معاناة في تأمين الدبابات لأوكرانيا.. وفضيحة في جاهزية الجيوش الأوروبية
تحدّث تقرير في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، اليوم الثلاثاء، عن الصعوبة التي تعانيها دول القارة الأوروبية في تأمين دبابات "ليوبارد" الألمانية، بالكمية الكافية والنوعية الملائمة، من أجل إرسالها إلى ميدان المعركة في أوكرانيا، بحسب الاتفاق الأخير مع ألمانيا، مشيراً إلى أنّ "الجهود المبذولة كشفت مدى عدم جاهزية الجيوش الأوروبية".
وأكّد تقرير "نيويورك تايمز" أنه "بعد ما يقرب من شهر من منح برلين الحلفاء الأوروبيين الإذن بإرسال دبابات ألمانية الصنع إلى أوكرانيا، يبدو أن تدفّق الدبابات، الذي تعهّد عدد من القادة متابعته، سيكون هزيلاً للغاية".
واكتشفت عدة دول أن الدبابات الموجودة في مستودعاتها "لا تعمل في الواقع، أو تفتقر إلى قطع الغيار"، كما واجه القادة السياسيون مقاومة غير متوقعة داخل تحالفاتهم، وحتى من وزارات الدفاع في بلدانهم، بينما اضطرّ عدد من الجيوش إلى إعادة بعض المدربين من التقاعد من أجل تعليم الجنود الأوكرانيين كيفية استخدام الدبابات من الجيل الأقدم.
وأكّد التقرير أنّ "الكفاح من أجل توفير دبابات ليوبارد لأوكرانيا هو المظهر الأكثر وضوحاً للواقع، الذي تجاهلته أوروبا منذ فترة طويلة، عبر اعتقاد مفاده أنّ الحرب البرية واسعة النطاق أصبحت شيئاً من الماضي، بعد الحرب الباردة، وباتت دولها تعاني نقصاً مزمناً في تمويل الجيوش".
وكشف أنّ "ألمانيا وحلفاءها يكافحون منذ أسابيع لتجميع ما يكفي من دبابات "ليوبارد 2" من أجل تشكيل كتيبتين من الدبابات، أي ما مجموعه 62 دبابة ".
وعلى الرغم من امتلاك أوروبا نحو 2000 دبابة "ليوبارد 2"، من طُرُز متعددة، فإن التعهدات المقدمة إلى أوكرانيا لا تزال بالعشرات، إذ عرضت ألمانيا 18 دبابةً، وتعهّدت بولندا تقديم 14 أخرى، لكنّ الأرقام تنخفض فيما يرتبط بالدول الأخرى، كما يؤكد التقرير.
اقرأ أيضاً: "ليوبارد" الألمانية و"أبرامز" الأميركية.. هل تملكان القدرة على صد الهجوم الروسي؟
وفي السياق، عبّر وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، في مؤتمر ميونيخ للأمن هذا الشهر، عن صدمته من أنّ "عدة دول سلّمت دبابات، أو على الأقل أعلنت أنها ستفعل، لكن الآخرين لم يفعلوا ذلك".
وأضاف أن "هذا الأمر أصابني بصدمة بعض الشيء. من الواضح أن هناك بعض الدول، ولن أذكر أسماء هنا أبداً، لكن كانت لدينا بعض الدول التي فضّلت الاختباء خلف رفض ألمانيا الأوّلي، وعندما سمحنا لهذه الدول انسحبت".
جيوش الـ"بونساي" الأوروبية
ويشير التقرير إلى أن الجيوش الأوروبية المنكمشة تميل، حالياً، إلى حماية يؤمنها ما لا يزال لديها من العتاد والدبابات. وفي حلف "الناتو"، يطلق على الجيوش الأوروبية أحياناً اسم "جيوش البونساي"، نسبة إلى الأشجار الصغيرة الشهيرة.
وهناك حتى اليوم، وفقاً لتقديرات "الناتو" الحالية، 9 فقط من دول الحلف الـ 30 تنفق 2% من ناتجها على الدفاع. وكانت 13 دولة، بما في ذلك ألمانيا، تنفق نحو 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي لديها على الدفاع.
فنلندا
وأعلنت فنلندا أنّها "ستزود أوكرانيا بـ 3 دبابات من طراز ليوبارد لإزالة الألغام"، لكن لا شيء من دباباتها القتالية الرئيسة، البالغ عددها 200 دبابة من طراز ليوبارد.
وكان بعض المسؤولين الأوروبيين يأمل، بحسب "نيويورك تايمز"، الحصول على مساهمة أكبر من فنلندا، في ضوء وعود من الولايات المتحدة وبريطانيا بالدفاع عنها إذا لزم الأمر، حتى قبل الانضمام إلى "الناتو".
السويد
ويشرح التقرير أنّ "دول الشمال الأوروبي، مثل السويد، التي دفعت منذ فترة طويلة في اتجاه تسليم دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا، تواجه مشكلة كبيرة وغير متوقعة، وهي أنّ سياسييها وجماهيرها حريصون على تقديم دبابات إلى أوكرانيا، بينما جيوشها ليست كذلك، حتى مع كون الرقم المطروح هو 10 دبابات".
ألمانيا
في ألمانيا، قدّمت التقارير العسكرية السنوية إلى البرلمان، في بعض الأحيان، لمحات كوميدية عن النقص، إذ أجرت قوات الكوماندوس تدريبات مائية في حمامات السباحة العامة المحلية، لأنّ منشآتها الخاصة كانت مغلقة.
وتوجد طائرات ألمانية لا تستطيع الطيران، بينما سبق أن تدرب الجنود على استخدام عصيّ المكانس بدلاً من البنادق. وحتى أحدث مركبات المشاة القتالية، من طراز "بوما"، تعطّلت مؤخراً بصورة جماعية في شبه فضيحة عسكرية.
إسبانيا
سعت إسبانيا، التي تمتلك 108 دبابات ليوبارد 2A4، في وقت مبكّر للحصول على إذن ألماني لتقديم بعض دباباتها إلى أوكرانيا، لكنها اكتشفت الآن أنّ مجموعة منها في حالة سيئة، وتحتاج إلى تجديد قد يستغرق أسابيع أو شهوراً.
بولندا
تمتلك وارسو نحو 200 دبابة "ليوبارد 2"، لكنها تقول إنها ستوفر 14 دبابة فقط، وأرسلت أولى الدبابات إلى أوكرانيا في ذكرى الحرب السنوية، لغرض الدعاية، على الرغم من أن بولندا لم تُنهِ بعدُ تدريب الجنود الأوكرانيين على كيفية استخدامها.
وتتعرّض وارسو لانتقادات بسبب قيادتها حملة تأمين الدبابات إلى كييف، وتأخرها بعد إعلان الموافقة الألمانية عن تأمينها ميدانياً، نتيجة أسباب متعددة.
هولندا وبلجيكا
أطلقت هولندا وألمانيا وبلجيكا مبادرة مشتركة لتجديد 150 دبابة من طراز Leopard 1، وإرسالها إلى أوكرانيا، بحلول نهاية العام. لكن، في دورة تدريبية للجنود الأوكرانيين في ألمانيا، في وقت سابق هذا الأسبوع، قال جنرال إنّ "الجيوش أُجبرت على البحث عن سائقي دبابات ليوبارد 1 متقاعدين واستدعائهم من أجل العودة والمساعدة على تدريب القوات الأوكرانية، لأنّ النموذج القديم غير مألوف بالنسبة إلى الجيوش الحالية".
والهولنديون، على سبيل المثال، استأجروا 18 دبابة ليوبارد من ألمانيا. ويناقش المسؤولون حالياً ما إذا كان من الممكن لألمانيا أن تأخذ مجموعة منها من أجل استخدامها بدلاً من "بوما" في ليتوانيا، ثمّ إرسال هذه إلى أوكرانيا، كما يكشف التقرير.
سويسرا
من جهتها، ترفض سويسرا إرسال أيّ من دباباتها الـ 134، من طراز ليوبارد، إلى أوكرانيا.
ويريد قادة الدول أن تتحرك الصناعة أولاً، بينما يريد صانعو الأسلحة ضمانات حكومية طويلة الأجل قبل أن يضاعفوا الإنتاج. لكن، وفق المعدلات الحالية، ستواجه الجيوش نقصاً خطيراً في الدبابات خلال مدة تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام قد تستغرقها الصناعة لتأمين الدبابات الجديدة، كما يقول خبراء أمنيون.