إلى أين تتجه أزمة مصر.. وما أبرز مؤشراتها؟
تحدّث تقرير في موقع "بلومبرغ" بعنوان "كيف نعرف إلى أين تتجه أزمة مصر التي تتكرّر كل عقد"، عن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي دخل فيها الاقتصاد المصري، وأهمية مراقبة سعر صرف الجنيه المصري وأرقام التضخم وحجم المساعدات التي قد تقدّمها دول الخليج، لمعرفة إلى أين تتجه الدولة المصرية ووضعها الاقتصادي والنقدي.
واعتبر التقرير أنّ "مصر في خضم أزمة مألوفة، إذ انخفضت العملة، وحصل نقص في المعروض من العملات الأجنبية، وارتفعت تكاليف المعيشة"، لافتاً إلى أنّ "هذه التجربة تحدث مرّة كل عقد في مصر، مما يجعل البلد ثاني أكبر مقترض لصندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين".
وأضافت "بلومبرغ" أنّ "صانعي السياسة يقولون إن هذه المرة مختلفة، وأنّ مجموعة من الإصلاحات الموعودة ستعطي تحوّلاً في أسواق مصر واقتصادها، وربما في المجتمع ككلّ"، لكنّ هذا "لا يجعل التنبؤ بموعد انتهاء الأزمة الحالية أمراً سهلاً".
وأشار التقرير إلى 5 نقاط يجب مراقبتها، قد تُظهر إلى أين تتجه الأمور بعد ذلك.
الجنيه
وأكّد التقرير أنه "امتثالاً لطلب صندوق النقد الدولي، أصبحت العملة المصرية أكثر مرونة، لكن فترات الاستقرار الطويلة أعقبت اندفاعات من التقلبات وهبوطاً حاداً".
وقال إنّ "إنهاء حالة عدم اليقين هذه، وإظهار ممارسة استخدام الاحتياطيات الدولية والأصول الأجنبية للبنوك لحماية الجنيه قد تمّ تجاهله حقاً، وقد يكون ذلك مفتاحاً لكلّ شيء آخر تقريباً"، مضيفاً أنه "لن يضخّ المستثمرون المزيد من الأموال في السندات أو حصص الشركات إذا لم يتمكنوا من استبعاد انخفاض آخر في العملة".
وتابع بأنه "قد تكون بعض حالات الانخفاض والارتفاع المتواضعة للجنيه في الأسابيع المقبلة علامة على أنّها تعكس العرض والطلب بشكل أكثر دقة، كما أنّ الاستئناف المطّرد لبعض الواردات، بعد تسوية التأخير في الموانئ المصرية، من شأنه أن يُظهر تحسّن تدفقات النقد الأجنبي والضغط على تخفيف الجنيه".
ولكن في حين أنّ الانخفاضات الأكثر حدّة قد تكون قد انتهت، فإنّ المحللين "لا يستبعدون المزيد من الضعف هذا العام" في قيمة العملة المصرية.
اقرأ أيضاً: مصر 2023: انكماش وتراجعٌ للجنيه وشهاداتٌ بنكية لعلاج التضخم
الدَيْن
وناقش التقرير أنّ "الأيام التي كان يحتفظ فيها المستثمرون الأجانب بالديون المحلية المصرية بأكثر من 30 مليار دولار قد تكون ولّت منذ فترة طويلة، لكنّ الانتعاش المتواضع في الفائدة الخارجية قبل تموز/يوليو قد يشير إلى أن البلاد في طريقها لتغطية فجوة التمويل الفورية".
وتستهدف السلطات المصرية الوصول إلى 2 مليار دولار من صافي التدفقات الداخلة بحلول ذلك الوقت، وهو هدف يعتمد على الأرجح على ثقة المستثمرين.
كما أنّ "الاعتماد الأكبر على مبيعات السندات سيقرع أجراس الإنذار، مما يشير إلى أنّ مصر تتراجع عن خططها للابتعاد عن الأموال الساخنة والعودة إلى نهج ساعد في تحفيز الأزمة الحالية"، تضيف الوكالة.
مساعدات الخليج
كانت التوقعات بأنّ حلفاء مصر الخليجيين سيفتحون الصنابير بالكامل في غير محلها، تؤكّد "بلومبرغ".
فمضى عام تقريباً منذ التعهّد بتقديم أكثر من 10 مليارات دولار من الاستثمارات، لم يتحقّق سوى جزء بسيط من هذا التمويل، الذي وصفه صندوق النقد الدولي بأنّه "حَرِج"، وأثارت التعليقات الأخيرة للسعودية بشأن "السعي لتحقيق الإصلاحات قبل أن تقدّم دعماً للدول الأخرى" تكهّنات بشأن تعطيل هذه الاستثمارات.
وكلّ هذا يعني أنّ الصفقة الكبيرة التالية - التي من المحتمل أن تتضمن في الغالب بيع حصة مملوكة للدولة المصرية في شركات كبرى إلى الإمارات أو قطر أو السعودية - قد تكون لحظة فاصلة، يتبعها بسرعة المزيد من المعاملات، تتوقع "بلومبرغ".
وقد يشير ذلك إلى أنّ المستثمرين الخليجيين يرون أن الجنيه قد وصل إلى القاع، مما يسمح لهم أخيراً بالاستقرار على ما يرون أنه أسعار محلية عادلة للأصول.
خروج الدولة من الاقتصاد
وأشارت الوكالة إلى أنّه "في أعماق تقرير صندوق النقد الدولي الأخير، كان هناك أسطر قد تكون مفتاحاً لمستقبل مصر؛ أي التعهّد بكبح المشاركة الشاملة للدولة في الاقتصاد، بما في ذلك من قبل الجيش المصري".
ويؤكد التقرير أنّه "لا أحد يتظاهر بأنّ الأمر سيكون سهلاً"، إذ حذّر صندوق النقد الدولي من أنّ "أيّ إعادة توازن قد تواجه مقاومة من أصحاب المصالح المكتسبة".
وحدّدت مصر 32 من الأصول المملوكة للدولة التي ستبيع فيها حصصاً، وستُعتبر الحركة السريعة للعروض خطوة إيجابية بالنسبة للمؤسسات الدولية، كما سيكون من المهم أيضاً البيع الأول على الإطلاق لشركة مرتبطة بالجيش المصري، وهي شركة "الوطنية"، وهي شركة توزيع وقود تدير شبكة وطنية واسعة من محطات الوقود، بحسب "بلومبرغ".
التضخم الاقتصادي
وأخيراً، يؤدي التضخم الاقتصادي المتسارع، الذي لا يُظهر أيّ علامة على التراجع أو التباطؤ، إلى زيادة البؤس على أكثر من 100 مليون شخص في مصر.
إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية في كانون الثاني/يناير بأسرع وتيرة على الإطلاق، وفيما تقول الحكومة إنّ "معالجة الارتفاع يمثل أولوية قصوى"، بدأت العائلات في تقليص نفقاتها، وتمّ تقديم خصومات خاصة بفترة شهر رمضان في وقت مبكر.
وتدرك السلطات المصرية المخاطر، إذ ساعدت تكاليف المعيشة المتزايدة في اندلاع انتفاضات ما عرف "بالربيع العربي" منذ أكثر من عقد بقليل، وكان لمصر حظّ كبير منها، ويتوقع أنه عندما يبدأ التضخم في التباطؤ، ربما في النصف الثاني من عام 2023 على أقرب تقدير، قد يكون ذلك مؤشراً يوفّر بعض الراحة على المدى القريب.