فورين بوليسي: لماذا كانت استجابة الجيش التركي غير فعالة لكارثة الزلزال؟

تحقيق مطول لصحيفة فورين بوليسي الأميركية، عن علاقة إردوغان بالجيش التركي والتغييرات العميقة التي أجراها في المؤسسة العسكرية، والتي أدت بحسب التحقيق إلى الاستجابة الضعيفة من قبل الجيش لكارثة الزلزال.
  • فورين بوليسي: القدرات الطبية الميدانية للقوات المسلحة التركية اختفت في الزلزال الأخير

نشرت صحيفة ـ"فورين بوليسي" الأميركية، اليوم الجمعة، تحقيقاً يكشف عن علاقة الرئيس الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بالجيش التركي، والتغييرات العميقة التي أجراها في الآونة الأخيرة.

وقالت الصحيفة، إنّه في عام 1999، كان الجيش التركي سريعاً في الاستجابة للكارثة، أما في عام 2023، تركته إصلاحات إردوغان "متعثراً وغير مستعد".

يشار إلى أنّه في عام 1999، ضرب زلزال بقوة 7.4 درجة بالقرب من مرمرة في تركيا، مما تسبب في وفاة ما يقرب من 18000 شخص.

في هذا الصدد، أضافت الصحيفة، أن القوات المسلحة التركية حشدت على الفور، حينها، وفي غضون 48 ساعة الأولى، نشرت ما يقرب من 65000 فرد لقيادة جهود البحث والإنقاذ والإخلاء والإيواء.

ولفتت، إلى أن الجنود ذهبوا إلى ما وراء واجباتهم العسكرية الفعلية لتشغيل المستشفيات الميدانية، ومدن الخيام والمطابخ المتنقلة للمواطنين المتضررين، مما أثبت في النهاية أنه مهم لتعافي البلاد من الكارثة.

وفيما يخص استجابة الجيش للزلزال الأخير، أكدت فورين بوليسي في تحقيقها، أن الجيش التركي أمضى أهم 48 ساعة بعد الكارثة في المراقبة، مشيرةً إلى أنه في تلك النافذة الزمنية، تمّ نشر حوالي 7500 فرد فقط، ما يزيد قليلاً عن عُشر الاستجابة لزلزال مرمرة.

ووفقاً للتحقيق، تلقت استجابة الرئيس التركي للكوارث انتقادات واسعة النطاق، لا سيّما مشاركة القوات المسلحة التركية المتأخرة وغير الكافية في جهود الإنقاذ.

اقرأ أيضاً: الاقتصاد التركي أمام عقبات جديدة من جراء الزلزال

وأوضح التحقيق، أنه في القرن الحادي والعشرين، استخدمت البلدان في جميع أنحاء العالم جيوشها بشكل متزايد للاستجابة للأوبئة والكوارث الطبيعية بنجاح كبير، سائلاً: "لماذا إذن ظهر اتجاه معاكس في تركيا".

لم تكن استجابة القوات المسلحة التركية البطيئة وغير الفعّالة، وفقاً للصحيفة، بسبب افتقار أعضائها إلى الحافز أو عدم الكفاءة، بل "بسبب التحول المؤسسي الجذري الذي حدث في عهد إردوغان".

كانت أهداف إردوغان الأساسية هي "ترويض" الجيش، الذي اشتهر بالتدخلات السياسية، فضلاً عن التغلب على خصومه البيروقراطيين، وفقاً للتحقيق. وأضاف أنه في البداية، كجزء من "الإصلاحات الديمقراطية" التي نُفِّذت لعضوية الاتحاد الأوروبي، قام بإصلاحات جذرية للجيش التركي، وبذلك عزز سيطرته تدريجياً على أقوى مؤسسة في البلاد، وخلق بنية عسكرية مدنية شديدة المركزية والحزبية.

اللافت، بحسب الصحيفة، أنه منذ عام 2000، تمّ تقليص الجيش التركي إلى النصف فعلياً من خلال عمليات الفصل، وسجن الآلاف من الضباط، والجهود الأوسع لإضفاء الطابع المهني على الجيش وتقليص حجمه.

ومن بين هذه التعديلات، قانون التجنيد الجديد لعام 2019، الذي "اختصر" الالتزام بالخدمة العسكرية الإلزامية للذكور البالغين، ووسّع الإعفاءات المدفوعة من التجنيد.

وجاء في التحقيق، أنه خلال سنوات من التعديلات، أصبح الجيش التركي قوة أصغر وأكثر احترافاً تتكون من جنود بدوام كامل بدلاً من مجندين، على الرغم من أنها قوة أكثر قابلية للسيطرة من الناحية السياسية، إلا أنها "ليست أكثر كفاءة".

وأضاف، أن الهدف العملي الرئيسي لتعديلات إردوغان المدنية والعسكرية، كان تجريد الجيش التركي من مسؤولياته الداخلية وتحويله إلى قوة تركز فقط على الأمن الخارجي.

ومن عام 2007 إلى عام 2013 وما بعده من عام 2016 إلى عام 2018، أدت العديد من التعديلات القانونية والهيكلية إلى "تحقيق هذه الغاية وتقويض مسؤولية الجيش وقدرته على الاستجابة للكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ الأخرى".

وفي سياق متصل، قالت الصحيفة، إن القدرات الطبية الميدانية للقوات المسلحة التركية اختفت، بعد أن تخلى إردوغان عن القيادة الطبية والمستشفيات العسكرية كجزء من الاجراءات التي تلت محاولة الانقلاب عام 2016، موضحةً أنه في هذا الوقت القصير، أهدر الجيش التركي الاستعدادات عالية المستوى والخبرة التي اكتسبها من زلزال 1999.

اقرأ أيضاً: تركيا تفتح أكثر من 560 تحقيقاً في مجال البناء بعد الزلزال

المصدر: فورين بوليسي