما يكون العمل مزدهراً لكنهم لن يعيدوا أموالنا عندما تكون الصناعة في حالة ركود. ستكون هذه نقطة خلاف رئيسية".

كذلك، اعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" أنّ "صانعي الرقائق في كوريا الجنوبية وقعوا في خضم التنافس التكنولوجي المتزايد بين الولايات المتحدة والصين، حيث تهدد القيود التي تفرضها واشنطن على نقل التكنولوجيا بإضعاف قدرتها التنافسية في الصين"، مشيرةً إلى أنه "بموجب قانون الرقائق، يُطلب منهم عدم توسيع السعة في الصين لمدة عقد من أجل تلقي التمويل الفيدرالي".

اقرأ أيضاً: أشباه الموصلات.. أهميتها الاقتصادية وتأثيرها في الصراع العالمي

وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد حثّ الكونغرس في 26 تموز/يوليو 2022، على التصديق "في أسرع وقت ممكن" على قانون ينص على تخصيص 52 مليار دولار لدعم إنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: بايدن يوقع قانون إعادة انتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة 

وفي 5 كانون الأول/ديسمبر 2022، تعرضت هولندا إلى ضغوط من الولايات المتحدة، وقال موقع "سي أن بي سي"، إنّ واشنطن تضع عينيها على هولندا، في ما يتعلق بتصنيع أشباه الموصلات المتطورة، وبالتالي "الإمساك بمفتاح مستقبل الصين" في هذه الصناعة.

وفي 20 تشرين الأول/أكتوبر 2022، ذكرت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، أنّ تحسين مكانة الولايات المتحدة في صناعة الرقائق أصبح من أولويات الأمن القومي الأميركي.

اقرأ أيضاً: "أكسيوس": واشنطن تقيّد مبيعات الرقائق الالكترونية للصين

صفقات أوروببية تتعرض لمشكلات بسبب العلاقة مع الصين

في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، واجهت صفقتان أوروبيتان للرقائق الإلكترونية مشكلات، في شأن علاقاتهما مع الصين، وهي علامة على انتشار القلق في الغرب بخصوص سيطرة بكين المحتملة على البنية التحتية الحيوية.

وصدرت أوامر للمالك الجديد لأكبر شركة لتصنيع الرقائق في بريطانيا بإلغاء استحواذها، بعد أيام فقط من منع بيع مصنع رقائق آخر في ألمانيا، بحسب صحيفة "إندبندنت" البريطانية.

وقالت الصحيفة نفسها إنه "في المملكة المتحدة طلبت الحكومة من (نيكسبيريا)، وهي شركة هولندية تابعة لشركة (وينغ تك) لصناعة أشباه الموصلات المدرجة في شنغهاي، بيع 86% على الأقل من حصتها بـ"نيو بورت ويفر فاب"، بعد أكثر من عام من الاستحواذ على المصنع.

وتابعت: "في ألمانيا منعت وزارة الاقتصاد صانع رقائق السيارات (إيلموس سيميكوندكتور)، من بيع مصنعها في مدينة دورتموند إلى (سيلكس)، وهي شركة سويدية تابعة لشركة (ساي ميكرو إلكترونيكس) الصينية، وبالفعل كانت صناعة الرقائق تبرز كواجهة جديدة في التوترات بين الولايات المتحدة والصين".

وأشارت الصحيفة إلى أنّ "الضغط الأميركي أسهم في هذه القرارات، ومن المحتمل أيضاً أن يكون الشعور المتزايد بسيادة التكنولوجيا هو الدافع وراء هذه التحركات، فالحكومات في جميع أنحاء العالم تنظر بشكل متزايد إلى صناعة أشباه الموصلات كمورد استراتيجي وتسعى إلى حمايتها من عمليات الاستحواذ الأجنبية".

المفوضية الأوروبية تعتزم مضاعفة إنتاجها من الرقائق في 2030

تستعد المفوضية الأوروبية للكشف عن خطتها لزيادة الإنتاج الأوروبي للرقائق الإلكترونية بـ 4 أضعاف بحلول عام 2030، "وهي مبادرة رئيسية لصناعتنا وحاسمة من وجهة نظر جيوسياسية"، وفقاً لمفوض السوق الداخلية، تيري بريتون. 

وازداد الطلب على الرقائق الإلكترونية بصورة حادة في ظل تفشي وباء "كوفيد-19"، ما أثار أزمة تفاقمت مع إغلاق مصانع في الصين بسبب موجة من الإصابات.

يُذكر أنّ أشباه الموصلات تنتج بشكل رئيسي في آسيا، وتعدّ أساسية في صناعة السيارات والهواتف الذكية والتجهيزات الطبية وغيرها.

ومع تفشي وباء كورونا تراجع مخزون الرقائق الإلكترونية إلى حدٍّ مقلق. فيما أكدّت إدارة بايدن أنّ لهذه الأزمة تأثيراً مباشراً في زيادة التضخم في الولايات المتحدة.

المصدر: فايننشال تايمز