أهالي تجمّع خلة الضبع يواجهون حركة "ريغافيم" الاستيطانية
عملت حركة "ريغافيم" الصهيونية منذ عام 2006 تحت مسمى "جمعية الحفاظ على الأراضي القومية"، وهي حركة تسعى لإيجاد "قنوات قانونية" لتنفذ أوامر الهدم التي تصدر عن سلطات الاحتلال ضد البيوت والمنشآت والأراضي الفلسطينية.
ويرتكز نطاق عمل الحركة على مناطق النقب المحتل، والمناطق المصنّفة "جيم" بحسب اتفاقية أوسلو، والتي تبلغ نسبتها 60%، أي نحو 36% من نسبة أراضي الضفة المحتلة. وفي الوقت ذاته، تشهد هذه المناطق توسعاً استيطانياً. وقد بلغ عدد المستوطنات 125 مستوطنة وقرابة 100 بؤرة استيطانية، وبلغ عدد المستوطنين فيها 325,500 مستوطن مع نهاية عام 2011.
أجندة صهيونية
تمتلك الحركة الصهيونية موقعاً إلكترونياً تحصد من خلاله التبرعات تحت شعار "كونوا شركاء". يعرض الموقع رؤية حركة "ريغافيم" وتوجهاتها. إحدى هذه الرؤى "قيادة أجندة يهودية صهيونية لإسرائيل في جوانب الأرض والبيئة". وضمن تصنيفات عملها في الموقع، جاء أنها تعمل على عدة مستويات، منها القانوني والبرلماني والإعلامي، كما الميداني والبحثي.
تعد "ريغافيم" ذراع الحكومة الإسرائيلية. في ما يتعلّق بالجانب القانوني، فإنها تقدم الالتماسات للمحاكم الإسرائيلية، وتسعى لإيجاد ما يسمى القنوات القانونية لتنفيذ مذكرات الهدم التي تصدرها المحاكم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
وفي سياق متصل، لا يقتصر عمل الحركة على الجانب القانوني، إنما يعتدي مستوطنو "ريغافيم" بشكل مباشر على الفلسطينيين في المناطق المهددة بالمصادرة والإخلاء، كما أنهم يستخدمون النظم التكنولوجية مثل الطائرات من دون طيار، ويستعينون بالصور الجوية التاريخية.
ويمكن الاسترشاد بشكل مباشر بالتوجهات الأيديولوجية للحركة، عبر خطاب عضو الكنيست الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتس؛ أحد مؤسسي الحركة وناشطيها، قائلاً خلال مقابلة تلفزيونية مع القناة الثانية الإسرائيلية: "ليس ثمة شيء اسمه شعب فلسطيني".
وفي سياق متصل، ينسجم التمهيد التعريفي للحركة وخطابها الصريح والواضح في موقعها الإلكتروني مع عملها على أرض الواقع، إذ كانت قد نشرت في وقت سابق عدداً من المقالات حول نشاطها المشارك في الاستيطان في الضفة الغربية.
من يموّل حركة "ريغافيم"؟
رصد موقع "وقف تمويل العنصرية" تمويل حركة "ريغافيم" التي تتلقى أموالاً من صندوق "إسرائيل الواحدة" والصندوق المركزي الإسرائيلي وصندوق "استقلال إسرائيل"، وهي مسجلة منظمات خيرية في نيويورك.
ويضيف التقرير الصادر عن وقف تمويل العنصرية أنَّ الصندوق المركزي الإسرائيلي دعم حركة "ريغافيم" بمبلغ 553 ألف دولار عام 2019. وفي العام نفسه، أعلن صندوق "استقلال إسرائيل" أنه "مؤيد فخور لريغافيم".
"ريغافيم" تهدد مسافر يطا
قابل فريق الميادين نت للمرة الثانية المواطن والناشط جابر دبابسة وعدداً من أهالي خلة الضبع للحديث عن انتهاكات المستوطنين بحماية "جيش" الاحتلال، بعد مضي ما يقارب 4 أشهر على قرار الأمر العسكري الصادر عن محكمة الاحتلال، والذي يقضي بتهجير أهالي تجمع خلة الضبع وإعلان "المنطقة منطقة عسكرية".
وفي هذه الأثناء، ينتظر الأهالي التهجير في أي لحظة بعدما ناضلوا من أجل انتزاع حقوقهم بكل الوسائل والسبل، وإحداها التصدّي والصمود في أراضيهم، بعد إعلان التجمع منطقة عسكرية في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي. كما أن أهالي تجمع خلة الضبع يواجهون تهديداً مباشراً من المستوطنين، وما زالت محكمة الاحتلال تصدر الأوامر العسكرية لبعض الأراضي الزراعية التي يملكها الأهالي.
وقال الناشط جابر دبابسبة للميادين نت إنَّ سلطات الاحتلال سلَّمته إخطاراً قبيل شهر لقطعتين من الأراضي الزراعية، إحداها تضمّ 80 شجرة زيتون. يُشار إلى أن الأرض مهددة بالمصادرة والاقتلاع منذ 3 سنوات، ويضيف دباسبة: "هذه الأرض ما بتطعمي العائلات، ولكنها تعب وجهد 3 سنوات".
وأضاف دبابسة أنَّ العائلات تعيش حالاً من الانتظار والقلق منذ قرابة شهر، وبعد مرور أيام على قرار اقتلاع أشجار الزيتون، فإن التخوف ليس من القرار وتبعاته التي قد تمهّد لاقتحامات ليلية ينفذها "جيش" الاحتلال بشكل مفاجئ فحسب، إنما أيضاً ارتفاع وتيرة اعتداءات المستوطنين على المزارعين وعلى مواطني خلة الضبع، وكان آخرها تحريض وضغط من مستوطني حركة "ريغافيم" على الحكومة الإسرائيلية لتهجير الأهالي.
وفي سياق متصل، اعتدت مجموعة من المستوطنين على طلبة من تجمع خلة الضبع أثناء ذهابهم إلى المدرسة قبيل شهر، وأضاف دبابسة: "كان عدد من الطلبة ذاهبين إلى مدرستهم في منطقة التواني المحاذية للتجمع، وقامت مجموعة من المستوطنين بالاعتداء عليهم".
وأمام الاعتداءات المستمرة على الأهالي والأطفال الَّذين يترددون إلى المدرسة الوحيدة في بلدة التواني، يواجه الأهالي اعتداء آخر من شرطة الاحتلال و"جيشه". ويشير دبابسة إلى أنَّ الأهالي بعد الاعتداءات اتصلوا بالشرطة الإسرائيلية، لتردّ عليهم بأن هؤلاء المستوطنين مستأجرون للاعتداء والتضييق عليهم.
من يسند الأهالي في مقابل دعم الإرهاب الصهيوني لحركة "ريغافيم"؟
وعلى الرغم من أنَّ الأهالي يستقبلون بشكل مستمر المتضامنين الأجانب مع خلة الضبع لإطلاعهم على الأوضاع والمستجدات التي تلامس حياتهم اليومية، فإنهم يتلقون الوعود التي تبقى معلقة من دون فعل حقيقي، بحسب الناشط جابر دبابسة.
وقالت المواطنة ليلى دبابسة، وهي أمّ لسبعة أطفال، للميادين نت، إنَّ نساء تجمع خلة الضبع يعملن بشكل متواصل إلى جانب رجال التجمّع، ولكن يقتصر عملهن على الزراعة البيتية وحرفة التطريز بإمكانيات بسيطة، وتضيف: "لدينا أراضٍ واسعة، ولكننا لا نستطيع استغلالها بحكم المضايقات التي يشهدها التجمع".
وأضافت دبابسة: "ناشدنا المؤسسات والجمعيات لتقديم المساعدة وتدريب النساء من أجل العمل، ولكن لم نجد أي نتيجة لهذه المناشدات".
ويُذكر أن 20 عائلة فلسطينية في خلة الضبع تعيش يومياً حالاً من القلق بعد إصدار قرار مصادرة الأراضي وإعلانها منطقة عسكرية من قِبل الإدارة المدنية الإسرائيلي في تشرين الأول/أكتوبر من العام المنصرم، ويظلّ مستقبل 80 فرداً يعيشون فيها مجهولاً.