متهمةً روسيا بشن حملة تضليل ضدها.. فرنسا تحاول العودة إلى أفريقيا
بعد أن تم إنزال العلم الفرنسي للمرة الأخيرة في معسكر بيلا زاغري في بوركينا فاسو، ونهاية 13 عاماً من وجود القوات الفرنسية في الدولة الواقعة غرب أفريقيا، ذكرت صحيفة "بوليتيكو"، إنّ "أسباب تراجع نفوذ فرنسا في منطقة الساحل متعددة الأوجه، متجذرة في تاريخها الاستعماري من جهة، ومن جهة أخرى هي أيضاً نتيجة طموحات روسيا لتوسيع موطئ قدمها في القارة".
وبعد الانتكاسات الأخيرة لفرنسا في القارة الأفريقية، والتي تمثلت بخروجها من بوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، تحاول باريس الآن، بحسب "بوليتيكو"، إحداث تغيير جذري في علاقاتها مع الدول الأفريقية.
إقرأ أيضاً: بوركينا فاسو تطرد قوات فرنسا..ما مكامن القوة في القرار والتنفيذ؟
ويتوجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والغابون الأسبوع المقبل، في مقابل جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مالي وموريتانيا والسودان في كانون الثاني/يناير الماضي.
ويُعد الانسحاب من بوركينا فاسو، هو أحد أهم الانتكاسات للرئيس الفرنسي، الذي وعد بنهج يقوم على "شراكة متساوية" تجاه أفريقيا عندما وصل إلى السلطة عام 2017.
كذلك، زار وزير القوات المسلحة الفرنسية سيباستيان ليكورنو ساحل العاج في وقت سابق من هذا الأسبوع، للمرة الثانية في أقل من عام، لمناقشة شروط الوجود العسكري الفرنسي في المنطقة.
وتحدثت "بوليتيكو"، عن أن "خروج القوات الفرنسية بشكل منهجي، يقابله في بعض الدول قدوم عناصر من منظمة فاغنر الروسية"، مشيرةً في الوقت نفسه، إلى أن "بوركينا فاسو نفت أنها أبرمت صفقة مع فاغنر".
كما أوردت أنه عبر "فاغنر"، "تشن روسيا حرب معلومات متطورة ومنسقة، ضد دور فرنسا في أفريقيا، ما جعل الأخيرة تقوم بخطوات رداً على ذلك".
وفي هذا السياق، قال ماكرون في وقت سابق، إن "الجيش يجب أن يركز أيضاً على عمليات التأثير، في مواجهة حملات التضليل ومحاولات التلاعب بالمدنيين - لا سيما في أفريقيا".
كما قال مسؤول حكومي فرنسي تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته: "لم نبن ما يكفي من القوة الناعمة. يجب أن يكون سفراؤنا أكثر هجوماً عندما يتعلق الأمر بطرح الروايات المضادة، بدلاً من التواصل فقط داخل الأطر المؤسسية".
إقرأ أيضاً: بوغدانوف: روسيا تعمل على افتتاح سفارات جديدة في أفريقيا
وفي إطار الخطوات الفرنسية رداً على "الدعاية السياسية التي تقوم بها موسكو ضد دورها في أفريقيا"، وفق "بوليتيكو"، فإن "وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية أنشأت وحدة جديدة لاكتشاف العلامات المبكرة لحملات التضليل وتزويد المسؤولين الفرنسيين في جميع أنحاء العالم بـ (مكتب خلفي) للمساعدة في الاستجابة لعمليات الأخبار المزيفة"، وفقاً لدبلوماسي فرنسي مطلع على العمليات.
في المقابل، يقول بعض الخبراء والمشرعين الفرنسيين إن ما أسموه "آلة التضليل الروسية" لم تكن لتكون فعالة في أفريقيا "لو كان سِجِل فرنسا في القارة أفضل في العقود الماضية"، بحسب "بوليتيكو".
وأشارت في هذا السياق، إلى أنّ "المستعمرات الفرنسية السابقة مالي وبوركينا فاسو وتشاد احتفظت بصلات مع فرنسا لفترة طويلة، لكنها على الرغم من ذلك، تصنف كواحدة من أفقر الدول في العالم، كما تشهد تدهور لأمنها بشكل مطرد، على الرغم من أن القوات الفرنسية قاتلت المسلحين الذين يشنّون عمليات إرهابية متتالية في منطقة الساحل منذ عام 2013".
ورأى أرنو لو غال، وهو مشرع من حزب المعارضة اليساري الذي يرأس مجموعة الصداقة بين فرنسا وبوركينا فاسو في الجمعية الوطنية، أنّ "الدعاية الروسية لا تخلق بيئةً جديدةً، ولن يكون لها أي تأثير لو لم تتراكم الأخطاء الفرنسية في أفريقيا".
والجدير ذكره، أنه بالتزامن مع التوترات القائمة بين السلطات في أفريقيا وفرنسا، تحركت روسيا والصين في المنطقة، عبر إبرام اتفاقات عسكرية وأمنية واقتصادية متعددة، مع مختلف الدول الأفريقية، والتي من خلالها تستطيع هذه الدول التغلب على الأزمات التي عاشتها في ظل الوجود الفرنسي.