لافروف: روسيا في قلب معركة جيوسياسية.. وواشنطن نسفت استقلالية أوروبا
أكّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أنّ "موسكو تخوض صراعاً جيوسياسياً ضدّ واشنطن"، وأنّ "الأزمة في أوكرانيا هي في مقدمة هذا الصراع"، معتبراً أنّ "الدول الغربية ليست حريصة على إنهاء الأعمال العدائية".
وأدلى لافروف بهذه التصريحات خلال مقابلة مطولة مع وسائل إعلام رسمية روسية، اليوم الخميس، اتّهم فيها الولايات المتحدة "بتجريد الاتحاد الأوروبي من أيّ مظهر من مظاهر الاستقلال".
أوكرانيا كمركز للمعركة الجيوسياسية
وقال لافروف إنّ "الدول الغربية تريد شلّ روسيا بفرض عقوبات عليها في سعي لإعادتها عشرات السنين إلى الوراء"، في إشارة إلى كلمات رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، مصرّحاً بأنّ روسيا "في قلب معركة جيوسياسية، وليس هناك شك في ذلك".
وأضاف لافروف أنّ "الجنود الروس الذين يقاتلون في أوكرانيا هم أبطال"، وأنّ "أعمالهم يقومون بها من أجل مستقبل البشرية، حيث لن تكون هناك شروط للهيمنة الأميركية الكاملة".
واشنطن أخضعت السياسيين الأوروبيين
وقال الدبلوماسي إنّ الولايات المتحدة "أخضعت السياسيين الأوروبيين، وأخذت آخر آثار الاستقلال من الاتحاد الأوروبي"، وقال لافروف إنّ "نوع الديمقراطية الذي يدافعون عنه، يتلخص في حقّهم في أن يفرضوا على الآخرين ما يجب أن تبدو عليه الديمقراطية".
وبيّن وزير الخارجية الروسي أنّ "واشنطن تضغط على الدول الأخرى لتقدّم ما تقدمه في أوكرانيا، ولا تعرض أيّ مزايا أو مقابل للامتثال لطلباتها، وتهدّد بمعاقبة أيّ معارضين لها"، واصفاً هذا النهج بأنّه "ذروة البراغماتية، ولكنه أيضاً ذروة السخرية".
وأوضح لافروف أنّ "جوهر السياسة الخارجية الأميركية هو الاستثنائية الأميركية، وإيمان واشنطن بـعصمتها وتفوقها" على الآخرين.
اقرأ أيضاً: بوتين: روسيا تصدّ عدوان الغرب الجماعي.. وردنا لن يقتصر على استخدام المدرّعات
كيف تصف النوايا الغربية في أوكرانيا؟
وأصرّ لافروف على أنّ "الصراع في أوكرانيا مستمرّ في الاشتعال لأنّ الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، ترفض التوقف حتى تستنتج أنها أزالت التهديدات التي تواجه هيمنتها"، كاشفاً أنّ "الغرب منع كييف من السعي لتحقيق السلام مع موسكو".
وبحسب الدبلوماسي الروسي البارز، لم يعترض أحد عندما حظر الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي المفاوضات مع روسيا بموجب القانون، ولم يوبّخه أحد عندما ادعى أنه لا يفهم من يتّخذ القرارات في روسيا ومن يجب أن يتحدث معه".
واقترح لافروف أنّ "زيلينسكي يشعر بالخجل على الأرجح من سيطرة الغرب عليه والتلاعب به، ويلجأ لذلك إلى الإسقاط النفسي".
من هو البلد "المناهض لروسيا" التالي؟
وسُئل لافروف عن الأمة التي يمكن أن تتحول بعد ذلك إلى "معادية لروسيا"، وهو مصطلح استخدمته القيادة الروسية لوصف أوكرانيا في وضعها الحالي، فأشار إلى أنّ "مولدوفا يمكن أن تلعب هذا الدور، بسبب شخصية رئيستها مايا ساندو".
واعتبر لافروف أنّ ساندو "تمّ تنصيبها على رأس البلاد من خلال أساليب محددة بعيدة كل البعد عن الحرية والديمقراطية"، مشيراً إلى أنها "تحمل الجنسية الرومانية، وهي مستعدة للاندماج مع رومانيا والقيام بأي شيء تقريباً"، كاشفاً عن كونها "تندفع نحو الناتو".
ولفت لافروف إلى أنّ "جورجيا كانت مناسبة للوصف في عهد الرئيس السابق ميخائيل ساكاشفيلي، لكنّ الحكومة الحالية في تبليسي تضع المصلحة الوطنية في المقام الأول".
لا حاجة للمساعدة في أوكرانيا
وبشأن انضمام دول أو قوات محلية إلى الحرب الدائرة لمساعدة روسيا، أكّد لافروف أنّه "لم يكن لدى روسيا وليس لديها أي نية لطلب مساعدة عسكرية من حلفائها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي في أوكرانيا".
وشدّد على أنّه "لدينا كل ما نحتاجه لتحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة ، لإنهاء هذه الحرب التي بدأها الغرب من خلال نظام كييف بعد الانقلاب عام 2014 في أوكرانيا".
اقرأ أيضاً: لافروف: سنتخلص من النظام المالي الغربي وسنستعيد الأصول الروسية
الصين وروسيا والعولمة
كما تطرق لافروف إلى الصين وعلاقاتها مع موسكو وموقفها من العولمة الأميركية، واصفاً "العلاقات الروسية الصينية الحالية بأنها الأقوى على الإطلاق"، وأنّه "ليس لديها قيود ولا حدود ولا قضايا محظورة للنقاش".
وأضاف أنّ "كلاً من موسكو وبكين تريدان ببساطة متابعة التنمية الوطنية في إطار المعايير الحالية للتجارة الدولية".
وقيّم الدبلوماسي الوضع الحالي بأنّ "الصين تهزم الولايات المتحدة على أرضها بموجب قواعدها الخاصة"، وبحسب لافروف ، فإنّ "هذا هو سبب تراجع الولايات المتحدة عن المبادئ الاقتصادية التي انتشرت في جميع أنحاء العالم واستغلتها في الماضي".
وقال لافروف إنّ "الشكل الحالي للعولمة في نظر موسكو لم يعد له سمات إيجابية"، مضيفاً أنّ الروس أدركوا "ذلك في وقت أقرب من غيرهم، لأنهم كانوا أول من يتلقى اللكمات".
وأوضح أن روسيا لديها "انغماس أقلّ من الصين في النظام المالي العالمي المتأثر بالولايات المتحدة والآليات الأخرى التي تتضرر بفعل سياسات واشنطن الحالية".
وتوقع لافروف أنّ الأمر "سيستغرق بعض الوقت بالنسبة للصين لتقليل انخراطها في تلك الآليات، ولخلق أدوات بديلة للدفاع عن مصالحها"، لكنه أكّد أنها "تتحرك في هذا الاتجاه".