بريطانيا: مع تدهور الوضع المعيشي.. مئات الآلاف يتظاهرون وسط إضرابات واسعة

المعلمون والموظفون المدنيون في المملكة المتحدة ينظمون تظاهرات جماهيرية وإضرابات جماعية، هي الأكبر منذ عقد، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وتدني الأجور.
  • جانب من التظاهرات الحاشدة في لندن احتجاجاً على تدني الأجور

تظاهر ما يصل إلى نصف مليون معلم وموظف مدني وعامل في سكك الحديد، اليوم الأربعاء، احتجاجاً على تدني الأجور، في أكبر إضراب منسق منذ عقد من الزمن، فيما تهدد النقابات بمزيد من الإضرابات. 

ودُعي نحو نصف مليون شخص في المملكة المتحدة إلى الإضراب، الأربعاء، عشية مرور مئة يوم على تشكيل حكومة ريشي سوناك المحافظة، وغداة تظاهرات جرت في فرنسا ضدّ إصلاح نظام التقاعد.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

وأغلقت الإضرابات الجماهيرية في جميع أنحاء البلاد المدارس، وأوقفت معظم خدمات السكك الحديدية، وأجبرت الجيش على الاستعداد للمساعدة في عمليات التفتيش على الحدود، في يوم أطلق عليه اسم "يوم الأربعاء".

ووفقاً للنقابات، فقد شارك ما يصل إلى 300 ألف معلم، وهي أكبر مجموعة شاركت، كجزء من نشاط أوسع من قبل 500 ألف شخص، وهو أعلى رقم منذ عام 2011، عندما انسحب موظفو الخدمة المدنية بشكل جماعي.

ورفع المحتجون لافتات كُتب عليها "رفع الأجور" و "المدرسة تريد فقط الحصول على المال" و"أنقذوا مدارسنا". وتوجّه الحشد الكثيف إلى مقر البرلمان قبل أن يتوقف أمام مقر الحكومة.

كما رفع العاملون في مجال التعليم لافتات كتب عليها "الأطفال يستحقون أفضل" و "أنقذوا مدارسنا وادفعوا".

اقرأ أيضاً: شبح الإضرابات يلاحق فرنسا وبريطانيا.. وأوكرانيا القشّة التي قصمت ظهريهما

دعم شعبي 

ونشرت روابط عدّة لذوي التلامذة بياناً مشتركاً عبّرت فيه عن "دعمها" للحركة الاجتماعية، لافتةً إلى "نتائج سنوات من نقص التمويل" في المدارس.

وفي طريقهم إلى التجمع، تلقى المضربون عن العمل دعماً كثيفاً، وصفق لهم المارة وسائقو السيارات والحافلات الذين عبروا أمامهم.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

وفي السياق، عبّرت وزيرة التربية،ـ جيليان كيغن، عن شعورها "بخيبة أمل" وعن قلقها من هذا التحرّك.

ودافع رئيس الوزراء ريشي سوناك، خلال جلسة الاستجواب الأسبوعية أمام البرلمان عن موقف حكومته بالقول: "منحنا المعلمين أعلى زيادة في الرواتب منذ 30 عاماً"، مشدّداً على أنّ "تعليم أطفالنا ثمين وهم يستحقّون أن يكونوا في المدرسة اليوم".

وفي وقتٍ سابق، قال سوناك خلال زيارة لعاملين في قطاع الصحة، يخططون لمواصلة إضرابهم في الأيام المقبلة: "لا أريد سوى أن تكون لدي عصا سحرية لأدفع لكم جميعكم أكثر".

غير أنّ رئيس الوزراء يرى أيضاً أنّ رفع الأجور سيساهم في زيادة التضخم وتراجع المالية العامة التي تواجه صعوبات منذ بداية جائحة كوفيد-19 وأزمة الطاقة.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

واتخذت حكومة سوناك موقفاً متشدداً ضد النقابات، بحجة أنّ الاستسلام لمطالب الزيادات الكبيرة في الأجور من شأنه أن يزيد من تفاقم مشكلة التضخم في بريطانيا.

اقرأ أيضاً: "لوموند": القادم أصعب.. اقتصاد بريطانيا ينزلق إلى الركود 

ويأتي ذلك وسط تحذيرات من  مزيد من الإضرابات المنسقة، إذ حذّر اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، الذي يمثل نحو 100000 موظف مدني مضرب من أكثر من 120 دائرة حكومية، من مزيد من الإضرابات المنسقة.

وقال الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، مارك سيروتكا، لرويترز، إنّ "بريطانيا ستشهد مزيداً من الإضرابات، مع انضمام المزيد والمزيد من النقابات، إذا لم تفعل الحكومة شيئاً حيال ذلك، مضيفاً: "نحن بحاجة إلى المال الآن".

ومن المقرر تنظيم إضراب جديد في قطاع السكك الحديد اعتباراً من الجمعة، فيما صوّت عناصر الإطفاء لمصلحة إضراب هو الأول من نوعه خلال 20 عاماً. كما سيضرب عن العمل مجدداً قطاع التمريض والإسعاف في شباط/فبراير.

التضخم في بريطانيا يقضم المداخيل

الجدير ذكره أنّ الحركة الاحتجاجية مستمرة منذ الربيع. ومنذ حزيران/يونيو 2022، سجّل مكتب الإحصاء 1.6 مليون يوم عمل "ضائع".

ويطالب منفّذو الإضرابات في مختلف القطاعات برفع الأجور بما يتماشى مع زيادة التضخم البالغ 10.5% في المملكة المتحدة والذي يقضم المداخيل، ما يدفع بملايين البريطانيين نحو الفقر.

وتشير التوقعات الأخيرة لصندوق النقد الدولي إلى أنّ المملكة المتحدة ستكون هذا العام الاقتصاد الكبير الوحيد الذي سيعاني من ركود مع انكماش بنسبة 0.6% من إجمالي الناتج المحلي.

An error occurred while retrieving the Tweet. It might have been deleted.

ويشمل هذا التحدّي كذلك ظروف العمل والمعاشات التقاعدية ورغبة الحكومة في تقييد الحق في الإضراب.

وبعد 100 يوم في السلطة، يجد سوناك نفسه في موقف صعب، فهو من جهة يبدي حزماً لمواجهة الحركات الاجتماعية المدعومة من الرأي العام، ويواجه انتقادات حول نزاهة أغلبيته بعد سلسلة من القضايا التي تذكر بفضائح عهد بوريس جونسون. 

اقرأ أيضاً: "لو باريزيان": بريطانيا مع سوناك تزداد تصدعاً.. إضراباتٌ وتضخمٌ وغلاء معيشة

المصدر: وكالات