"بريكس" في قمتها الـ15.. كيف نشأت وما التحديات والفرص؟

ما هي منظمة "بريكس"؟ من هي دولها الأعضاء؟ وما هو الدافع وراء إنشاءها؟ وهل استطاعت التأثير في الاقتصاد العالمي؟
  • "بريكس" في قمتها الـ15.. كيف نشأت وما التحديات والفرص؟

تستضيف جنوب أفريقيا، غداً الثلاثاء، الدورة الـ 15 من قمة الـ"بريكس"، على مدى 3 أيام من 22 إلى 24 آب/أغسطس، من أجل البحث في مجموعة من القضايا الاقتصادية.

هذه القمة المرتقبة، تأتي في توقيتٍ مهم، ولا سيما أنّ مجموعة "بريكس" حققت، في الأعوام الأخيرة، نتائج مثمرة في الأمن والسياسة والاقتصاد والتجارة والتمويل، وغيرها من مجالات التعاون، لتصبح بذلك نموذجاً عن التعاون بين دول الجنوب العالمي.

وبينما تعرّف "بريكس" نفسها، عبر موقعها الإلكتروني، بأنّها مجموعة غير رسمية من الدول، تضم البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا، وأنّ روسيا هي الجانب "الذي بادر إلى إنشاء هذه المجموعة"، أصبحت اليوم أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، نظراً إلى أرقام النمو التي باتت تحقّقها مع توالي الوقت، الأمر الذي جعلها محط اهتمام عدد من الدول الأخرى، التي ترغب في الانضمام إليها.

ومن أجل معرفة أهمية النجاح الذي حققته هذه المجموعة، لا بدّ من العودة إلى ظروف نشأتها، والاطلاع على ما استطاعت تقديمه خلال الأعوام الماضية.

من "بريك" إلى "بريكس"

طُرح مصطلح "بريك"، لأوّل مرة، عبر الخبير الاقتصادي في "غولدمان ساكس" (مؤسسة خدمات مالية واستثمارية أميركية)، جيم أونيل، في أثناء دراسته وصف الأسواق في الدول الأربع المؤسِّسة للمجموعة (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين)، والتي كانت تحقّق معدّلات نمو كبيرة، على مستوى الإنتاج العالمي.

وأشار أونيل إلى أنّ من المتوقع أن تنمو دول "بريك"، بصورة أسرع، من مجموعة الدول السبع، التي تتكوّن من 7 اقتصادات عالمية، وهي كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة واليابان.

وكلمة "بريك" (BRIC) هي اختصار صاغه أونيل، للحروف الأولى من أسماء الدول الأعضاء الأربع. وفي وقت لاحق من عام 2010، انضمت جنوب أفريقيا إلى المجموعة، ليصبح اسمها "بريكس" (BRICS).

وعلى الرغم من أنّ المجموعة ليست منظمة رسمية متعددة الأطراف، مثل الأمم المتحدة أو البنك الدولي أو منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، فإنّها تتمتع بمستوى عالٍ من التفاعل السياسي (مثل القمم السنوية). كما استطاعت إنشاء مؤسسات اقتصادية، مثل بنك التنمية الجديد (NDB)، وترتيب الاحتياطي الطارئ (CRA).

"صوت وتمثيل أكبر"

بمبادرة من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عُقد الاجتماع الأوّل لوزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين، في أيلول/سبتمبر 2006، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بينما أكّد المشاركون اهتمامهم بتطوير تعاون رباعي متعدّد الأوجه.

هذا الاجتماع فتح الباب أمام التعاون بين دول "بريك". وعُقد أوّل مؤتمر قمة له عام 2009، إذ عقد وزراء خارجية هذه الدول اجتماعهم الأوّل في مدينة يكاترينبورغ في روسيا، ورفعوا درجة تعاون دول "بريك" إلى مستوى القمة.

وأكد البيان المشترك، الصادر عن الاجتماع، الحاجة إلى أن يكون للاقتصادات القوية والناشئة "صوت وتمثيل أكبر" في النظام العالمي.

وفي عام 2010، وافقت الدول الأعضاء، في اجتماع لوزراء الخارجية، على انضمام  جنوب أفريقيا، التي تترأس هذا العام مجموعة دول "بريكس".

وخلال عقد قمة "بريكس" في مدينة شيامين الصينية، في عام 2017، تمّ الحديث عن خطة "بريكس بلس" (BRICS plus) التوسعية، والتي تهدف إلى إضافة دول جديدة إلى مجموعة "بريكس"، كضيفة بصورة دائمة، أو مشارِكة في الحوار.  

نصف الإنتاج العالمي

تبلغ مساحة دول "بريكس" مجتمعةً نحو 40 مليون كيلومتراً مربعاً. ويقدَّر إجمالي عدد سكانها بنحو 3.24 مليارات نسمة، أي أكثر من 40% من سكان العالم. ومن المتوقَع أن ينمو عدد سكان دول "بريكس" بمقدار 625 مليون بين عامي 2000 و2026، إذ يعيش معظمهم في الهند والصين.

ووفقاً للبيانات المنشورة في نهاية آذار/مارس 2023، من جانب الشركة البريطانية، "أكورن ماكرو" للاستشارات، توفر "بريكس" حالياً 31.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وسيتجاوز 27.6 تريليون دولار، في نهاية هذا العام.

ومن المتوقع، بحلول عام 2040، أن تساهم "بريكس" في أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إذ سيسمح التوسع المقترح في شكل "بريكس +"، من خلال انضمام عدد من البلدان الكبيرة إلى "بريكس"، بالوصول إلى مستوى نصف الإنتاج العالمي للسلع والخدمات.

وبحسب وكالة "بلومبرغ" الأميركية، فإنّ 22 دولة قدّمت طلباً رسمياً من أجل الانضمام إلى المجموعة، بينها السعودية وإيران، في حين أنّ الدول، التي أعربت عن اهتمامها بالانضمام، تشمل الأرجنتين والإمارات والجزائر ومصر والبحرين وإندونيسيا.

التحديات والفرص

تواجه "بريكس" عدداً من التحديات. فعلى الرغم من أنّها تمثل أكثر من 40% من سكان العالم، فإنّ حقوق التصويت لديها محدودة في بعض المؤسسات المالية الدولية.

كذلك، تعاني "بريكس" أزمات جيوسياسية واقتصادية، يختلقها الغرب من أجل إبطاء نمو دولها.

إلا أنّ عدداً من الفرص المتاحة يمكّن "بريكس" من المساهمة في إحداث تغييرات في النظام العالمي، كطرح نموذج اقتصادي ريادي يحفّز سائر الدول على الانضمام من دون مخاوف.

كذلك، يُعَدّ إنشاء عملة موحدة أو استخدام العملات المحلية في التبادلات التجارية بين دول "بريكس" وسيلة فعالة لمواجهة احتكار الدولار الأميركي والتخلّص من هيمنته.

وفي هذا الإطار، عبّر تقرير، نشره موقع "UNHERD" البريطاني، عن مخاوف الغرب، قائلاً إنّ "ما قد نشهده هو ظهور كتلة تجارية واقتصادية تكنوقراطية إلى حد كبير، على غرار نظام بريتون وودز بعد عام 1945، والتي من شأنها أن تشير إلى بداية حقبة جديدة".

المصدر: الميادين نت